أخيرا وبعد نضال وجهاد تواصل علي مدي عشرات السنوات تم اغلاق ملف »الحلم المراوغ» الذي كنا كلما اقتربنا من تحقيقه، يفاجئنا بالهروب الي عالم الاحلام الخيالية، أما الآن فقد تحقق ما قاله الشاعر: كان حلما فخاطرا فاحتمالا.. ثم أضحي حقيقة لا خيالا وبالفعل دخلنا مرحلة الحقيقة المتمثلة في قيام »نقابة الاعلاميين»، وها هو ذا قانون النقابة ينطلق من مجلس النواب، ولا تبقي الا خطوات محدودة - علي ارض الواقع وليس الخيال - لبدء اجراءات تأسيس النقابة مثل تشكيل »لجنة القيد» التي من المتوقع ان تتلقي طلبات العضوية التي قد تصل الي 20 الف طلب من الاعلاميين المتلهفين علي ان تضمهم نقابتهم، وبطبيعة الحال يتم فحص كل استمارات العضوية بدقة للتأكد من مطابقته مع الشروط التي حددها القانون، كذلك يتم وضع »ميثاق الشرف الاعلامي» ومدونة السلوك المهني، والاعداد للجمعية العمومية، الي جانب ترشيح من يمثلون النقابة في »الهيئة الوطنية للاعلام المرئي والمسموع والرقمي» و»المجلس الاعلي لتنظيم الصحافة والاعلام» علي ان يكونوا من غير اعضاء مجلس الادارة. صحيح ان النقابة كانت حلما دائما للاعلاميين، لأنهم كانوا الفئة الوحيدة في مصر التي لا تنتظمها نقابة تحمي اعضاءها، ومن خلالهم تحمي المهنة الاعلامية بما تنطوي عليه من رسالة تنويرية وتوعية ووطنية وانسانية، لكن الصحيح ايضا ان ملايين المستمعين والمشاهدين راودهم بقوة حلم انشاء النقابة في السنوات الاخيرة عندما انزلق الاعلام الي هوة الفوضي والانفلات والعشوائية لدرجة ارباك المجتمع وبث بذور الخلافات والانشقاقات ليغتنمها اعداء الخارج والداخل في حربهم الشرسة ضد مصر وثورة يونيه، هذا الي جانب ما كاد يتسبب فيه الاعلام من تدمير لعلاقات مصر مع الدول الشقيقة والصديقة. لذلك فانه وقد صار الحلم حقيقة، وبدأت نقابة الاعلاميين خطواتها ومهامها التي تبدأ باعادة التوازن للاعلام وتخليصه من الاخطاء والتجاوزات خاصة مع التنسيق القادم بينها وبين المجلس الاعلي لتنظيم الصحافة والاعلام، يتحتم ان ندق ناقوس الخطر والتحذير للاعلاميين الذين استمرأوا الفوضي والانفلات، وشجعهم علي ذلك غياب من يتابع ويراجع ويحاسب متمثلا في النقابة، والمنظومة الاعلامية التي خرجت من رحم دستور 2014. نعم: أيها الاعلاميون.. حان وقت مواجهة الحقيقة وبقدر ما ستحققه النقابة لكم من حماية لحقوقكم ورعاية لمصالحكم، بقدر ما لن تتهاون في تقييم ادائكم ومدي التزامكم بميثاق الشرف والمعايير المهنية والوطنية فاما الاشادة واما اتخاذ الاجراءات الفورية التي تبدأ بالتحذير ثم الانذار ثم الايقاف عن العمل لمدة تصل الي ستة أشهر ثم الشطب نهائيا والحرمان من ممارسة العمل الاعلامي، وهذا ما ينطبق علي اعضاء النقابة وعلي من يحصلون علي تصاريح بمزاولة المهنة من غير الاعضاء كالصحفيين والرياضيين والفنانين والاطباء. انها لحظة الحقيقة »النقابية» »الاعلامية»، من يحترمها يحظي بالدعم والتقدير.. ومن يتجاهلها له سوء المصير وكفي ما تعرضت له الدولة من اخطاء وخطايا.. جعلت الاعلام عبئا ثقيلا عليها بدلا من ان يكون سندا ودعما لها في مواجهة اخطر المؤامرات والمخططات وكفي ما تعرض له الاعلام من اهانة وتشويه لصورته حتي ان ممارسا للعمل الاعلامي قال انه يخجل ان يقول انه »إعلامي»!!