تتحرك مصر بخطوات ثابتة وخطة مدروسة لتطوير قدراتها من خلال شراكات قوية مع شركاء دوليين في مختلف أنحاء المعمورة، لدفع عجلة التنمية والاستثمار إلي الأمام ونقل وتوطين التكنولوجيا. لهذا بمجرد أن انتهت الزيارة الناجحة علي كل المستويات للرئيس عبدالفتاح السيسي لمدينة شيامن الصينية، بدأ الرئيس زيارة تاريخية إلي هانوي عاصمة فيتنام هي الأولي لرئيس مصري، زيارة استغرقت يومين قبل أن يعود الرئيس بسلامة الله إلي أرض الوطن. مصر السيسي تستعيد علاقاتها التاريخية مع فيتنام وتكسب صديقاً جديداً، علاقة بدأت عام 1958 بمكتب للتمثيل التجاري ثم علاقة ديبلوماسية كاملة عام 1963، وبعدها صداقة قوية جمعت الزعيمين الراحلين هوتشي منه وجمال عبدالناصر في رحلة الدفاع عن الحرية في مواجهة الاستعمار، كما كانت مصر سنداً قوياً لنضال شعب فيتنام ضد الغزو الأمريكي ، ولهذا لم يكن غريبا ان يبدأ السيسي زيارته بوضع أكاليل الزهور علي قبر هوتشي منه والنصب التذكاري لشهداء فيتنام. تتشابه ظروف مصر وفيتنام في صناعة النجاح رغم التحديات الكبيرة، والرئيس السيسي أشار خلال لقاء القمة مع رئيس فيتنام تران داي كوانج إلي نجاح تجربة فيتنام في تحقيق نهضة اقتصادية مع مراعاة العدالة الاجتماعية والخصوصية الثقافية، وأكد خلال لقائه مع نخبة من رجال أعمال البلدين في منتدي الأعمال المصري الفيتنامي ان تجربة فيتنام قصة نجاح ونموذج اقتصادي يحتذي به. إنه تحول إقتصادي منضبط مع تحقيق العدالة الاجتماعية، وهو نفس ما يحدث بمصر التي بدأت اصلاحا اقتصاديا حقيقيا يستحوذ علي اشادة كل المنظمات الدولية، وحجر الأساس في هذا الإصلاح هو العدالة الاجتماعية وضمان وصول الدعم لمستحقيه، وكانت الاشادة الفيتنامية من رئيس البلاد ووزير خارجيته ورجال الأعمال شهادة جديدة لنجاح الإقتصاد المصري وتوفير فرص واعدة للاستثمار. هذا الاعتراف المتبادل بالنجاح وتشابه التجربة كان وراء توقيع 9 اتفاقات ومذكرات تفاهم للتعاون في مجالات السياحة والملاحة وإدارة الموانيء والمناطق الاقتصادية والاستزراع السمكي والثقافة والإذاعة وتشجيع الاستثمار، وكلها إجراءات تؤكد أننا علي اعتاب مرحلة جديدة لدفع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين خطوات واسعة إلي الأمام. وأمام المستثمرين الفيتناميين فرص واسعة لاستثمار أموالهم في مصر التي تقدم واحداً من أعلي عوائد الاستثمار في العالم.. في المشروعات الصغيرة والمتوسطة والزراعة والتصنيع والطاقة والأسمدة والمنسوجات والأسماك والترسانة البحرية والسياحة، بما يؤكد ان المستقبل يحمل الكثير من الخير للبلدين والأخبار السارة للشعبين الصديقين من وراء هذا التعاون. قمة مصر - فيتنام لم تنس القضية الأخطر التي تواجه العالم، وكان الاتفاق علي أهمية التكاتف الدولي لمواجهة الإرهاب، مواجهة لاتقف عند الحدود العسكرية والأمنية بل تمتد للثقافة والتعليم والفكر، فالإرهاب هو الخطر الأكبر علي خطط التنمية وحق الشعوب في الحياة. لا تتحرك مصر إلا وفق خطوات مدروسة وثابتة، وحفاوة الاستقبال الشعبي والرسمي للسيسي في هانوي، تعكس أننا علي أبواب مرحلة جديدة من التعاون الوثيق بين البلدين، تعاون يستعيد صداقة تاريخية ويكتب سطور تاريخ جديد من النجاح وتحقيق طموحات الشعبين في اقتصاد قوي وعدالة اجتماعية راسخة.