نتنياهو ومحمود عباس بني اليهود أحلاما وآمالاً حول أحقيتهم المزيفة في أرض فلسطين، ووصل بهم الحال أنهم صدقوا وآمنوا بهذه الأحقية ، ولكن بأي حق يطالبون وهم كمثل الذي اشتري سورا في أحد الأراضي وظن أنه بذلك امتلك الأرض كلها . ولكن المشكلة الحقيقية ليست فقط في تصديقهم المطلق لهذه الأكاذيب ولكنها تكمن في موافقة الشعوب العربية علي مطامع إسرائيل في فلسطين ومجاراتهم في المفاوضات الوهمية التي يحاولون فرضها الآن متجاهلين تاريخهم الذي يؤكد أنه لن يهدأ لهم بال حتي يقوموا بالاستيلاء علي الأرض كلها وطرد جميع الفلسطينيين منها إلي أي بلد آخر. وأوضحت الدكتورة ليلي أبو المجد رئيس قسم اللغة العبرية بجامعة عين شمس سابقا رأيها حول هذا الموضوع تاريخيا ودينيا قائلة : علي أي حق يبني اليهود مزاعمهم، كم عام عاشه اليهود في هذه الأرض حتي تصبح ملكهم فقد كان موطن إبراهيم عليه السلام هو آشور شمال العراق وكانت أرض فلسطين أرضا مقدسة يعبد فيها الإله العلي من قبل دخول إبراهيم فيها ، وقد أمره ربه أن يخرج من آشور ويذهب إلي أرض الغربة «فلسطين» ولم يستمر بها فترة طويلة فعندما انتشر القحط ذهب هو وسارة إلي مصر فقراء لا يملكون شيئا وخرجوا منها بثروة هائلة وكميات كبيرة من الأغنام كلها من خيرات مصر وعادوا بها إلي فلسطين ولم يعودوا إلي آشور .. أما يعقوب عليه السلام الذي ادعي اليهود أنه أخذ البكورية بدلا من إسحق فقد هرب من هذه الأرض وهاجر إلي أرض لابان في العراق بين النهرين وعاش فيها وتزوج وصنع ذريته هناك ، حتي أن موسي عليه السلام نبي اليهودية تربي في مصر في قصر فرعون ولم يدخل أرض كنعان «فلسطين» وعوقب من بعده جيل كامل وحُرم من دخول فلسطين . 300 عام في فلسطين وإذا بحثنا عن فترة الملكية في سفر الملوك أول وثاني من العهد القديم سنجد أنها لم تتعد 40 عاما ومن بعدها قسمت المملكة واختفوا منها ، وحتي إذا جمعنا الفترات التي تواجد فيها اليهود بأرض فلسطين لن تتعدي 300 عام متفرقة بينما عاش فيها العرب 600 عام أي 6 قرون متواصلة فلم يتركوها منذ بداية القرن 8 وحتي نهاية القرن الثالث عشر . ويبرر اليهود استيلاءهم علي أرض فلسطين بأن إبراهيم قد اشتراها قديما وهذه المعلومات مغلوطة تماما فهو لم يشتر سوي المغارة التي دفن بها زوجته سارة في الوقت الذي لم يجد فيه مكانا في أرض غربته ليدفنها. وإذا نظرنا إلي الجانب الديني سنجد أن اليهود يدعون أن الله وعدهم في التوراة بهذه الأرض ، ولكن الله تعالي ذكر في القرآن لإبراهيم هذه الأرض لك ولنسلك من بعدك و لم يخص بالذكر اليهود فقط فكلنا نسل إبراهيم إذن فهي لأصحاب كل الديانات وللمسلمين والمسيحيين أيضا حق في هذه الأرض. أشارت الدكتورة ليلي إلي أن اليهود قد بدأوا في إظهار هذه المزاعم مع بداية ظهور الصهيونية وأن أساس إقامة دولة إسرائيل ناتج عن حركات القوميات والتنوير الأوروبية في القرن 18 ورغبة الأوروبيين في التخلص من أصحاب كل الديانات المخالفة لهم بل وحتي المذاهب المختلفة وأُنشئت أول دولة عنصرية في العالم . بمرور الوقت تصاعدت فكرة عدم قبول اليهود في أوروبا فقام هتلر بحل جزء من هذه المشكلة بطريقته الخاصة، والجزء الآخر وجدوا له حلا فجعلوهم يختارون أي مكان آخر في العالم لينتقلوا إليه فاختاروا فلسطين والأرجنتين واختارو أوغندا أيضا نظرا لقربها من منابع النيل ، وقامت أوروبا بجلب قبائل جديدة وإشعال حروب علي منابع النيل وتهجير السكان الأصليين من بلادهم والاستيلاء علي الأرض بكل الطرق الممكنة من قتل وذبح وتعذيب وترويع بزعم أن لليهود حقا في هذه الأرض . الهيكل اليهودي مصري ومن ناحية أخري سوف نجد أنه لولا مصر لما عُرفت اليهودية فاليهود مقتبسون عقائدهم من القدماء المصريين وغيرهم فاللغة العبرية أصلها آرامية وسرقها اليهود وعدلوها وحتي الخط العبري أصله آشوري، والهيكل الذي يعتبره اليهود أقدس مكان لديهم هو في الأصل ليس إلا معبدا مصريا قديما في شمال الحامية المصرية وكل ما بداخله مصري والدليل علي ذلك أن اليهودية تنهي عن التجسيم والتجسيد فكيف يوجد بداخل الهيكل تابوت مجسم عليه تمثال لملاك لديه أجنحة؟ فالمعبد مصري، والمدبح مصري وحتي المغطس بجوار الهيكل مصري فقد كان بجوار كل معبد يوجد بحيرة مقدسة يغطس بها الكاهن ليتطهر قبل دخوله المعبد، حتي إن ملابس الكهنة اليهود كلها خاصة بالكهنوت المصري وهذا لا يطلق عليه سوي تهويد وليس يهودية.. واعتبرت الدكتورة ليلي محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين ليست إلا حقا يراد به باطل فإن إسرائيل تريد ترسيخ فكرة يهودية الدولة وجعلها دولة دينية أي عنصرية ولتحقيق ذلك لابد من تطهيرها وطرد أصحاب الديانات المخالفة، وإذا وافق العرب علي ذلك فلنتأهب لاستيلائهم علي الأرض خطوة تلو الأخري، فبمجرد الاعتراف بيهودية أرض فلسطين ستقوم إسرائيل بالاستيلاء عليها وتقسيمها كيفما تشاء وتخصيص الجزء الأكبر لأنفسهم وتتفكك الدولة . بعد قراءة إسرائيل للتاريخ مع فلسطين جيدا قررت أن تعيد تطبيقه بالضبط فالعقلية اليهودية مبنية علي حيازة الأرض بالبناء عليها وفرض الأمر الواقع مثلما تفعله الآن من بناء للمستوطنات حتي خارج الخط الأخضر، ولكنها تراعي فروق التوقيت حيث إنها أصبحت مواكبة للتكنولوجيا فاختلفت وسائل التحريض والتهديد. وبالرغم من ذلك ظهرت في إسرائيل بعض التيارات المعارضة لهذه الخطة ولسياسة إسرائيل الدموية معللين السبب بأن الأرض التي وعدهم بها الله سوف يدخلونها بسلام دون إراقة الدماء والاستيلاء علي الأرض بالعنف. وأشار الدكتور أحمد حماد أستاذ التاريخ واللغة العبرية بجامعة عين شمس أنه لا يوجد جنس يهودي فاليهودية ديانة فقط، وذُكر في الكتاب المقدس أن اليهود عندما خرجوا من مصر ودخلوا أرض فلسطين كانت القبائل العربية التي عُرفت بالشعب الكنعاني تسكنها وظل اليهود يحاربونهم حوالي 350 عاما في عصر القضاة، إذن فقد حدث غزو للأرض وسرقوها من أصحابها باعتراف النص التوراتي . أما من الناحية الدينية ففي الأصل لم تنزل الديانة اليهودية في فلسطين ولكنها نزلت علي سيدنا موسي عليه السلام في صحراء سيناء وهناك مبدأ ينص علي أن الدين لا يورث الأرض فلا يوجد وريث للأرض طبقا لديانته سواء مسلما أو مسيحيا أو يهوديا ، فعلي سبيل المثال من المستحيل أن يأتي شخص مسلم أمريكي ويدعي أن له حقا في أرض السعودية لأنها أرض الإسلام أو مسيحي أوروبي يدعي أنه يمتلك القدس لأن المسيح كان هناك فلماذا اليهود فقط يدعون أنهم ورثوا الأرض بفضل الدين وبالتالي فإن الادعاء بأن هناك ملكية تاريخية لليهود في أرض فلسطين مرفوض تماما وغير صحيح بالمرة .