أول ما يتبادر إلي الذهن عندما نسمع عن هواية صيد الأسماك في النيل، ذلك الرجل العجوز الجالس علي كرسيه ممسكاً صنارته، يمارس هواية يقضي فيها وقت فراغه ويستمتع بها في آخر أيامه. لكن الحقيقة أن الصيد ليس رياضة للعواجيز فقط، فهناك كثير من الشباب يمارسون تلك الهواية ويحبونها لدرجة العشق. وما أن تقرر يوماً ما تجربة صيد النيل، فإن كل ماعليك هو أن تحضر صنارتك وتذهب لأحد الكباري المطلة علي نهر النيل وستفاجأ بمجتمع الصيادين الذين يقدمون لك كل العون والمساعدة لتبدأ هذه الهواية الممتعة. الصيادون النيليون لهم مجتمعهم الخاص بهم، فتجدهم يتجولون في أماكن مختلفة ويسافرون أماكن بعيدة ولهم عالمهم المختلف. قد تجد صيادا يسير بصنارته في مكان مقطوع علي كورنيش النيل، وإذا تتبعته تراه وهو يصل إلي مكان بعينه به عدد كبير جداً من الصيادين يعلمون أن هذه النقطة بها كم كبير من الأسماك. ومن هذه المناطق منطقة الكريمات التي يقصدها الصيادون في الشتاء بسبب توفر المياه الدافئة في نهر النيل، وسبب ذلك وجود مصنع للكهرباء الذي يبرد مولداته بمياه نهر النيل ويخرج مياها دافئة تفتح شهية الأسماك للأكل وبالتالي يعد مكانا مثاليا للصيادين. الأسماك في نهر النيل ليست من أنواع البوري والبلطي فقط، فتحت المياه العذبة يوجد أصناف متعددة من الأسماك والأصداف والقشريات كالكابوريا والاستاكوزا النيلي وغيرها، كما توجد أسماك غريبة في الاسم والشكل كالسمك الرعاد (ينتج بداخله تيار كهربائي) والسمك النفيخة (التي تنفخ نفسها داخل المياه) ولكي تتعرفوا أكثر علي الأسماك النيلية كل ماعليكم هو زيارة موقع الهيئة العامة للثروة السمكية لكي تري بعينيك مدي تنوع أسماك النيل وتعددها. وتوجد عدة طرق للصيد منها الحداف التي يعلق فيها ثقل من الرصاص في خيط السنارة أعلي السن ، وهي مناسبة للصيد في الأعماق وتستطيع فيها الشعور بجذب السمكة للطعم من خلال الاهتزاز أو الشعور بالسنارة أثناء إمساكك بها. وبعض الصيادين يركبون جرسا أعلي الصنارة ولكنه غير عملي بسبب إنذاراته الخاطئة الناتجة عن أي اهتزاز بسبب الهواء. والطريقة الأخري هي طريقة العوام، وفيها تعلق عوامة من الفلين أعلي الطعم وعندما تغرق في المياه تعرف أن السمكة قد أكلته. ولكن هذه العملية ليست بهذه السهولة، فقد يعني غرق الفلين أن السمكة تأكل الطعم ولم تعلق به، لذلك يجب أن تختار الوقت المناسب لسحب الصنارة. والوقت المناسب لا يعني التأخر في سحبها لأنها من الممكن أن تأكل الطعم وتتخلص من السن وتذهب بعيداً و هي طريقة مناسبة للصيد من الشاطيء. الجميل في هذه الرياضة أن المبتدئ يتمتع فيها بحظ يسمي حظ المبتدئين. وتأكد أنك ستحصل علي سمكة من أول مرة تقذف فيها صنارتك. قد يحذرك الكثيرون من الصيادين في البداية من إدمان هذه الهواية الممتعة، و سيحكي الكثير منهم عن سنين من عمره قضاها في ممارسة تلك الهواية، فالكثير منهم ينتظر بفارغ الصبر عطلة نهاية الأسبوع ليقضيها في الصيد، فبالنسبة لهم هي الطريقة الوحيدة للترويح عن النفس والاتحاد مع الطبيعة. ويحكي نبيل وهو مصور دعاه صديقه الصياد سامي لتجربة الصيد "سافرت مع صديقي للأسكندرية وأمسكت أول صنارة، وبعدها قررت أن أشتري صنارة خاصة بي لأمارس هذه الهواية باستمرار. اكتشفت إنه ليس كل من يمسك صنارة يستطيع الصيد، ولا كل من التقط سمكة صيادا. هناك الكثير لتتعلمه وخبرات تحتاج سنين لدرجة أن تعلمها قد يشغل حياتك بالكامل. ويعتقد نبيل أن أحد من شجعوه علي الاستمرار في هذه الرياضة هو هذا الرجل الذي تحدث إليه عندما ذهب للصيد أول مرة ويقول عنه "كان يصطاد بجوارنا، وألقينا عليه السلام فلم يرد. ثم وضعنا أدواتنا وبدأنا نصطاد، فجاء غلام وسألنا إذا كان معنا طعماً إضافياً وفتح معنا حوارا. حكي لنا أنه يصطاد منذ 24 عاماً، وأنه توقف لمدة 10 سنوات أقسم فيها بأنه لن يعود للصيد أبداً لأنه أخذ كل وقته، لكنه لم يستطع في النهاية إلا العودة. اصطاد في أماكن عدة، في المحافظات، في البحر الأبيض والأحمر. السمك الذي يحصل عليه يبيعه أو يعطيه لعابر سبيل فقير لأنه يصطاد من أجل المتعة فقط لا لأي شيء آخر. وقال إن كثيرين يسألونه لماذا يضيع وقته في هذه الرياضة، لكن هؤلاء لن يفهموا متعة الصيد وجماله إلا إذا مارسوه بأنفسهم" الطريف أنه في مصر ليس من حق أي شخص أن يصطاد سمكا من النيل، فهناك رخصة تستخرج لهذا الغرض! وكل صياد مسموح له بحمل صنارة واحدة فقط ومسموح له بسنين في كل سنارة، وهذه الرخصة سارية لمدة عام. بينما توجد رخصة أخري لصيد البحر ولكنها سارية فقط لمدة 3 شهور وتستخرج من حرس الحدود. ولكن علي أرض الواقع العملي قليل جداً من يستخرج الرخصة للصيد في النيل.