من هواياتي المفضلة ، عند نزولي في أي مكان يطل علي البحر ، أن استيقظ في الصباح الباكر لمشاهدة الشروق .. وكم تبلغ سعادتي وأنا أراقب صعود الشمس من وراء البحر ، وكأنها حورية تخرج منه في كامل زينتها لتضيء رويدا رويدا صفحة المياه المعتمة باللون البرتقالي ، فتبعث البهجة في حياة الكائنات علي سطح الأرض، فالكل قام في استقبال يوم جديد يبحث عن الرزق، فهذا البحر الذي تراجعت مياهه بالليل إلي الوراء عشرات الأميال بسبب حركة الجزر، قد بدأت تعود إليه تدريجيا مع حركة المد في الصباح لتصل إلي ذروتها عند الساعة الثانية عشرة ظهرا . وكعادتي في المشي علي الشاطئ بعد عملية ولادة يوم جديد، أبحث عن المحار والقواقع وما يقذفه البحر علي الشاطئ منها في حركتي المد والجزر، فقد التقط قوقعة ذات شكل بديع أو محارة من صدف أو غيرها من بيوت لكائنات بحرية هربوا منها مابين هدوء وهياج البحر . وهذه المرة وجدت شخصا ما يتوغل في البحر بعد انحسار مياهه عند شروق الشمس وطوال ساعتين يبحث بهمة ونشاط في الرمال، وكأنه يبحث عن خاتم سليمان .. وفي اليوم الأول شاهدته ولم أكلمه أما في اليوم التالي فوجدته يقترب مني، وبسبب الفضول عندي وجدتني إبادره بتحية الإسلام ، وأسأله بطريقة مباغته عن ماذا يبحث؟ وكانت إجابته مفاجأة لي.. أبحث عن الفضية! أي فضية سوف تسقط ممن يسبح في البحر، أكيد يبحث عماهو أثمن من الفضية مثلا قطعة حلي من الذهب أو الفضة سقطت من أحدهم ، أو أشياء أخري لايعملها إلا الله، خاصة أنه يبحث بشكل جدي بعد أن رفع ذيل الجلابية في الجيب ، وأصبح وجهه أحمر زي الدم ووجدته يبادرني هو الآخر ويعطيني عددا من القواقع الجميلة فقد لاحظ إنني أبحث عنها.. وهنا أدركت أن الجميع استيقظ مع الشروق يبحث عن رزقه فهذا سرب حمام وتلك مجموعة من الغربان وعلي الرزاق رزقهم.