تضاربت اجابات المواطنين الأمريكيين عندما سألهم الإعلامي الأمريكي الشهير »جيم كيميل» عما اذا كانوا يعرفون أين تقع كوريا الشمالية. قال البعض انها تقع في مكان عشوائي ما علي الخريطة يمتد من استراليا وحتي الشرق الأوسط! واعترف مواطن بأنه ضعيف للغاية في مادة الجغرافيا قبل أن يشير إلي موقع كندا علي انها كوريا الشمالية! ومع ذلك فقد استخدم الرئيس الامريكي دونالد ترامب، في حديثه أمام الأممالمتحدة عن كوريا الشمالية لغة لم يسمع بها العالم منذ أيام الرايخ الثالث. فقد هدد الرجل بتدمير كوريا الشمالية بالكامل. ومما يثير الدهشة ان خطر حرب، قد تكون نووية، لم يكن له أي رد فعل في دوائر الادارة الامريكية، فلم نشهد أو نسمع أية مناقشة جدية رسمية وعلنية حول عواقب مثل هذه الحرب. ولم يحدث نقاش في الكونجرس أو حتي جلسة استماع، رغم دراسات قام بها عسكريون امريكيون ومراكز أبحاث مرتبطة بهم تطرح مؤشرات مخيفة حول الأهوال التي يمكن ان تقع في حالة نشوب حرب بين امريكاوكوريا الشمالية وكانت الحرب الامريكية ضد كوريا، قبل 65 سنة، قد قتلت ثلاثة ملايين انسان علي الاقل وأحرقت كل مدينة تقريبا سواء في كوريا الشمالية أو الجنوبية. وتكشف بعض التقديرات ان عدد ضحايا حرب بين امريكاوكوريا الشمالية سيكون هذه المرة مليون انسان في حالة ما اذا كانت حربا تقليدية، أما في حالة استخدام اسلحة نووية، فإن عدد الضحايا سيكون أكبر من ذلك بكثير جدا. ورغم ذلك، فإن الحديث عن الحرب يجري بطريقة تدل علي الاستخفاف بحياة البشر وعدم الشعور بالمسئولية. ويقول السكرتير العام للأمم المتحدة »انطونيو جوتيريس» إن خطر حرب نووية اصبح الآن علي أعلي مستوي منذ نهاية الحرب الباردة. والغريب أن دونالد ترامب نفسه هو الذي سبق انه اقترح وسيلة جديدة لحل المشكلة مع كوريا الشمالية، وهي عقد اجتماع مع رئيس كوريا الشمالية »كيم جونج أون». ولكن يبدو ان »الدولة العميقة» في الولاياتالمتحدة لها رأي آخر. وهذا هو السبب في ان رئيس كوريا الجنوبية »مون جاي» كان يريد ان يجتمع مع الرئيس الكوري الشمالي، ولكن واشنطن منعته من عقد هذا الاجتماع. المعروف ان ما يتوق اليه الكوريون الشماليون، إلي جانب مجرد توفير الأمن لبلادهم-، هو الاعتراف بهم، فهم يرون ان هناك تهديدات مباشرة لسلامتهم. وهل هناك طريقة افضل للاعتراف بسيادة كوريا الشمالية من لقاء بين ترامب ورئيس كوريا الشمالية ويعرف حكام كوريا الشمالية مصير أنظمة حكم أخري خضعت لمطالب واشنطن بوقف تجاربها علي الطاقة النووية، مثل العراق الذي اوقف برامجه النووية ومع ذلك تعرض للغزو في عام 2003 مما أدي إلي مقتل مليون عراقي وإسقاط نظام الحكم في بغداد. كذلك كان معمر القذافي قد وافق علي إنهاء برنامجه للتسلح بعد غزو العراق، والنتيجة هي قيام امريكا وحلف الاطلنطي بشن حرب ضد بلاده في 2011 ومقتل عشرات الآلاف من الليبيين وتدمير المجتمع الليبي وقتل القذافي نفسه. وتعتقد بيونج يانج ان برنامجها النووي هو الشيء الوحيد الذي حال دون تعرضها لمصير مماثل. وعلينا أن نتذكر ان الحرب الكورية السابقة انتهت بهدنة وليس بمعاهدة سلام، وان 30 ألف جندي امريكي يحتلون كوريا الجنوبية ويصوبون أسلحتهم إلي الشمال. لقد جاء وقت مواجهة الحقيقة وإنهاء الحرب الكورية وتوقيع معاهدة سلام تضع خاتمة للنزاع. هذا هو البديل الوحيد للكارثة.