بدعوي الترفيه عن المشاهد في رمضان، تتمادي برامج المقالب الساخرة علي القنوات الفضائية، في الفعل السخيف وفي الفعل المهين.. تتجاوز الاستخفاف بالضيوف المشاركين والاستخفاف بالمشاهد أيضا، إلي العنف والعدوان علي الجميع، كاشفة عن حجم الخداع وتشويه الوعي والتردي الأخلاقي والتشوه النفسي الذي أصاب الإعلام... فما تعرض له الكاتب الجزائري الكبير رشيد بوجدرة (76عاما) من ترويع في برنامج للكاميرا الخفية علي شاشة التليفزيون الجزائري، شكل عدوانا صريحا غير مسبوق، وإرهابا وعنفا غير مسئول، دفع الكثير من المثقفين إلي تظاهرات احتجاجية في الشارع الجزائري، شارك فيها تضامنا شقيق الرئيس الجزائري بوتفليقة (كمبعوث من طرفه) وبالفعل تم وقف بث حلقات البرنامج.... في برنامج (رانا حكمناك) علي قناة النهار الجزائرية المستقلة، جلس بوجدرة أمام المذيع الذي راح يحاوره في قضايا أدبية، وفجأة يقتحم ستديو التصوير مجموعة من الشبان منتحلين صفة الأمن، مطالبين باستدعاء بوجدرة إلي المحكمة، وحين يقدم أوراقه ويخوض حوارا معهم، يفهم منه أنه متهم (بالإلحاد والكفر)!! ثم يقومون باستنطاق عقيدته، ومطالبته النطق بالشهادة قسرا.. تجربة قاسية.. حالة من القهر العنيف والإرهاب والعدوان علي الحرية، وعلي آدمية الضيف وآدمية المشاهد أيضا.. سخرية سوداء فاقت مقالب رامز جلال المهينة والسخيفة، خاصة وأن الكاتب الجزائري رشيد بوجدرة لا يعرف شيئا عن المقلب، عكس معظم ضيوف برنامج رامز جلال من الفنانين.. الذين يعرفون تفاصيل المقلب، ويحصلون أيضا علي مقابل مادي كبير لقاء السخرية منهم... ما حدث مع رشيد بوجدرة هو انتهاك لإنسانيته وكرامته ومكانته الأدبية!