إذا كان »ديل الكلب يمكن أن ينعدل».. فإن سياسة امريكا غير العادلة تجاه سلام الشرق الاوسط يمكن ان تكون عادلة! تطبيق المثل علي مشروع ترامب للتسوية السلمية للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي كشفه وأكده السفير الامريكي في اسرائيل في تصريحات اذاعها راديو اسرائيل. إن ما جاء في هذه التصريحات يتفق ويتوافق مع معني مضمون هذا المثل الشعبي. إن ما قاله هذا المسئول الأمريكي يشير بداية إلي أن الجواب الاسود يبان من عنوانه. هذا ما اوضحه في اطار حديثه عن مشروع ترامب للسلام الذي يوصف بصفقة القرن عندما أعلن بداية أن من حق اسرائيل رفضه ولكن ليس مقبولاً رفضه من جانب الفلسطينيين!! هل هناك بجاحة وفجر يمكن أن يكونا أكثر من هذا؟ إنه ورغم انه لم يتناول من بعيد أو قريب ما يتضمنه هذا المشروع إلا أنه وبهذه التصريحات يحكم عليه بالفشل. إنه بهذا الموقف السلبي الذي يتسم بالرسمية يشير إلي أن النية مبيتة علي تحيز المشروع لصالح اسرائيل المغتصبة ضد قرارات الشرعية الدولية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ليس من فرصة أو سبيل لنجاح مبادرة ترامب حتي تستحق وصفها بالتحرك التاريخي سوي بالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في استعادة موطنه. ان اقل ما يمكن القبول به هو استناد المشروع الي حل الدولتين وعلي اساس ما اتفقت عليه الدول العربية بمراعاة العودة الي حدود 1967. إن غير ذلك لن يكون مقبولاً بأي حال اولا لعدم استجابته للمطالب الفلسطينية والعربية إلي جانب عدم الاحترام لقرارات الشرعية الدولية التي أكدت دعمها ومساندتها للحق والعدل وفقاً للمواثيق الدولية. في هذا الشأن لابد أن يفهم ترامب وادارته أنه عار علي الولاياتالمتحدة موقفها المشين من مأساة الشعب الفلسطيني التي كانت سبباً في معاناته علي مدي 6 عقود من الزمن. عليه ان يدرك أن لا أمل في ان يتخلي الشعب الفلسطيني علي مدي أجياله عن حقه في استعادة ارضه وأن يكون له وطنه المستقل ذو السيادة. إذا لم يتحقق هذا فإنه لن يكون هناك حياة آمنة لإسرائيل ولا استقرار في الشرق الاوسط. ان احداً لا يمكن ان يدرك ما قد تحمله الايام والسنين القادمة لهذا الصراع في ظل حالة المرارة وتعاظم الظلم والآلام للملايين من ابناء الشعب الفلسطيني. علي اسرائيل وأمريكا ألا تحلما أو تفكرا في امكانية تخلي الشعب الفلسطيني ومن ورائه الشعوب العربية عن حقوقهم التاريخية المشروعة. من المؤكد ان عودة الفلسطينيين إلي التلاحم والتوحد بعيداً عن النزاعات والمصالح الشخصية والخيانات سوف يكون عاملاً فاعلاً وإيجابياً في تغيير دفة الأحداث لصالحهم. إنه لا يخفي علي أحد أن اسرائيل ومن ورائها أمريكا تعتمدان علي استمرار الصراعات والانقسامات لتمرير مؤامرة إنهاء الوجود الفلسطيني.. إنهما تعتمدان علي التآمر وتغذية هذه الأجواء من خلال العملاء وباستخدام كل الطرق التي تضمن استمرارها باعتبارها لصالح تحقيق هذا الهدف. إن آفة الصراعات والتآمر لا تقتصر علي التنظيمات الفلسطينية وإنما شملت وللأسف الحكام العرب. ان هذا يحدث نتيجة الاستقطاب والاستسلام للمصالح الضيقة وهو ما يتجلي في الارتماء في أحضان الاعداء أو التزام العزلة التي لا تخدم المصالح القومية العربية. كل الدلائل والتحليلات تؤكد أن لا أمل في صلاح العالم العربي واحترام حقوقه إلا إذا استطاعوا ان يكسروا دائرة الخلاف والتآمر والقبول بالتعامل علي أساس خدمة المصالح القومية العربية.