كلنا تألمنا من حادث جرار محطة مصر وما خلفه من آثار دمار وضحايا سواء من ذهب لبارئه أو من أصيب إصابات تنوعت بين البسيطة أو الشديدة وسواء أكان الحادث إهمالا جسيما أو كان متعمدا فالأمر جد يحتاج إلي ألف وقفة ووقفة ، فحال السكة الحديد المزري يحتاج إلي معجزة لإصلاحه، صحيح الدولة وعلي رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسي تبذل قصاري جهدها لتحسين الحال ولكن المسألة لا تتعلق بالدولة فحسب ولكنها منظومة تحتاج إلي تعديل مسار يشترك فيه الجميع الدولة والهيئة وعاملوها والمواطنين مستخدمو القطار أنفسهم، وإذا ما تأكدنا أن الدولة تحاول علي قدر استطاعتها تدبير الموارد وعقد الصفقات وشراء الجرارات والعربات وتحسين الطرق الحديدية وكهربة الخطوط والاشارات فإن الهيئة عليها الدور الأعظم باختيار العناصر الجيدة الملتزمة ذات السمعة الطيبة خاصة اذا علمنا أن أي سائق في السكة الحديد يتقاضي مرتبا مجزيا مقارنة بغيره. لقد صدمتنا الهيئة في سائق الجرار المجرم المتسبب في الحادث بمحطة مصر والذي خان أمانة العمل أيما كانت صورة إدانته وترك الجرار يعمل ثم قام بتركه دون رابط وذهب للمشاجرة مع زميله كما ادعي فوقعت الواقعة ثم نفاجأ في التحريات أنه مدمن مخدرات سابق وله قضايا آداب وما خفي كان أعظم، هذا السائق هو أحد العاملين في منظومة مسئولة عن أرواح الناس وتأمين سفرهم ووصولهم سالمين، ولا ندري مع الأسف كم علي شاكلة هذا السائق الخائن في الهيئة التي من مسئوليتها انتقاء من يمثلها أو يعمل بها، لكن يبدو أن ذلك لا يحدث. زمان كنا نري سائق القطار أو الكمساري أو المعاونيين قمة الشياكة والأدب وحسن التعامل لانهم كانوا يختارون بعناية من بين العناصر الجيدة حسنة السمعة لا نسمع عن مشاكلهم أو خناقاتهم كما نسمع الآن، بصراحة صارت اللامبالاة هي ضريبة الاهمال والسكوت عن كل ما هو سييء وهو ما أوصلنا إلي ما نحن عليه داخل هيئة السكة الحديد فصار القبح داخل العربات اللهم إلا القليل سمة ومعاملة العاملين الاستفزازية وكأنهم لا يؤدون خدمة من المفترض أن تكون بطيب خاطر ومسئولية بل وكأنه يؤديها رغما عنه أو بنظام هي كده إذا كان عاجبك أو اخبط دماغك في الحيط، روي لي الشيخ احمد عبدالساتر إمام المسجد بجوار منزلي قصة غريبة تدل علي سوء معاملة العاملين فعند عودته بالقطار رقم 891 يوم 27 فبراير الماضي قادما من أسيوط شاهد مجموعة من الفئران الضخمة تجري في كشافات الإضاءة بالقطار وسارع بإخطار الكمساري والمعاون الذي كان رده غريبا وهو يقول وأنا اعمل ايه اعمل لها محضر ولا اطلع ألمها من الكشاف. هذا السلوك المهين هو ما اوصل السكة الحديد لما هي فيه فلو ان هذا الكمساري أو المعاون قلبه علي مكان عمله ما رأينا الفئران ترتع في القطار بالبجاحة التي شاهدها الشيخ احمد.. أما الناس مستخدمو القطارات صحيح هم غلابة في قطاع كبير منهم ولكن هناك نوعية منهم تستخدم القطار نفسه بلا آدمية وكأن القطار عدوهم، رأيت بنفسي من يقوم بتقطيع الكراسي أو تحطيم الزجاج أو الهروب من الكمساري بطرق ولا الحاوي ناهيك عن الخناقات، رأيت قطارات مازالت اجولة الخضار واقفاص الفراخ والبط تركب وسط الركاب. وكأننا في سيرك منصوب. صحيح السكة الحديد تحتاج إلي المليارات لاصلاح حالها وصحيح ان المشوار طويل واليد لا حيلة لها الا ان الامر يحتاج إلي تضافر الجميع، البداية من الهيئة التي عليها ان تنتقي العناصر التي تقوم بالخدمة حتي لاتفاجأ ان قائد القطار حشاش أو مدمن أو خمورجي عند المسئولية لا تجده ويبرر الخطأ تماما كما شاهدنا سائق الجرار المجرم وعلينا كمستخدمين للقطار ان نشعر اننا مالكوه نحن الذين نشتريه بأموالنا وعلينا أن نحافظ عليه خاصة في ظل الظروف الصعبة التي نواجهها والتي تؤكد أن تدمير المال صعب بل صعب للغاية البدايات الصحيحة قطعا ستوصلنا للنهايات الصحيحة شرط ان يكون هناك اخلاص في النوايا. ما حدث علي رصيف 6 صورة لمأساة السكة الحديد.