» واضح إن العضمة خلاص كبرت» »مالك ياراجل من ساعة ماركبت التاكسي ده وانت صحتك في النازل؟».. هكذا تحاول زوجتي إستفزازي وهي تراني يوميا وبمجرد أن أدخل البيت أطلب حق اللجوء السريري طوال مدة بقائي داخل الشقة بعد أن كنت فيما مضي رغم حيلي المهدود من ركوب التاكسي طوال اليوم لا ألجأ إلي السرير إلا عند النوم فقط بينما كنت امارس حياتي العادية من أكل وشرب وقراءة وفرجة علي التليفزيون بشكل طبيعي ..هذه الأيام تغير الوضع بنسبة 100% وأصبحت أعيش فوق السرير بشكل دائم وكأني نبات تم زرعه في صوبة زراعية لا يستطيع أن يعيش إلا تحتها، أو عابد ناسك إعتزل العالم في صومعة بأطراف المدينة !!.. فإذا أرادت زوجتي أو أي أحد من العيال مني شيئاً ماعليها سوي أن تطرق باب الصوبة أو الصومعة ..أقصد باب اوضة النوم.. بمعني أن تنقر بأطراف أصابعها علي الباب من الخارجفأقوم بالرد من علي السرير: مين بيخبط ؟!.. بل أنني مع مرور الوقت لم أعد أحتاج أن أسأل عن هوية الشخص الذي يطرق علي اللحاف حيث اكتسبت من الخبرات ما يمكني من تحديد شخصية الطارق من الطريقة التي يطرق بها قبل أن أسمع حتي صوته فإذا كانت أصابع الطارق تكاد تهدم الصوبة علي العبد لله بطريقة شمشون الجبار فهي حتماً حرمنا المصون تريد أن تقدم لي قائمة طلبات البيت التي تريدني أن أشتريها ، وإذا كان الطارق يستخدم ثلاثة أصابع أو أقل في الطرق علي اللحاف فهي بالتأكيد بنتي الكبيرة تريد عشرين ولا تلاتين جنيه مصروفاً قبل أن تذهب إلي الجامعة .. الله يرحم أبوكي يا بنتي إللي قضي 16 سنة في التعليم ما يفتكرش إنه خد فيها كلها علي بعضها مصروف يوازي المصروف إللي بتاخديه في يوم واحد!!..ليس لأنني عشت أيام الجنيه الخشب كما تقول بنتي ولكن لأني أدركت بعضا من هذه الأيام التي كانت البركة تسود كل شيء مهما كان قليلاً عكس هذه الأيام التي كثر فيها كل شيء ولكن مع الأسف منزوع البركة!! أما إن كان الطارق يستخدم أصابعاً مترددة في الطرق فهي بلا شك بنتي طالبة الثانوية العامة تريد مني أن أدخل في جولة مفاوضات مع امها لكي تسمح لها بترك المذاكرة لكي تشاهد مسلسل مهند التركي ..»الله يخرب بيت مهند علي اليوم إللي شوفناه فيه »..هكذا أقوم بالرد عليها من علي السرير مؤكدا لها أن أمها لو رأتها تذاكر بجدية قبل المسلسل لسمحت لها بالفرجة علي الحلقة تلقائياً لكن المشكلة أن لقاء وشقيقاتها يقضين ساعة قبل المسلسل في استرجاع أحداث الحلقات السابقة وساعة بعد المسلسل في الحكاوي عن توقعات الأحداث القادمة ولو كانت أي منهن تنوي إعداد ماجستير أو دكتوراة عن شخصية مهند لحصلت عليها بامتياز مع مرتبة الشرف الإولي.. وإذا كانت الأصابع التي تطرق باب الاوضة متوترة فهي بالتأكيد أصابع بنتي رقم 3التي أصابها ترتيبها الجغرافي بين شقيقاتها بحالة من الوساوس القهرية والخزعبلات الفكرية فهي تري أن من اهم اكبر منها يتآمرون عليها ومن هم اصغر منها يحقدون عليهاكما تري أن امها لا تنصفها عندما تشتكي إليها ، لذا لا يكون أمامها سوي أبوها الغلبان تنتظره علي أحر من الجمر لتخرج الشحنة التي بداخلها بل في أحيان كثيرة لا تنتظر عودتي من العمل حيث تتصل بي تليفونياً لذا يكون معني دخولي الاوضة بمجرد دخولي للشقة بالنسبة لها كارثة قومية فهي لا تريد أن تشعر بالهزيمة أمام اخوتها مما يعني أن تقف فوق دماغي حتي أقتص لها ممن ظلموها طوال اليوم ، أما الرابعة والخامسةفلا تنتظر أي منهما أن أدخل تحت اللحاف حتي تطلب ماتريد من مصاصة أو شيكولاتة أو ما شابه من طلبات بل تقف أمام الاوضة لمنعي من دخولها قبل تحقيق مطالبهما رافعين لافتات عليها عبارات رنانة مثل الشعب يريد تحصيل الايراد(المقصود ايراد التاكسي) أو (الشعب والتاكسي ايد واحدة)!! هكذا كان الحال يسير ..وبالطبع لم تكن مقاومتي للخروج من السرير تصمد طويلاً أمام إلحاح زوجتي والعيال حيث كنت أضطر للخروج لتلبية جميع الطلبات المادية والمعنوية إلي أن قررت منذ عدة أيام أن أضع علي قلبي حجر وأن أصم أذني عن أي طرقات علي الباب ، حدثت نفسي بأنه إذا جاء ت إحداهن من الباب أرد الباب وأعيش في أمان وإن جائت من الحيط أسد الحيط بحجر صوان .. لن أسمح من الآن فصاعد أن يعكنن عليً أحد أو يفسد حياتي التي أقضيها فوق السرير الذي أصبح بالنسبة لي بيت العز يابيتناإللي علي بابه عنبتنافيها خضرا وضليلة بترفرف علي العيلة وبتضلل ياحليلة ياحليلة من أول عتبتنا يابيت العز يابيت السعد يابيت الفرحيابيتنا ، الآن فقط فهمت لماذا كنت دائماً أحب الرائع مرسي جميل عزيزصاحب هذه الكلمات الرائعة التي تغنت بها الرائعة فايزة أحمد الآن فقط تمنيت لو كان في يدي عود محمد الموجي لكي أدندن وأنا تحت اللحاف بهذا اللحن الجميل : الله الله عليعشرتناوعلي لمتنا حوالين بعضينا الله علي أجمل أيامنا وعلي أحلامنا وحكايات ليالينا اللقمة الحلوة تجمعنا وتشبعنا وتكفيناوالكلمه الحلوة تفرحنا وتصبحنا وتمسينا إبعد ياشيطان إبعد ياشيطان إبعد ياشيطان.. إذنفلتطرق زوجتي بكلتا يديها فلن أفتح لها فلقد سئمت من هذه المطالب التي لا تنتهي، ولتعلم كل بنت كيف تدبر مصروفها بنفسها، البنات في اوروبا والدول المتقدمة بيشتغلوا مع الدراسة، وهكذا لم اكدب الخبر وبدأت علي الفور في تنفيذ مخططي الجديد في الحياة الوردية بعد أن أغلقت باب الاوضة وأصممت إذني عن سماع أي مطالب من البنات وأمهن ، فليذهب الكل إلي الجحيم ، الوقت كفيل بجعله يتنازل بالتدريج عن أي طلبات ، بعد يومين من الخبط والرزع علي باب الاوضة فوجئت بزوجتي تحذرني قائلة : إظهر وبان عليك الأمان .. رفضت أن أرد عليها وظللت تحت تكعيبتي أدندن باللحن الجميل بعد أن قلت لنفسي أنني لن أسمح لهذه القلة أن تجعلني أغير أي شيء من خططي ، بعد ثلاثة أيام إرتفعتبالخارج ومع ذلك لم أتزعزع ولم أغير خطتي ، أما في اليوم الخامس فقد بدأت أشم رائحة غريبة .. جاز مثلا ً أو بنزين .. فانتفضت أتصبب عرقاً مؤكداً استعدادي لتلبية جميع المطالب وبينما زوجتي تنظر لي نطرة شماتة وهي تردد : كويس ياحبيبي إنك فهمت قبل فوات الأوان !!