قرأت مقال للكاتب محمود قاسم الإسبوع الماضى هنا تحت عنوان "أين ذهبت أموال المسافر؟" الذى تحدث فيها عن مشاريع الإنتاج السينمائى لها حيث أعتبر أن تكرار تجربة الإنتاج ليس شىء ببعيد وأن ملف "المسافر" يجب أن يعاد فتحه..!! وأنا لا أعرف إن كان ذلك المقال كتبه كناقد أو كمؤرخ أم محقق جنائى.. وأنا على حسب معلوماتى أنه مؤرخ سينمائى وليس ناقد وبالرغم أنه مؤرخ.. أرى أن مقالته تكاد تخلو من الدقة وصحة المعلومات وذلك ليس بجديد عليه لأن كل موسوعاته نجد بها عدد ضخم من الأخطاء التاريخية والمعلوماتية.. فعلى سبيل المثال نفس الفيلم الذى يتحدث عنه قام بوضعه فى إحدى موسوعاته بعنوانه القديم "من ضهر راجل" وذكر أنه من بطولة الفنان الراحل أحمد زكى..!! وهذا لأنه لايعمل على تحديث معلوماته وهناك مجموعة أخطاء ذكرت فى المقال لاتمت للواقع بصلة.. ويبدو أنه حتى لم يشاهد الفيلم ولكنها معلومات منقولة أغلبها خطأ.. وأنا هنا لست فى محل دفاع عن العمل بسبب نقد ما.. لأننى هنا لا أتعامل مع كاتب المقال السابق على أنه صاحب رأى وليس ناقد.. فأنا لست بحاجة للدفاع عن فيلم كتب عنه كبار النقاد فى مصر والعالم العربى أمثال سمير فريد وكمال رمزى وإبراهيم العريس وعصام زكريا وإبراهيم عبد المجيد.. ولكن على كاتب ذلك المقال أن يراجع معلوماته والتى ذكر فيها أن الفيلم لم يحصل على جوائز فى حين أنه إذا تحرى الدقة سيكتشف أننا حصلنا على أكثر من 18 جائزة عالمية أولها اليونسكو فى مهرجان فينسيا الدولى وآخرها جائزة لجنة التحكيم فى مهرجان الرباط وأحسن فيلم فى مهرجان روتردام ثم توج الفيلم بأهم جائزة وهى من النقاد المصريين منذ شهرين لأنه أحسن فيلم عرض العام الماضى.. كذلك لا يخفى على ناقد ولا مؤرخ –ولكن يخفى على شخص غير متخصص- أن الدخول فى مسابقة مهرجان فينيسيا وهو من أعرق المهرجانات الثلاث الكبرى وأيضا اختياره من بين 3 آلاف فيلم تقدموا من كل أنحاء العالم وهذا فى حد ذاته جائزة وشرف لم يحصل عليه طوال تاريخ السينما المصرية إلا فيلم "حدوتة مصرية" ليوسف شاهين عام 1981 ونحن بعدها "بالمسافر" فى 2009.. بالإضافة لأن هذا الملف لم أرغب فى التطرق إليه لأننا نعانى فى مصر فعليا من أكبر أزمة فى صناعة الفنون وهى الحركة النقدية باستثناء نقاد قليلين.. فلا يوجد نقد حقيقى فى السينما المصرية والمحاولات التى قام بها البعض للهجوم على "المسافر" بما ليس له علاقة بالعمل أو تقييمه وإنما قد تكون تصفية حسابات "شخصية" ولا أعتقد أنه موقف مثلا من النظام القديم لأن كاتب المقال لم يعترض فى كتاباته من قبل على الدولة السلطوية التى كان يقودها مبارك فالنقاد الحقيقين أمثال سمير فريد وكمال رمزى وعصام زكريا يحسب لهم مواقفهم وكانت مقالاتهم دائما ناقدة للنظام وأنا شخصيا رغم أنى قدمت فيلم من إنتاج وزارة الثقافة إلا أننى لم أهتم فعلا برد الفعل تجاهى من أول لحظة شاركت فيها بثورة 25 يناير وليس هذا فقط بل أننى قبلها بعام أعلنت تأييدى للدكتور محمد البرادعى منذ وصوله إلى مصر وتسبب ذلك فى تعطيل عرض الفيلم من قبل النظام السابق وأعلن ذلك د.البرادعى شخصيا فأنا من الفنانيين الذين تعرضوا لضغوط بسبب تأييدى له.. ولكن من يصنع أعمالا فنية لايشغل باله عواقب مواقفه الثورية.. وفعليا أؤمن بأن وزارة الثقافة المصرية هى ملك الشعب المصرى وليست ملك لأى نظام سواء كان السابق أو الحالى.. فأنا قدمت عمل سينمائى مصرى حقق أكثر من الأهداف المرجوة منه فقد شارك فى أكبر المهرجانات العالمية والتى لم تسنح الفرصة لأفلام مصرية أخرى للإشتراك فيها.. على سبيل المثال جميع الأعمال التى تنتج سنويا لكبار المخرجين يتم تقديمها لمهرجانات كبرى مثل كان وبرلين وفينيسيا قليل منها مايدخل المسابقة بالإضافة أنه عرض على جهة الإنتاج أن تقوم شركتى توزيع بشراء "المسافر" إحداهما عرضت شراءه وتسويقه ل 114 دولة وهى سابقة الأولى من نوعها لم تتحقق لأى فيلم مصرى من قبل.. وحينما عرض الفيلم جماهيريا كما يقول كاتب المقال -الذى لايعرف متى عرض-.. ولكنه أكتفى بذكر أسماء احتجاجات ومظاهرات مناهضة للمجلس العسكرى فى 5 نسخ وكأنه فيلم أجنبى..!! وهى طريقة غريبة على عرض فيلم مصرى.. كما أنه ذكر أن الفيلم لم يتم شراؤه من قنوات تليفزيونية.. وأنا أقول له أن هناك قنوات أوروبية كثيرة اشترت حق عرضه وفى مصر حصلت عليه شبكة تليفزيون الحياة وبدأت عرض تنويهات عنه وكل ذلك كان بمقابل مجزى جدا نظرا لأهمية الفيلم.. ومايدهشنى حقا أنى قابلت كاتب المقال مصادفة فى إحدى الزيارات لإيران وكان يشيد وقتها "بالمسافر" ويتفاخر به أمام الإيرانيين ولم يذكر أى نقد لوزارة الثقافة أثناء حديثه معى.. وإن كان يجوز له التحدث عن ملفات الإنتاج فى وزارات بالدول الشمولية فلم يكن ينبغى عليه أبدا أن يوقع إتفاقيات مع وزارة الثقافة الإيرانية لكتابة موسوعات عن السينما هناك.. فأنا شخصيا أعتبرها دولة شمولية ديكتاتورية تصدر الثورة الإسلامية للعالم وهو موقف أعلنته من قبل أنا والمخرج محمد خان عندما كنا فى زيارة لإيران أمام الوفد الخاص بهم.. وأعتقد أن محمود قاسم يدعى أنه يكتب نقد.. ورغم ذلك يصعب عليه أن يسرد عبارة أن النقاد المصريين قد أعجبوا بالفيلم رغم أنهم لم يفهموه..!! وهو استنتاج خاص به.. وإن عبارة "فيلم صعب أو سهل" لا تليق أبدا بناقد أومهتم بالسينما..