قبل الاعلان بالأمس عن الأرقام المدققة للتعداد الشامل للسكان والاسكان في مصرنا المحروسة، كنا نستخدم رقم المائة مليون نسمة كفزاعة نلوح بها في وجوه الناس، ونحذرهم من قرب الوصول إليه ونحذرهم أيضا من حجم الخطر المتربص بنا في ظل الزيادة السكانية التي تطرأ علينا سنويا، والتي قاربت علي المليونين ونصف المليون من البشر سنويا. ورغم ان كل البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء خلال العامين الماضيين، كانت تشير الي ان تعدادنا قد قارب المائة مليون نسمة، بل ربما تجاوزها بقليل، إلا أن عدم اليقين في غيبة الارقام المدققة للتعداد الرسمي، كان يجعل لرقم المائة مليون معني خاصاً، باعتباره كماً من الارقام ذا حيثية ورنين، يجب السعي بجدية للوقوف دون الوصول اليه أو تجاوزه. والان.. وبعد ما تم الاعلان عنه بالأمس من أرقام مدققة، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك اننا قد تجاوزنا رقم المائة مليون نسمة بأربعة ملايين اضافية،..، فقد سقطت الفزاعة التي كنا نستخدمها لاخافة الناس، وتحذيرهم من الخطر الذي يتهددهم بالوصول الي مائة مليون نسمة إذا ما استمروا علي ما هم عليه من زيادة سنوية للسكان. نعم سقطت الفزاعة، ولكن الخطر أصبح قائما وحالا بعد ان كان محتملا أو متوقعا ويجب السعي لتوقي وقوعه،..، وهذا يتطلب من كل المسئولين وجميع أجهزة الدولة المعنية بهذه القضية، ان تتوحد جهودهم لمواجهة هذا الخطر، في اطار خطة شاملة علي المستوي القومي، تقوم علي توعية المواطنين بالابعاد الحقيقية لخطورة الاستمرار في الزيادة السكانية الحالية سنويا وضرورة السيطرة عليها. وهذه الخطة ليست مسئولية الحكومة فقط، ولا وزارة الصحة والسكان فقط، بل هي مسئولية الجميع، وفي المقدمة منهم أجهزة الاعلام والمثقفون والمفكرون ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات الدينية ومعهم المدرسة والجامعة وكافة منابر العلم والتنوير والثقافة والفنون.