علينا ان ندرك بوعي وبصيرة ان التقشف العام اصبح خيارا وحيدا وضرورة ملحة للدولة كلها والمجتمع بأكمله، لمواجهة الازمة الاقتصادية الخانقة التي نعاني منها الآن ومنذ فترة ليست بالقليلة. وفي ذلك علينا ان نعي ان التأجيل لم يعد ممكنا ولا متاحا بعد ان زادت وطأة الأزمة وثقلت حمولتها نتيجة تراكم نتائجها وآثارها طوال السنوات الماضية، في ظل القصور في الاداء وتأجيل الحلول الواجب اتخاذها عاما بعد عام. وقد ادي ذلك كله الي تضخم الأزمة وزيادة حدتها في الآونة الأخيرة، نتيجة لما اصاب البلاد كلها من عدم استقرار في اعقاب الخامس والعشرين من يناير، وما ادي اليه ذلك من خلل كبير في دولاب العمل ونقص هائل في الانتاج والتصدير، وزيادة منفلتة في الاستهلاك والاستيراد. لذا فإننا مطالبون الان باتخاذ كل الاجراءات الجادة والحاسمة للخروج بالبلاد من هذه الأزمة، وفق خطة شاملة واضحة ومعلنة، تقوم في اساسها علي تشجيع الانتاج وزيادته بكل السبل الممكنة، وحماية المنتج المحلي،.، علي ان يتواكب مع ذلك ويسير معه ترشيد واضح في الاستهلاك، والحد من الاستيراد بحيث يقتصر علي السلع الاساسية والمواد الوسيطة الداخلة في عمليات التصنيع المحلي. وفي هذا الاطار علينا ان ندرك ان الخروج من الازمة لا يقف عند حدود ما اعلنته الحكومة من اجراءات تقشفية، رغم انها إجراءات جيدة وضرورية،...، ولكن الامر يتطلب خطة شاملة للتقشف المجتمعي العام والشامل، بما يمثله ذلك من مساهمة واضحة وعادلة يقوم فيها القادرون والأغنياء من ابناء الشعب بواجبهم تجاه الدولة، والمجتمع،..، في اطار نظام عادل للضرائب التصاعدية، ومواجهة شاملة للفساد، ورقابة صارمة وجادة للسوق تتصدي بقوة للمتاجرين بأقوات الشعب والتجار الجشعين،...، مع دعم نقدي وحماية شاملة للفقراء والفئات غير القادرة من الشعب.