دخلوها بعد أن غادرها جيش وشرطة قوامهم خمسون ألفا مسلحين بأحدث أسلحة أمريكا المتطورة ونفدوا بجلودهم بأمر من المالكي »القائد العام للقوات المسلحة!!!!» . كل ذلك جري لغايات محددة فبعد أن تصاعدت الانتفاضة السلمية في منتصف العام 2014 الأولي رغم عمليات القسوة والبطش التي أودت بمئات الضحايا في ديالي والحويجه والموصل والأنبار ورغم اندساس حلفائه من الحزب الإسلامي لتجييرها لصالح تعزيز وجودهم في هيكل السلطة بل وحتي بعض العناصر المحسوبة علي التكفيريين. فبعد أن عجز عن إيقاف تصاعدها أو حرفها عن أهدافها خاصة عندما أصبحت (الانتفاضة) تدق أبواب بغداد .. لعب المالكي لعبته الخبيثه بإسناد إيراني وأمريكي لإنقاذ نفسه وحلفائه ممن نصبهم المحتل علي سدة الحكم فدخلت داعش بأعداد لا تتجاوز بضع مئات بمسرحية شاهدها العالم بسيارات (تويوتا) الحديثة الجديدة بنفس الموديل واللون الكاكي وأعلامهم السود الجديدة وهيئتهم الموحدة دخلوا الموصل علي مرأي من المراقبة الفضائية الأمريكية والغربية فلم يجدوا أي مقاومة تذكر بل هروب وانهيار جماعي للعساكر والشرطة والدولة . إن ما أعلنته داعش من شعارات ( خلافة مزيفة) بعد دخولها هذه المناطق رغم رفض أهلها التي كانت سببا لمغادرة غالبية سكانها وما قامت به داعش من ممارسات قاسية وقتل وتعنيف بحق أبناء هذه المحافظات. ورغم ذلك اعتبرت سلطة الحكم دخول داعش بالقوة سببا لإطلاق اعتبارها (حاضنة داعش) ولاسيما الأبواق الطائفية بعد أن كانت تسمي (حاضنة صدامية) وبالتالي كانت غطاء لتدمير وإزالة مدن وقصبات من الأرض كما حدث في ديالي والأنبار وصلاح الدين وجنوب بغداد ولاسيما مدن الأنبار، بيجي، الصينية، جرف الصخر، جزء كبير من الدور والمقدادية والفلوجة وما جري فيها من تغييرات ديمجرافية. والآن يأتي دور الموصل لتصبح ساحة حرب يدفع أبناء الموصل ثمنها: تشريدا وتهجيراً ودماء زكية وتدميرا لبيوتهم ومصالحهم وأموالهم وممتلكاتهم ومدينتهم التي يعشقونها. خلاصة القول إن عملية بسيطة في حساب النتائج أن داعش جعلت وجودها ونشاطها منذ سنوات قاربت الثلاث في هذه المناطق جحيما ليدفع أهلها ثمن دخول داعش تشردا وتكفيرا وقتلا وانتقاما منهم بلا رحمة بحجة تطبيق شريعتهم. واليوم يدفعون ثمن ( تحرير الموصل) كما حدث في المدن الأخري تدميرا أنهي ومسح ودمر كل ما موجود في مدنهم من ركائز الحياة ومنشآتها وحتي دورهم السكنية ونهبا لما تبقي من ممتلكاتهم المنزلية الخاصة، بل وتهجيرا وتشريدا منذ حزيران 2014 ولحد اليوم مازالت نسبة كبيرة جدا منهم تعيش التشرد في معسكرات بائسة لا تحميهم من برد ولا حر ولا تتوافر فيها أدني المستلزمات الإنسانية. إن الخراب الذي حل بهذه المناطق من داعش التي نهبت وتنهب الآن في الموصل كل ما موجد وما أعقب طرد داعش من المناطق التي استولت عليها من خراب ودمار يحتاج إلي المليارات لإعادة الحال إلي ما كان عليه وهذه المليارات أصلا لا تتوافر ولا يمكن توفيرها وإن المعالجات مازالت ضعيفة عن استيعاب مئات الآلاف وغير جادة وعاجزة حتي عن تلبية متطلبات إنسانية بسيطة جدا حتي ان قرار عودة المهجرين من مدنهم التي حررت من داعش مازال بيد الميليشيات وقاسم سليماني وقرارات إيران. إن عدم عودة داعش بأغطية جديدة كما حدث منذ الاحتلال ولحد الآن في العراق وسوريا مازال غير مضمون لأن المناطق التي طرد داعش منها مازالت تقوم بعمليات قاسية ضد سكان هذه المناطق انتقاما منهم. إن ما تدفعه الموصل عروس مدن العراق والتي تضم أربعة ملايين ونصف نسمة من العرب والتي تشكل ثلث سكان المناطق الوسطي من قصف مرعب طال الساحل الأيسر من حرق وتدمير ونهب وقتل قامت به داعش انتقاما من أهل الموصل الذين رفضوا مبايعتها ودمروا كثيراً من مؤسسات الحياة فيها بلا رحمة. واليوم تبرز الكارثة بشكل أكبر في الساحل الأيمن الأكثر كثافة والأقدم أحياء شعبية بسيطة البنيان يتهاوي علي رؤوس أهلها ويقتل الأطفال والنساء والرجال متزامنا مع قصف للتحالف وقوات التحالف بالطائرات والصواريخ ثمنه مئات الضحايا الذين دفنوا وهم أحياء تحت الأنقاض ورغم تمكن الكثير من الفرار خارج الموصل وتحملهم لقساوة البرد والمطر وقتل داعش للبعض ممن طالتهم نيرانهم حيث اعتبرتهم دروعا بشرية لهم وأجبرتهم علي التنقل معهم رغم كل ذلك فلايزال أكثر من 400 ألف شخص محاصرين تقتل صواريخ القصف الجوي والأرضي من التحالف والحكومة وميليشياتها ونفدت جميع مستلزمات الحياة من ماء أو طعام أو دواء ولقد بلغ عدد الذين قتلوا هذا الأسبوع في أحد أحياء الموصل رقما قارب الألف تم إخراج حوالي 300 طفل وامرأة ورجل ومازال عدد كبير تحت الانقاض بسبب العمليات العسكرية بل إن جثثا تناثرت أجزاؤها يصعب الوصول لها. إن مجيء داعش برر لعودة تحالف دولي كبير جدا تشارك فيه دول مختلفة أوربية وأسيوية وعربية وإسلامية تقودها واشنطن وأخري تقودها روسيا تقوم بنشاطات عسكرية وقصف وتدمير في مدن العراق وسوريا وأدي إلي تهجير الملايين من كلا القطرين ورهن مستقبل البلدين بمصالح دول الائتلاف الدولي ومصالح دول إقليمية في المنطقة وتميز وتعميق لدور إيران وطموحاتها ومطامعها في المنطقه. في النهاية إن الخاسر الأكبر هم أهل المحافظات المنكوبة في نينوي وصلاح الدين والأنبار وديالي والتاميم وجنوب بغداد ومحيطها الذين أصبح مستقبلهم أكثر قتامة لاسيما مع استمرار التهميش القائم بحقهم واستمرار دوران المعضلة في العراق في خلقة مفرغة طالما أن الدور الإيراني القائم هو الذي يقرر.