في ظروف طبيعية كان المؤكد أن تكون هناك قمة ثنائية بين الرئيس الأمريكي ترامب والرئيس الروسي بوتين علي هامش مشاركتهما في قمة »آبيك» في فيتنام.. لكن تعقيدات قضية التدخل الروسي في الانتخابات الامريكية من ناحية. وعدم ثقة كبار المسئولين الامريكيين في ألا يتورط ترامب في اخطاء جديدة او التزامات لا تفيد من ناحية اخري، قد قطعت الطريق علي القمة الثنائية، ليكتفي الرئيسان بلقاء عابر اثناء القمة الجماعية وبضع كلمات كانت - فيما يبدو - مطلوبة لتغطية البيان المشترك الذي صدر - بعد ذلك - بتوقيعهما، والذي اشرف علي اعداده فريق عمل برئاسة وزيري الخارجية تيلرسون ولافروف. البيان الهام جسد التوافق بين أمريكا وروسيا علي الخطوط الرئيسية للتعامل مع الازمة السورية بعد القضاء علي »داعش» وكان أبرز نقاط الاتفاق انه لا حل عسكري للنزاع وأن علي الاطراف جميعا ان تنضم لعملية السلام تحت مرجعية »جنيف» مع التأكيد علي التزام امريكا وروسيا بسيادة سوريا ووحدة أراضيها. وفي اشارة الي القبول الروسي باستمرار التواجد الامريكي في سوريا الذي يفترض ان ينتهي مع القضاء علي داعش.. جاءت الاشارة الي تعاون الجانبين الروسي والامريكي الذي ادي - كما جاء في البيان - الي عدم وقوع حوادث بين قوات البلدين في سوريا، وساهم في هزيمة الجماعات الارهابية. وفي المقابل كانت اشارة البيان الايجابية الي بشار الاسد تمثل تراجعا عن الموقف الامريكي بهذا الشأن. فبعد ان كان وزير الخارجية الامريكي تيلرسون يقول قبل اسبوعين فقط انه لا يتصور ان يكون للاسد وعائلته دور في مستقبل سوريا.. جاء البيان ليشير بايجابية الي تصريح صدر عن الرئيس بشار الاسد اكد فيه الالتزام بعملية جنيف والاصلاح الدستوري والانتخابات وفقا لقرارات مجلس الامن الدولي. الطريق بالطبع ما زال طويلا للتعامل مع الازمة السورية بكل تعقيداتها، لكن السؤال المركزي الآن هو: هل يظل هذا التوافق الروسي الامريكي قائما؟! وهل يكون مقدمة لتفاهمات اخري تضع حدا للتوتر المتصاعد في المنطقة وتمنع المزيد من الانفجار الذي يهدد بلدانا عربية بمصير سوريا او ما هو أسوأ؟! ويبقي الأهم: ان يكون هذا التوافق نتيجة ادراك بان الحروب بالوكالة يمكن ان تقود الي الكارثة وان يكون اشارة الي »الوكلاء» بان يتوقفوا عن محاولات مد النفوذ و اشعال الحرائق في منطقة لم تعد تتحمل هذا العبث!!