ما فعله الشاعر عماد أبو صالح في تحليله لصوت فيروز، سبق أن فعله الكاتب اللبناني حازم صاغية في تحليل صوت أم كلثوم في كتابه (الهوي دون أهله).. نفس الصورة المقدسة للصوت.. نفس الإيديولوجيا الحاكمة لرؤية الكاتب.. فعلي حين رأي صاغية في صوت أم كلثوم صوتا خارج النوع والجنس، كائنا مقدسا في قلوب عشاقها.. صوتا (قوميا) بامتياز، هو معادل لصورة عبد الناصر كنموذج للمشروع القومي، مطلقا عليها (عبد الناصر الغناء العربي)!!.. كتاب حازم صاغية الصادر قبل أكثر من عشرين عاما، هجائية حادة للمشروع القومي، وأم كلثوم نموذجه الساطع!!.. عماد أبو صالح (في مقاله المنشور 2015) رأي نفس القداسة في صوت فيروز (الفينيقي) المجسد لثقافة الماء.. (صوت فينيقي وطنه الماء، بلا طين، ولا رسوخ... غصن لا جذر له، وردة لا شجرة... هو جنة لا يدخلها المطرودون من رحمه الله).. (البيت الفينيقي هو السفينة، والأرض هي البحر، والمحراث هو المجداف، والعوم علي السطح هو الأمان.... صوت فيروز الفينيقي تجسيد حقيقي للخفة والسرعة والآلام السطحية)!!.. وقبل أن نتصور أن ما يكتبه عماد أبو صالح مديح، يواجهنا بوضوح بأن.. (أزمتها ملائكيتها لا بشريتها).. ومن البداية يقدم أبو صالح مقاله، بأنه ليس مهووسا بفيروز، ويعتذر لمريديها ومرضاها!!.. وهي توطئة لا تخلو من دلالة سلبية لما يطرحه... رأي عماد أبو صالح الذي أعيد نشره هذا الأسبوع، يلتقي مع حازم صاغية في متعة الكتابة ومتعة الاختلاف.. تحليل عماد أبو صالح قصيدة يمكن قراءتها كمديح، بعيدا عن هوي كاتبها أو غيابه.. فالصوت الفينيقي، سلاما وسكينة، صوت خارج التناحر والحروب وطلقات الرصاص ولون الدم، أو تحديدا خافض لها.. فيروز من بيت فينيقي وطنها الماء وصوتها الحرية.