يختلف البشر في مقدراتهم وطبائعهم فقد خلقهم الله تبارك وتعالي بالتشابه في بعض الأحيان ولكنهم أبدا لايتطابقون كلُُ يسعي لتحقيق ذاته والوصول إلي أقصي درجات العلا بالدنيا وبعد الوصول إليها قد يشعرون بعدم جدواها فقد ألهتهم الدنيا بتقصيرهم في حق الله عليه أولا وحقوق كل من لهم حقوق عليه كالآباء والأمهات والأبناء والإخوان والجيران والأصدقاء وإن كان مثل هؤلاء غالبا ليس لديهم أصدقاء بالمعني الحقيقي للصداقة. علاقاتهم دائما وقتية نفعية تنتهي بانتهاء قضاء المصلحة وهم غالبا طغاة يوجهون سهامهم المسمومة تجاه كل من يستشعرون منه عدم الاستجابة لهم يحاولون دون كلل أو ملل حتي يحصلوا علي ما يريدون ولا يطيقون تأخير مطالبهم وفي سبيلها يكون الاستعداد للاختراق والتطاول والاساءة المبالغ فيها أو النعومة الزائدة غير المعتادة المهم هو الوصول لمبتغاه ولما يريد وبعدها لايكون إلا تكرار الكَرة مرة وثالثة ورابعة ولا منتهي للمطالب.. ثم ماذا سيصل الإنسان إلي درجة رفيعة وسيحقق جاها وشهرة ويبقي سؤال أين نصيبه من الآخرة وماذا فعل لأجلها وكيف وبماذا استعد لها وفق مقولة الإمام علي كرم الله وجهه إن الغني والفقر بعد العرض علي الله. الصمت فضيلة في مواجهة الأزمات والمواقف العصيبة والعصبية التي يقابلها الانسان من الأقربين فإذا ما أغرق قلب وتم دماره نتيجة لمعاناة أو اختلاف وهجر وأحاسيس باردة ومشاعر جليدية لا تذوب وأنانية غالبة ظاهرة وركود عاطفي وتجاهل وذاتية وانعزال ووحدة أيكون العلاج بالصمت أم بالمواجهة حتي لو أدت إلي تقسيم العلاقة وانهيارها في حالة من يبحث عن الدفء والراحة والشعور بالأمان والتواصل في مواجهة الحياة وشراستها وكل منهما يقابل الآخر بنفس درجة البرود والكراهية وتمني أن يزول من أمامه وقد فات وقت التضمييد والاعتذار الذي يصعب تقبله أو الاصغاء إليه. هل يصلح الصبر في كل المواقف الحياتية واصلاح ما أفسدته علاقات الحب والعشرة والمال والجيرة والصداقة الفائتة بعودة كل شئ إلي ماكان عليه فالصبر علي البلاء والابتلاء مشروع ومحبوب عند الله تعالي وعلي المرء أن يتمسك به ولكن هل يمكن أن يصبر إذا ماشعر بإهانة من صديق أو حبيب أو عند تلاشي الثقة في أشخاص حميمين وعند الشعور بالقهر والتعدي والعدوانية أم أن الانفجار والدفاع والاندفاع هي وسيلة الدفاع المشروعة لاعتبار الصمت نوعا من أنواع التخاذل والتراضي والضعف وترك الحق في حين قد يكون الصمت تحاشيا للتعصب أو لكسر حدة التعدي والهجوم بعدم الرد فلا يجد المعتدي من سبيل إلا الصمت والسكوت وأحيانا قد يزيد العدوان أمام الصبر فهو خاسر لامحالة.. فالصبر دائما نصيب الفائزين كما وعدهم الله ورسوله.