رغم صياح وصراخ لبنان من الأعباء التي تحملتها نتيجة استضافتها للنازحين السوريين الهاربين من الصراعات وعمليات القتل والتدمير التي لحقت ببلدهم.. فإن البيانات الرسمية الصادرة عن أرصدة البنوك في لبنان تقول إنه ليس هناك ما يدعو إلي هذه الشكوي اللبنانية.. في هذا الإطار أعلنت منظمة الإسيكو أن النازحين السوريين حولوا إلي لبنان ما يزيد علي 11 مليار دولار بينما تشير مصادر اقتصادية أن ما حولوه يتراوح ما بين 15 و18 مليار دولار. هذه التحويلات للنازحين السوريين كانت وراء ارتفاع أرصدة احتياطيات العملة الأجنبية إلي 37 مليار دولار. هذه البيانات تؤكد الملاءة المالية لأبناء الشعب السوري الذي يتعرض للتآمر الإقليمي والدولي. إن هذه المليارات لم تكن إلا نتيجة لروح العمل والإنتاج التي يتمتع بها. إنها محصلة عرق وجهد وفكر وكفاح من أجل لقمة العيش الشريفة والكريمة. إذن وبناء علي هذه البيانات فإن السوريين في لبنان ليسوا أبدا عبئا عليها بل هم في الحقيقة إضافة لها. إن هذه الشواهد الايجابية علي حرفية أبناء الشعب السوري في التصنيع والتجارة تتجلي أيضا في أوساط من لجأوا إلي مصر. إن أصحاب رؤوس الأموال منهم أقدموا علي نقل أنشطتهم إلي مصر بنجاح منقطع النظير. أما العمالة السورية النازحة فإنها لا تأنف القيام بأي عمل ليلاً ونهاراً لتوفير لقمة العيش. إن ما يلفت النظر أن هذا الاجتهاد ليس مقصوراً علي رب العائلة بل إنه يشمل أولادهم التلاميذ بالمدارس الذين يقومون بالتسويق والترويج لمنتجات أمهاتهم السوريات في أوقات فراغهم في الأماكن العامة بأحياء القاهرة والجيزة. إنهم وبهذه الصورة المشرفة يعطون صورة أن أهاليهم نجحوا في أن يغرسوا فيهم نزعة البحث عن العمل الشريف. عندما تشاهدون تجربة الشعب السوري الذي يتعرض لكل أنواع الظلم من القريب والغريب لابد أن نشعر بالاعتزاز والتقدير لما يتمتع به من إصرار. كم أرجو أن تصل هذه العدوي الايجابية إلي أبناء المجتمع المصري الذي يخاصم أغلبيته العمل والإنتاج. حقا إن الشعب السوري العظيم بقيمه ومبادئه الوطنية والقومية يدفعنا إلي أن ندعو الله بأن يساعده علي عبور أزمته ليعود مرة أخري إلي وطنه وبلداته وبيوته في الوطن السوري الشقيق. لا جدال أنه يمثل بإمكاناته قوة عظيمة قادرة علي تحقيق البعث من جديد للوطن السوري الذي أصبح علي وشك القضاء علي آفة الإرهاب والتآمر. تحية تقدير للشعب السوري وكفاحه.