بعد ساعات من القرار الأمريكي بإلغاء وتخفيض 290 مليون دولار من المساعدات الأمريكية لمصر، سارع الرئيس ترامب بالاتصال بالرئيس السيسي ليؤكد له حرصه علي استمرار العلاقات القوية التي تربط أمريكا بمصر، وأن هذه العلاقات قادرة علي تجاوز أية عقبات يمكن أن تؤثر عليها. الباحث الأمريكي إريك ترايجر وصف القرار الأمريكي في صحيفة واشنطن بوست بأنه مبهم ومفاجئ، ويعكس السياسات البيروقراطية المعقدة للسياسة الأمريكية التي عجزت إدارة ترامب عن علاجها، كما أنه يتعارض مع أولويات الإدارة الأمريكية ويعكس الضغوط الكبيرة من الكونجرس علي الإدارة، ما كتبه ترايجر لا يختلف كثيراً عن تقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني بأن القرار يعكس الصراعات المؤسسية داخل الحكومة والكونجرس ويمكن ان يؤثر علي مصداقية إدارة ترامب. المؤكد ان مصر بدأت مع إدارة ترامب عصراً جديداً في العلاقات مع أمريكا، عصر أساسه التعاون في كل المجالات بما يحقق مصالح البلدين، تعاون علي أرضية صلبة، فمصر لا تقبل ولن تقبل تدخل أحد في شئونها الداخلية.. وهي واحدة من أبرز رسائل ثورة يونيو العظيمة، ومصر التي تحارب الإرهاب بالوكالة عن العالم بأكمله تنتظر تعاون الجميع في هذه الحرب. أصداء القرار الأمريكي لم تتوقف عند حدود القاهرةوواشنطن فالصحافة العالمية بدأت تبحث عن أسباب غير معلنة له، فقالت صحيفة فوريشي الإيطالية ان التقارب المصري الصيني هو السبب، بينما ذكرت مجلة فوربس الأمريكية أنه يعكس القلق الغربي من التعاون التجاري والاقتصادي بين مصر وروسيا، وذكر موقع دي فليت الألماني ان سياسة ترامب متخبطة وتخدم العلاقات الصينية والروسية بالمنطقة. بيان الخارجية المصرية كان كاشفا وهو يؤكد علي أن القرار الأمريكي يعكس سوء التقدير للعلاقة الاستراتيجية بين البلدين، فالمساعدات التي لم تعد لها قيمة اقتصادية.. قيمتها في التأكيد علي علاقات مهمة يجب أن تربط البلدين وتعكس الحرص علي دعم استقرار مصر ونجاح تجربتها. أتفق مع التحليل الهادئ للخبراء في وكالة شينخوا الصينية بأن الأمر لا يرتقي إلي وجود أزمة في العلاقات المصرية الأمريكية، ومع تقرير معهد واشنطن بان ترامب حريص علي التوافق الدافئ مع الرئيس السيسي. القرار الأمريكي في حقيقته لا يعكس إلا الصراع بين صناع القرار هناك، والأسباب الغامضة وغير الحقيقية لتأجيل 195 مليون دولار من المعونة تؤكد ذلك، فمصر تحارب الإرهاب بجدية وعلي أمريكا ان تتعاون معنا في هذه الحرب وليس العكس، ولا توجد علاقات سرية أو علنية لمصر مع كوريا الشمالية يمكن أن تثير قلق أحد، أما الحديث عن قانون منظمات المجتمع المدني فهو تدخل في الشأن الداخلي لن تقبله مصر كما لا يمكن أن تقبله أمريكا علي نفسها، وأمريكا لن تكون أحرص منا علي حقوق الإنسان المصري. العلاقات المصرية الأمريكية قادرة علي تجاوز هذه العقبة العابرة.. وأعتقد أن الرسالة المصرية وصلت بوضوح لصناع القرار في واشنطن.