إقبال جماهيرى فى أحد الاستحقاقات الانتخابية السابقة حالة من الجدل المثمر بين خبراء القانون والأحزاب السياسية شهدها قانون الانتخابات الرئاسية وقدمت القوي السياسية، مقترحاتها وملاحظاتها النهائية لرئاسة الجمهورية علي مشروع قانون الانتخابات الرئاسية. وتضمنت الاقتراحات ضرورة وجود عقوبات رادعة ضد تجاوزات المرشحين، ووضع إطار واضح لتحديد سقف الإنفاق علي الدعاية الانتخابية مع الوضع في الاعتبار أن ما يتم إنفاقه في الواقع يتخطي أضعاف السقف المالي المنصوص عليه في القانون، وضرورة تحديد موعد لإعلان الكشوف النهائية للمرشحين، والنص علي عقوبات التزوير. وكانت رئاسة الجمهورية قد انتهت من إعداد مشروع مبدئي لقانون الانتخابات الرئاسية، والذي من المقرر أن يحل محل القانون رقم 174 لسنة 2005.. وأعلنت الرئاسة في 29 يناير الماضي عن طرح مشروع القانون لنقاش مجتمعي، من خلال تعميمه علي وسائل الإعلام المصرية، مبدية ترحيبها بتلقي الآراء والمقترحات ذات الصلة من قِبَل المتخصصين وأساتذة القانون والأحزاب السياسية وكل ذي شأن عبر البريد الإلكتروني للرئاسة . وكان الأحد الماضي ، هو آخر موعد لتلقي كافة المقترحات ذات الصلة بتعديل مشروع قانون الانتخابات الرئاسية من قبل المتخصصين وأساتذة القانون والأحزاب السياسية. وبعد قرار رئاسة الجمهورية بشأن هذه المقترحات وفي حالة قبولها كلية أو جزءا منها سوف تكشف كما أكد عدد من المراقبين مدي تواصل الرئاسة مع القوي السياسية وقبولها الحوار مع الآخرين وعدم الانفراد بالقرارات كما كان يحدث داخل مؤسسة الرئاسة من قبل . ومن جانبها استجابت القوي والأحزاب السياسية وتقدمت بالعديد من المقترحات وتقدم حزب الوفد بمقترحات طالب فيها بضرورة زيادة سقف الإنفاق المالي في الدعاية الانتخابية للمرشحين، لأن المبلغ الحالي لا يكفي للصرف علي محافظتين أو ثلاث، وأكد عصام شيحة المستشار القانوني ضرورة تشكيل شرطة قضائية تابعة للخطة العليا للانتخابات لضبط أي مخالفات انتخابية أو انتهاكات لقواعد الدعاية الانتخابية أو تجاوز سقف الإنفاق وغيرها من التجاوزات لتصل إلي حد شطب المرشح المخالف. أما الحزب المصري الديمقراطي فتركزت ملاحظاته علي أداء اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ومدي تطبيقها للقانون وتنفيذه خاصة سقف الدعاية الانتخابية والمقرر ب 10 ملايين جنيه وحظر استخدام الشعارات الدينية والتعامل مع التجاوزات في العملية الانتخابية، مؤكدا أن الأمر الأهم هو تنفيذ القانون علي المخالفين بحسم. وقال حسين عبدالرازق، ممثل اليسار في لجنة الخمسين إن مشروع قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية المطروح من جانب المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية يمثل نقلة مهمة، من حيث استجابته لما سبق للأحزاب والقوي السياسية وأساتذة القانون الدستوري والقانون من طرحه كملاحظات وانتقادات للقانون 174 لسنة 2005 الخاص بتنظيم انتخابات الرئاسة وتعديلاته وأن مشروع القانون يلغي تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية، وينص في المادة السابعة علي جواز الطعن علي قرارات اللجنة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية ونتائجها أمام المحكمة الإدارية العليا، وأن يكون حكم المحكمة نهائيا، وكذلك ينص في المادة الأولي علي ألا يكون المرشح لمنصب رئيس الجمهورية قد حمل أو أي من والديه أو زوجه جنسية دولة أخري وأن يكون حاصلا علي مؤهل عال. وطالب عبدالرازق بضرورة الإشارة في القانون الجديد إلي عدد من القواعد أهمها ضرورة تضمن ملف المرشح كشفا طبيا شاملا يوضح حالته الصحية والبدنية والنفسية لضمان قيامه بمسئولياته كرئيس، وكذلك إضافة الصحف القومية إلي وسائل الإعلام والعقوبات المالية إلي التدابير عند المخالفة بحيث تلتزم هذه الصحف بتحقيق المساواة بين المرشحين في تغطيتها لحملاتهم. وطالبت مقترحاته أيضا بأن يكون الحد الأقصي لإنفاق المرشح في الحملة الانتقالية 50 مليون جنيه يتم تقسيمها إلي 30 مليونا في الجولة الأولي و20 في حالة الإعادة، وأن لكل مرشح أن يتلقي تبرعات عينية أو نقدية بما لا يتجاوز الحد الأقصي الجديد. في حين اعترض حزب الأحرار الدستوريين في مقترحاته حول مشروع القانون، علي إغفال المشرع النص علي العقوبات الموقعة علي كل من يرتكب جريمة التزوير في العملية الانتخابية أو في نتيجتها سواء كان فاعلا أصليا أم شريكا بأي صورة، وأشار أمين بدر أمين إعلام الحزب أن الحزب أكد أهمية النص علي توقيع عقوبات رادعة علي من يرتكب مثل تلك الجرائم. ويشير محمد يكن أمين عام الحزب أن مقترحات الحزب احتوت عدة نقاط مهمة منها ضرورة تحديد موعد الكشوف النهائية، وموعد بدء الحملة الانتخابية، حيث تضمنت المادة 15 من المشروع أن ميعاد إعلان القائمة النهائية للمرشحين، قبل اليوم المحدد لانتخابات الرئاسة بخمسة وعشرين يوما كما تضمنت المادة 17 أن ميعاد بدء الحملة الانتخابية للمرشح بثلاثين يوما، قبل اليوم المحدد لانتخابات الرئاسة، وحيث إن الشخص الذي يريد ترشيح نفسه في الانتخابات أيا كان نوعها لا يكتسب صفة (مرشح) إلا اعتبارا من تاريخ إدراجه ضمن الكشوف النهائية للمرشحين، أي عقب تأكد اللجنة العليا للانتخابات من استيفائه كل الشروط التي يتطلبها القانون لذا يقترح الحزب علي المشرع العادي، توحيد إعلان الكشوف النهائية وموعد بدء الحملة الانتخابية للمرشحين، حتي لا يقوم الشخص الذي يريد ترشيح نفسه بالدعاية بكل صورها ثم يفاجأ بأنه تم استبعاده عند إعلان الكشوف النهائية. ومن أهم الملاحظات التي أخذت علي القانون ما ورد في المادة 35 التي تنص علي أنه يتم الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية حتي ولو تقدم للترشح مرشح واحد، أو لم يبق سواه بسبب تنازل باقي المرشحين، وفي هذه الحالة يعلن فوز المرشح الحاصل علي الأغلبية المطلقة لعدد من أدلوا بأصواتهم الصحيحة، فإذا لم يحصل المرشح علي هذه الأغلبية تعلن لجنة الانتخابات الرئاسية فتح باب الترشح لانتخابات أخري خلال خمسة عشر يوماً علي الأكثر من تاريخ إعلان النتيجة، ويجري الانتخاب في هذه الحالة وفقاً لأحكام هذا القانون. وأكد خبراء القانون أن هذه المادة بها عوار ويجب حذفها وأنها مادة ليست جديدة بل هي موجودة في القانون منذ عام 2005 عندما تم تعديل المادة 76 لتكون الانتخابات تنافسية بعد أن كانت تختار مرشحاً وحيداً"، فيما رأي آخرون أن القانون وضع هذه المادة افتراضياً وأنها حالة شاذة وأنها قطعت الطريق علي الفوز بالتزكية. ويري الفقيه القانوني والدستوري الدكتور شوقي السيد أن هذه المادة كانت موجودة في قانون 2005 أيام الرئيس المخلوع "حسني مبارك" عندما تم تعديل المادة 76 وجعلها انتخابات تنافسية بعد أن كانت تختار مرشحاً وحيداً. وأضاف السيد أن "هناك الكثيرين لم ينتبهوا إلي أن فقرة إعلان فوز المرشح الحاصل علي الأغلبية المطلقة موجودة منذ عام 2005 وهذه الفقرة خطأ، فكيف يكون مرشحا وحيدا بدون انتخاب الشعب؟، وبهذا لن يكون هناك انتخاب شعبي حقيقي وسوف يعزف الكثيرون عن الانتخابات وبالتالي يكون استفتاء وليس انتخاباً"، موضحا أن "الدول المتقدمة تقول إنه إذا بقي مرشح وحيد لا بد أن يحصل علي نسبة من أصوات مجموع الناخبين وليست ممن ذهبوا إلي الانتخاب كما أن هذه الفقرة يجب إلغاؤها، خاصة بعد ثورة 25 يناير". واقترح شوقي السيد بديلين لهذه المادة أولهما ينص علي أنه "إذا بقي مرشح وحيد تجري الانتخابات بشرط أن يحصل علي حد أدني من مجموع المقيدين في الجداول الانتخابية حتي إن لم يذهبوا إلي الانتخابات"، أما الحل الآخر أن "تلغي فقرة في حالة وجود مرشح وحيد يعلن فوزه إذا حصل علي الأغلبية المطلقة وتعاد الانتخابات مرة أخري ولا تجري في حالة مرشح وحيد". ويتفق معه الفقيه الدستوري المستشار ابراهيم درويش في أن هذه المادة تتحدث عن افتراض أن شخصاً واحداً من المرشحين لم يجد من ينافسه في هذه الانتخابات ومع ذلك فإن النص يصر علي إجراء الانتخابات وأن يذهب المواطنون وهم غير مقتنعين بالانتخاب" مضيفاً أن "نص المادة 35 من الأصل معيب لأنه في كل دول العالم عندما يتقدم مرشحون عديدون لأي انتخابات وينسحبون جميعاً إلاّ واحداً فقط يعلن فوزه بالتزكية ولا داعي لعناء المواطنين ومن هنا يصبح استفتاء ومن الأجدر أن يلغي هذا النص تماماً وهذا يعني أنه نص غير منطقي ويعد مضيعة للوقت لأن مصر ليست في وضع مريح لمثل هذه الافتراضات فهو نص به الكثير من العوار الذي يجعله يفرض علي المواطنين مرشحاً وحيداً". من ناحية أخري، يري المستشار أحمد الفضالي "رئيس تيار الاستقلال" أن "هذه المادة ليس بها عوار ولكن تتحسب لحالة شاذة قد تحدث وهي بتقدم مرشح واحد"، موضحاً أن "هذه المادة قطعت الطريق علي الفوز بالتزكية خشية أن يحدث ضغوط علي أحد المرشحين للانسحاب وبالتالي لا بد أن يذهب الشعب ويضع صوته حتي يأخذ حجماً من الثقة والتأييد باعتبار منصب رئيس الجمهورية منصباً خطيراً". وقال علي عوض، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدستورية، في تصريحات له إنه سيجتمع باللجنة العليا للانتخابات الرئاسية نهاية الأسبوع الجاري لمناقشة المقترحات المقدمة، لافتا إلي أن الرئاسة ستحيل مشروع القانون إلي مجلس الدولة لمراجعته في ضوء تلك الاقتراحات.وتوقع عوض الانتهاء "من إعداد القانون وإصداره قبل يوم 17 فبراير الجاري بيوم أو يومين، علي أقصي تقدير". وأوضح عوض أن من المقترحات المطلوبة علي مشروع القانون ضرورة النص علي خلو الصحيفة الجنائية للمرشح من أي أحكام في أي جريمة أو جناية مخلة بالشرف فضلاً عن ضرورة إجراء الكشف الطبي والنفسي علي أي مرشح قبل قبول أوراق ترشيحه لضمان خلوه من أي مرض يعوق أداءه لمهامه رئيسًا للبلاد.. كما طالبت بعض المقترحات بإدخال الأبناء ضمن شروط عدم حمل جنسية أجنبية، والنص علي توقيع عقوبة محددة علي المرشح الذي يتجاوز الحد الأقصي للإنفاق علي حملته الانتخابية والمحدد ب10 ملايين جنيه في الجولة الأولي و2 مليون في جولة الإعادة بالإضافة إلي تغليظ العقوبة علي المرشح الذي يتلقي تمويلاً أجنبيًا. ومن المقترحات المقدمة أيضًا النص علي أن الطعن علي قرارات اللجنة العليا للانتخابات يكون مقتصرًا علي القرارات الخاصة بالإجراءات فقط وليس إعلان النتائج النهائية وذلك حتي لا يكون منصب الرئيس المقبل مهددًا بالبطلان.