تداولت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو بشعا لكلبين يطاردان طفلا خاف منهما. كانت سرعة الطفل رهيبة من الخوف لكن طبعا الكلاب أسرع وطالته أكثر من مرة كلما وقع. حين رأيت هذا الفيديو تصورت أنه مشهد من فيلم من فرط سرعة الطفل ومن ظهور شخصين بعد ذلك حاولا إبعاده عن الكلبين. أعدت مشاهدة الفيديو مرتين وتأكد لي أن الكلبين ليسا من كلاب الشوارع. لهما صاحب إذن وربما يكون الشخصان اللذان أسرعا لإنقاذ الولد مالكيهما. أقول ربما ولا أعرف بالضبط. قيل إنهما صاحبة الكلب وابنتها. لكن الأمر لم يقف عند ذلك. في اليوم التالي تم تداول صورة للطفل مصابا إصابات بشعة في وجهه. وسواء كان هو أم لا وحتي لا يتم استثمار المسالة في أمر ما، فالفيديو الأول يكفي لأصرخ في هذه المسألة. لقد عشنا عمرنا نعرف ونري أن بعضا من كلاب الشوارع يمكن أن تكون مسعورة وتصيب الفرد فجأة. بل وبعض أصدقائي أصابتهم هذه الكلاب يوما ما. لكنها كلاب الشوارع. ورأينا وتعودنا أن نري قليلا من الناس زمان في الأحياء الراقية يمشون في المساء أو الصباح ممسكين بكلابهم يتجولون بها وتقضي الكلاب حاجتها في الشارع والمتحضرون منهم يحملون وعاء لتقضي الكلاب حاجتها فيه حرصا علي شوارع الحي الراقي. بالمناسبة في أوروبا غرامة لصاحب الكلب الذي يتركه يتغوط في الشارع وليس في إناء يحمله معه. ما علينا من أوروبا. أشهر الكلاب التي عضت شخصا كان كلب السيدة أم كلثوم وكتب أحمد فؤاد نجم قصيدته الشهيرة »كلب الست». تقدم الزمن وتزاحم الناس وصارت تربية الكلاب عادة أكثر انتشارا. شاعت في طبقة فقيرة فتح عليها الله من السفر إلي الخارج أو من غيره أو طبقة وسطي أو من يحب التشبه بالأغنياء. أو وهذا هو الشائع الخائف من اللصوص خاصة في الأحياء الجديدة. زاد الموضوع جدا في الوقت نفسه زادت كلاب الشوارع ولم نعد نري عربات الكلاب تجمعها من الشوارع كما كان يحدث زمان. لم تكن عربة الكلاب تكف عن الدوران بين الأحياء. كان فعل ماضي ما نسيبه في حاله! المشكلة أن عددا كبيرا جدا ممن يربون الكلاب في بيوتهم الآن لا يعرفون أن لتربية الكلاب أصولا وتقاليد. فالنوع الشرس منها لابد أن توضع علي وجهه كمامة حتي يتعود السلام مثلا وكلها يجب أن تأكل في مواعيد محددة لأن الكلاب بكل أنواعها تصرخ حين تجوع. لا تملك إلا ذلك النداء. الأغلب الأعم من أصحاب الكلاب الجدد لا يطعمونها في موعد محدد بل يتركونها لتجوع حتي يتردد صوتها دون مبالاة بأن في العمارة أو المنزل سكانا. يحدث ذلك بالليل والنهار والليل أكثر ويتركونها دون طعام حتي يرتفع صوتها ويخاف اللصوص من الاقتراب وكأن اللصوص وراء الباب. أنا نفسي أعاني من ذلك حيث يوجد جار في الدور الأرضي لديه أكثر من كلب لا يتوقفون عن النباح ليلا ونهارا. وحاولت أن أقنعه بإطعام الكلاب وللأسف بدا لي مريض بهسس اللصوص وأخذ يشير إلي بيوت خلفه يقول إن اللصوص تأتي منها وأطفال في بيت خلفه يقول إنهم يقذفون عليهم الحجارة وأشياء من هذا النوع من الكلام الذي لا وجود له مما أكد لي أنه مريض بهسس اللصوص فصرفت نظر عن الموضوع لأنه لا وقت ولا صفاء ذهن عندي لأبلغ جمعية للرفق بالحيوان ولا حتي بوليس النجدة، لكنه عرف أني يمكن أن أبلغ البوليس كما اشتكي أكثر من ساكن فسكتت الكلاب وإن كانت أحيانا تعود للنباح. لم أره مرة مع كلابه يمشي في الطرقات ولا أحد من أبنائه ولا أعرف أين تتغوط الكلاب فلابد أنها تفعل ذلك في حديقة بيته الصغيرة ولا أعرف كيف يتحمل هو نباحها فلابد أنه وهو يتركها في الحديقة الصغيرة يغلف أبوابه وحيطانه بمادة لا تسمح بعبور الصوت. ترك لها الفضاء لتصعد إلينا. اعتبرت الأمر إحدي عجائب الزمان وإن كنت بين حين وآخر أخبر البواب أن يخبره أن يطعم الكلاب أو أني بصدد الاتصال بالبوليس فيطعم الكلاب وتسكت. ودائما أندهش من ترك الأحياء لهذه الأعداد الهائلة من الكلاب في حدائق الأهرام حيث أسكن مثلا ناهيك عن أصحاب الكلاب الذين يربون كلابا لا يعرفون كيف يتعاملون معها وتظل تنبح ليل نهار. عرفت من مواقع الإنترنت أن ذلك يحدث في كل الأحياء الجديدة وأن أصحاب الكلاب يتركونها في الشرفات في الشقق ليناموا هم وتزعج الأخري أو في الطرقات باعتبار الحي مغلق أمام الكلاب الضالة. والآن بعد ما جري من كلبيّْ التجمع الخامس ألا يوجد رادع قانوني لأصحاب هذه الكلاب ؟ يوجد طبعا. القانون يعاقب من يقتل كلبا فكيف لا يعاقب صاحب كلب شرس. عرفت من مواقع الفضاء الافتراضي أيضا أن كثيرا من سكان التجمع الخامس أقاموا جروب علي الانترنت ودعوا إلي التخلص من الكلاب ولو بتسميمها. وهو أمر صعب فعلي كل صاحب كلب أن يعرف أصول التربية والتعامل مع الكلاب مش ناقصين حروب الكلاب.