بضيق وألم تساءل الفنان الكبير أحمد خليل قائلاً: »عايزين تموتوني ليه؟»، ردًا علي شائعة وفاته التي اضطر أن ينفيها، خليل لا يعرف مصدراً لهذه الشائعة العقور التي تتعقبه، اعتبرها ساخراً بروفة ناجحة ممن يتمنون رحيله، وبحزن يقول: »كله بأمر الله، لو أنا مش عاجبهم يقولولي اقعد في البيت، بدل ما يطلعوا الشائعة دي..» وفي الأخير يقولها محتسبا: »معلش أنا مسامح». الأذية طبع، يميتون الرجل علي قيد الحياة ولا يخجلون، دفن الأحياء في مصر صار بضاعة فيسبوكية رائجة، والشائعات تتعقب قائمة أسماء بعينها، خليل آخرها وليس أولها، كل شهر شائعة تطول كبيراً، وكم من كبار أصابتهم شائعات الرحيل فتنقلب حياتهم رأسًا علي عقب، محزن تمامًا أن تطالع خبر وفاتك منشورًا علي صفحات فيسبوكية مجللة بالسواد. سواد القلوب يعمل أكثر من كده، استهداف النجوم صار متكررًا وعلي فترات، وكأن هناك من يلاحقهم بهذه الأخبار السوداء لشيء في نفسه، مَن ذا الذي يتعجل القضاء، لماذا تفجعون الأحياء بخبر وفاتهم وهم علي قيد الحياة ! ما هذا الترخص الإلكتروني، تخيل وقع هذا الخبر علي صاحبه وأهله وناسه، لا أخلاقي ولا إنساني أن تصحو من نومك تطالع خبر موتك، فتفرك عينيك غير مصدق، وقبل أن تدري ما تفعل، تدور بك الدنيا من حولك، العائلة والأسرة يصيبها فزع رهيب، والأحبة والخلان تداهمهم الفجيعة، والأصدقاء يبادرون بالاتصال بعضهم بعضاً للتيقن من الخبر الحزين، ومن تواتيه منهم شجاعة الاتصال برقم الفقيد تمر عليه الثواني كدهر كامل، فيتنفس الصعداء مع كلمة »آلو» بصوت الفقيد فيحمد الله، وينهي المكالمة سريعاً لينقل للأصدقاء الخبر ويطمئنهم. خليل اضطر اضطرارًا أن يخرج علي الناس نافيًا خبر وفاته بدلا من أن يتحدث عن أعماله وأدواره المستقبلية، وكأنه يؤدي مشهدا حزينا، دور الميت الحي، الرجل ظهر متألما جدا، كثير ممن أصابتهم مثل هذه الأخبار السوداء يتألمون في صمت، شعور بأن هناك من يتمني موتك فظيع، بصوت الفنان أحمد خليل »عايزين تموتوني ليه؟». صار واضحًا استهداف النجوم علي صفحات الفيس بوك بأخبار سوداء، هناك من يضمر شرًا، الغريب أن مثل هذه الأخبار تجد تصديقًا لحظيًا، وتويتات وتغريدات وتنويعات وصورا من أفلام ومسلسلات، وهناك من يحب ويترحم، وفرصة تسنح لمرضي القلوب لرمي الفقيد بكل ما في الأنفس من حقد وثأر.. وحدث اخيرا وكثيرا مع الزعيم الفني عادل إمام الذي تحمل عبء مثل هذه الأخبار كثيرًا ويعاني. الفنان أحمد خليل ليس استثناءً، الأخبار السوداء كاس وداير علي الجميع، ثابت أنها أخبار مصنوعة في أقبية مسحورة يشيّرها عقورون أشرار إما لاهين أو عابثين أو ناقلي شائعات، لماذا تروج مثل هذه الأخبار في الفضاء الإلكتروني المصري، الأمر يحتاج لتقصٍ وتحرٍ وتدقيق، حتي خليل لا يعرف لماذا هو ولماذا أصابته هذه الأخبار، فليس طرفًا في نزاعات أو صراعات أو حتي تنافسيات، لا طالب ولا مطلوب.. الرجل في حاله، عاوزين تموتوه ليه ؟ جبر يلم العفش.