فارق كبير بين الحلم والوهم فالأول يخلق الفرصة وينقلك إلى عالم المستقبل أما الوهم فهو مرض لا يصيب الشخص فقط بل أحيانا يمس الشعوب قبل أى شيء وكل شيء ..كان الله سبحانه قادرا على خلق الأمم والشعوب ، مؤمنه بدين واحد ونبي لا يختلفوا عليه ..لكن الله سمح لنا بنعمة الإختلاف ، وقال سبحانه خلقانكم شعوبا وقبائل لتعارفوا . من يغلق عقله وقلبه على الآخر ..وينبذه ويحاول حصاره فهو يتحاوز على الخالق سبحانه . حضنا رسول الإسلام على طلب العلم ولو فى الصين ..وهى رسالة أن نعمل العقل دوما ولا نقف على أعتاب النص ،قبل أيام كنت فى الصين ، وللمرة الأولى لى وبعد ساعات طويلة فى طائرة حلقت فى سماوات دول الخليج وايران والهند ..ها هى عجلاتها تلامس الأرضى الصينية . كل الحديث عن نهضه الصين الصناعية وتطور اقتصادها ، لا تبهرك بقدر شباب تلك الدولة الكبرى ..على أبواب المطار وقرب منتصف الليل كان هناك الشباب المتطوع لمرافقة الوفود المشاركة ..صحفيون شباب ..طلاب جامعات ، وبعيدا عن الدقة فى الترتيبات والأدب الجم فى التعامل ، والإبتسامة التى لا تفارق الوجوه رغم الإرهاق الشديد ..إلا أن هناك شيئا هو الأهم لفت أنتباهى ..الإصرار ..والتصميم على أداء العمل والأغرب هو ايمان هؤلاء الشباب ببلادهم ، وأنها ستقود العالم فى وقت قصير ..الشباب فى الصين يعيش تحت حكم الحزب الشيوعى الصينيى وهو فى الحقيقة كان أكثر ذكاءا من غيرة من كل التنظيمات الشيوعية حول العالم ..خلع عن نفسه رداء الجمود ..وواكب التطورات العالمية ، فالصين الشيوعية تسمح بكثير من أدوات الرأسمالية فى الملكية الخاصة وبعضا من حرية التجارة . الحزب الشيوعى الصينى لم يكن يوما مثل نظيره السوفيتى ..بل كان صارما فى التحول وحادا فى استخدام ادوات العصر ..ربما أنتجت العقول الصين نظاما إقتصاديا ، قادرا على منافسة الرأسمالية فى حرية العمل .سأعود للكتابه عن التجربة الصينية بعد حين . لكن بعد عودتى للقاهرة ..كنت أتابع مؤتمر شباب العالم ..وسمعت من الرئيس السيسي بعد العبارات التى تلخص التجربة الصينية ..الرئيس تحدث عن تحديث الخطاب الدينى ..وأنه حتى بعد التجديد ..قد نحتاج بعد خمسين عاما لتجديد آخر يواكب ذات العصر . الحقيقة أن كل غيور على الدين عليه أن يمعن التفكير فى حال الدين إذا ظل الجمود فى الفكر يحكم بعض رجال الدين ..يصرخون فينا كل صباح بعذاب أليم ..وثعبان أقرع ..وكثير من القصص التى يضعف اسنادها إلى صحيح الدين ..شكل الدين إذا اصاب الجمود عقول بعض رجاله سيصل الحال بنا إلى دور عبادة بلا عباد مثلما يحدث فى اوربا وحتى أمريكا ..الكنائس فقط لطقوس الزواج والميلاد ..وبعضا من نفر قليل يذهب إلى الصلاه ..أوربا التى عاشت عصورا من الظلام ، وما إن طالتها الثورة الصناعية وبعضا من الحرية ، حتى تمردوا على حكم رجال الدين لديهم . رجال الدين الآن أمام خيارين ..الإبقاء على سطوتهم ونفوذهم على الناس ، أو حماية الدين وتحكيم ضمائرهم أمام الله يوم يقفون أمامه للحساب . لم أكن أتخيل أن يمتلك رئيسا لمصر الشجاعه فى الحديث عن بناء دور العبادة لغير المسلمين فيها وإصراره على الحق فى العبادة للجميع ..الرئيس الآن يهدم اصنام الفكر المتيبس . والحقيقة أن شجاعة السيسي كفيلة بإحداث نقلة نوعيه حتى على مستوى الدين ، ويزيح غبار المدسوس على كلام الرسول الكريم ..السيسي غيور على الدين ربما اكثر من بعض رجاله ..الرئيس قال أن الدولة المصرية الآن تبنى الكنائس فى كل المجتمعات الجديدة ..فالعباده حق أصيل لكل إنسان ، وليس من شأنك أن الله خلقه على غير دينك ..فهو الخالق القادر هكذا اسمه . الرئيس السيسي الذى امتلك الشجاعة يوم 30 يونيو على الإنحياز للشعب ضد تجار الدين ، وهو لم يكن مطالبا بمنطق الإنتهازيين ، على التحرك والإنضمام للجماهير التى خرجت لتحمى الدين والوطن ، السيسي كان يملك الشجاعة ذاتها وهو يشخص الحالة المصرية بكل صراحة ، الرئيس كان واقعيا تماما وهو يواجه الشعب بأوهام سيطرت علينا لعقود . ربما سبقه العديد من الزعماء الذين بنوا بلادهم وأصبحت قوى كبرى ..الصين فعلها الرئيس الصينى عندما واجه الشعب الذى اقبل على ادمان الأفيون ..واستسلم لفقر مدقع ، لبلاد مترامية الأطراف ويعيش عليها قرابة ربع سكان العالم ..القيادة الصينية كانت صادقة فى التشخيص ..حازمة فى تنفيذ روشتة العلاج ..وربما تسمع أن القيادة الصينية حتى تمنع تعاطى المخدرات فى المواصلات العامة حرقت اتوبيسا بكل ركابه ذات يوم ..القصة ربما تكون خيالية لكنها كانت رادعه ..وبنفس الحسم قررت القيادة الصينية علاج مشكلة الزيادة السكانية ..فلكل اسرة طفل واحد وتفرض عقوبات على الأب الذى ينجب أكثر من طفل . وبنفس المنطق ..واجه مهاتير محمد الذى بنى ماليزيا الحديثة ..لم يكتف فقط بمواجهه الشعب بنقائصه فى خطبه العامة ..مهاتير محمد أصدر كتابا "شعب الملايو" ..شخص فيه سمات الشعب ..وقال ما يعنى أنهم كسولين ، لا يعملون بإخلاص ، يفضلون العمل فى دواوين الحكومة ..وتلقى رواتب تكفى للحياة وفقط . مهاتير محمد ..جدد فى تفكير الشعب ..وزع القروض الصغيرة والمتناهية فى الصغر على النساء والأرامل ، ودفعهم إلى سوق العمل ، بل وإمتلاك المشروعات ..وتحولت ماليزيا فى غضون سنوات إلى نمر اقتصادى . فى مصر لم يكن لدينا رئيس قادر على هدم حصون الأوهام الفكرية ..ربما السادات رحمه الله حاول بعد حرب اكتوبر وإفتتاح قناة السويس بعد تطهيرها ..اراد السادات تحرير عنق الدولة من دعم يكبل حركتها ، لكن بعض اصحاب الأفكار الشيوعية واليسارية ، انتفضوا وحرضوا الناس ..وتراجع الرجل رحمه الله . فى مصر لم يكن لدينا رئيس يشعر بآلام البسطاء بعدما عشش فيروس سى فى أكباد الملايين ، فقرر أنه يطرد هذا المرض الذى لا يشفى منه إلا من يملك المال للسفر للعلاج فى الخارج ..وفى وقت قياسى كانت مصر نموذجا لمنظمة الصحة العالمية فى النجاح فى قهر فيروس سى . الرئيس السيسي لم يبال يوما بألم ناتج عن مرارة الدواء ..ولم يقبل بزيف وأوهام الزعامة على الطريقة القديمة ..وكان حاسما فى الإصلاح ..شجاعا فى إسقاط الأوهام ..وانزال الناس إلى واقعية حتمية لأى علاج مخلص .. شجاعة الرئيس فى الإصلاح الدينى وإطلاق حرية بناء دور العبادة هو من أخلاق صحيح الإسلام . إصرار الرئيس على حسم المواجهه مع المرض هو أيضا من صحيح أخلاق المسلم أمانة الرئيس فى تطبيق العلاج المر لإقتصاد متهالك هو سمات الرئيس المخلص لوطنه وشعبه .