كنيسة القيامة بالقدس يعد قرار البابا شنودة بمنع زيارة الأقباط دون تحرير القدس ودخول المسيحيين في صحبة إخوانهم المسلمين موقفا سياسيا بالدرجة الأولي، وكان من الأسباب الرئيسية في الصدام بين البابا شنودة والرئيس السابق محمد أنور السادات، التي أدت إلي تفكير السادات في الإطاحة بشنودة من رئاسة الكنيسة القبطية، كما قام بنفيه مؤقتا في دير وادي النطرون. ووفقا لتصريحات القس ميصائيل كاهن كنيسة القديسة هيلانة في القدس، فإن الكنيسة رفضت استقبال المسيحيين المصريين الذين جاءوا إلي القدس، مضيفاً لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية: لم نسمح لهم بالصلاة أو ممارسة طقس التناول، الأمر الذي أغضبهم بشدة، حتي أن بعضهم أراد التشاجر معنا". ويبدو أن التساؤل حول مدي سريان قرار البابا شنودة بمعاقبة وحرمان كل مَن يسافر إلي القدس، خصوصاً بعد أسابيع من وفاته، دفع القائم مقام البابا لشئون الكنيسة الأرثوذكسية الأنبا باخوميوس إلي التأكيد في بيان كنسي علي أن جميع القرارات التي أصدرها البابا شنودة الثالث لم يتم التراجع عنها أو تعديلها، وأهمها قراره في شأن عدم زيارة القدس، حيث قال "لن يدخل المسيحيون القدس إلا وأيديهم في أيدي المسلمين". وقال عضو المجلس الملي الأرثوذكسي القمص صليب متي ساويرس ل"آخر ساعة": "قائم مقام البابا هو مَن سيصدر العقاب الكنسي وهو الحرمان من التناول من الأسرار المقدسة، وهو الوحيد المخوَّل له حله، لكن الكنيسة لم تحدد حتي الآن كيفية الاجتماع لإصدار هذا الحرمان". في المقابل، أشار نائب بابا روما في مصر الأنبا يوحنا إلي أن "أهل مكة أدري بشعابها"، لافتاً إلي أن الفلسطينيين يشجِّعون الزيارة إلي القدس، وأضاف: "بالنسبة للموقف الوطني لاشك أن تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن التي أيد فيها زيارة المصريين إلي القدس تكفي". وكانت شركة "إير سينا" للطيران قد أعلنت الأحد الماضي عن تسيير جسر جوي بين القاهرة وتل أبيب لنقل مئات الأقباط المصريين في رحلات حج للمعالم السياحية والدينية بمدينة القدس وهي المرة الأولي من نوعها عقب وفاة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية يذكر أن هذا الجسر الجوي هو الأول من نوعه لنقل مصريين إلي إسرائيل منذ توقيع اتفاقية السلام في عام1979, حيث سيتم تنظيم رحلة أو رحلتين يوميا بطائرات سعة الواحدة104 مقاعد. وقال مصدر في شركة "إير سينا" المسؤولة عن رحلات النقل الجوي إلي تل أبيب في تصريح ل "آخر ساعة" إنهم نقلوا عدداً كبيراً من المسيحيين خلال الأيام الماضية للحج إلي الأراضي المقدسة، ومن المقرر أن تتكثّف الرحلات خلال الأسبوع المقبل، مضيفاً أن هذه الرحلات مستمرة منذ حياة البابا شنودة نفسه، وأضاف:"هذه الأعداد ليست جديدة علي الإطلاق، خاصة في هذا التوقيت من العام الذي يعتبره المسيحيون أسبوعاً مقدسا". فيما أعلنت مصادر في مطار القاهرة أن شركة إير سينا للطيران قامت، بتسيير جسر جوي بين القاهرة وإسرائيل لنقل مئات من الأقباط المصريين لزيارة القدسالمحتلة خلال أسبوع الآلام، وذلك للمرة الأولي من نوعها منذ قرار البابا الراحل شنودة الثالث حظر سفر الأقباط إلي القدس الصادر عام 1979، والذي ربطه بانتهاء الاحتلال الإسرائيلي لها، وفيما أكدت الكنيسة الأرثوذكسية التزامها بالقرار وتوعدت بمعاقبة المخالفين أعلنت الكنيسة الكاثوليكية عدم ممانعتها في زيارة الأماكن الدينية في القدس. من جانبه أكد جمال أسعد، المفكر القبطي أن موقف البابا شنودة من زيارة القدس موقف سياسي وليس دينيا، فالبابا شنودة اتخذ موقفاً وطنياً وتميز عن غيره من البابوات في مساندة القضية الفلسطينية وكذب الادعاءات الإسرائيلية التي كانت تقول إن فلسطين أرض الميعاد. وأضاف أسعد لا يملك أحد من الناحية الدينية منع الأقباط من زيارة القدس، وزيارة تلك الأعداد للقدس بعد رحيل البابا لتحررهم من موقفه السابق، وهو موقف لن يتغير بمجيء البابا الجديد الذي لن يختلف موقفه عن البابا شنودة من الناحية السياسية، ولكن من الناحية الدينية من الصعب حرمان الناس من زيارة الأماكن التي عاش فيها السيد المسيح. في السياق ذاته قال كمال زاخر، المفكر القبطي ومنسق عام حركة العلمانيين الأقباط، بالفصل ما بين السياسي والديني، فالبابا كان يعبر عن موقف سياسي معين وكانت الأجواء وقت اتخاذ قرار منع الزيارة ملتهبة بعد اتفاقية كامب ديفيد، ولابد من التعبير عن موقف الكنيسة التي رفضت الزيارة. مضيفا: "لا يجب تسييس زيارة القدس، خاصة أن هناك شغفاً طبيعياً بزيارة تلك الأماكن".