وزيرتا البيئة والتنمية المحلية تتابعان عمل منظومة المخلفات الصلبة في المحافظات    إيلون ماسك ينتقد مشروع قانون في أجندة ترامب التشريعية    نجم الأهلي السابق: سيناريو إنبي 2003 لن يتكرر مرة أخرى    ارتفاع ضحايا حادث السادات بالمنوفية إلى 3 وفيات    موعد أذان مغرب الأربعاء 1 من ذي الحجة 2025.. وأهم أعمال العشر الأوائل    تنظيم 4 قوافل طبية بالشرقية لدعم غير القادرين بالقرى والمناطق النائية    زيارة أعضاء المجلس الاستشاري لحقوق الألمانية بالقاهرة للعاصمة برلين    البوستر الرسمي لفيلم "عائشة لا تستطيع الطيران" ضمن الأفضل بجوائز لوسيول    مصر تتوج ب 6 ميداليات في البطولة الأفريقية للسامبو    الزمالك يُعلن انتهاء موسم أحمد الجفالي    «التخطيط» تعلن حصول قرية «الحصص» بالدقهلية على شهادة «ترشيد» للمجتمعات الريفية الخضراء    كالاس: يجب توقف إسرائيل عن استهداف المدنيين ومنع إدخال المساعدات    ديو جديد مع الشامي.. هل تُفيد الديوتوهات المتكررة تامر حسني جماهيريا    لوكهيد مارتن تكشف مفاتيح بناء قبة ترامب الذهبية.. وتصفها ب"رؤية رائعة"    «الخطيب مش هيوافق».. كيف تفاعلت جماهير الأهلي مع أنباء اقتراب كريستيانو؟    تقارير تكشف.. لماذا رفض دي بروين عرضين من الدوري الإنجليزي؟    الحزمة الأولى من مبادرة التسهيلات الضريبية.. مجلس الوزراء يوافق على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على العقارات المبنية.. التعديلات تستهدف تخفيف الأعباء الضريبية مراعاة للبعدين الاجتماعي والاقتصادي    مصرع شخص أسفل عجلات قطار في بني سويف    ابتعد أيها الفاشل، قارئة شفاة تكشف سر صفع ماكرون على الطائرة    مسئول أوروبي يتوقع انتهاء المحادثات مع مصر لتحديد شرائح قرض ال4 مليارات يورو أواخر يونيو    تيتة نوال خفة دم مش طبيعية.. وفاة جدة وئام مجدي تحزن متابعيها    هيئة فلسطينية: فرض النزوح القسرى واستخدام التجويع فى غزة جريمة حرب    طارق يحيي: لن ينصلح حال الزمالك إلا بالتعاقد مع لاعبين سوبر    رومانو: تاه يخضع للفحص الطبي تمهيدًا للانتقال إلى بايرن ميونخ    طريقة عمل الموزة الضاني في الفرن لغداء فاخر    في 24 ساعة فقط- 3 مشروبات تنقي جسمك من السموم    حرام شرعًا وغير أخلاقي.. «الإفتاء» توضح حكم التصوير مع المتوفى أو المحتضر    الرقابة المالية: التأمين البحري يؤدي دور محوري في تعزيز التجارة الدولية    أكاديمية الشرطة تُنظم الاجتماع الخامس لرؤساء إدارات التدريب بأجهزة الشرطة بالدول الأفريقية "الأفريبول" بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولى GIZ    زيارات ميدانية ل«نساء من ذهب» بالأقصر    اسكواش - تتويج عسل ونوران جوهر بلقب بالم هيلز المفتوحة    اليونيفيل: أي تدخّل في أنشطة جنودنا غير مقبول ويتعارض مع التزامات لبنان    نسرين أسامة أنور عكاشة ل«البوابة نيوز»: مفتقد نصيحة والدي وطريقته البسيطة.. وأعماله تقدم رسائل واضحة ومواكبة للعصر    الحكومة تطرح 4 آلاف سيارة تاكسي وربع نقل للشباب بدون جمارك وضرائب    سليمة القوى العقلية .. أسباب رفض دعوى حجر على الدكتورة نوال الدجوي    الإعدام لمتهم والسجن المشدد 15 عامًا لآخر ب«خلية داعش قنا»    5 أهداف مهمة لمبادرة الرواد الرقميون.. تعرف عليها    الاتحاد الأوروبي يعتمد رسمياً إجراءات قانونية لرفع العقوبات عن سوريا    «بيت الزكاة والصدقات» يصرف 500 جنيه إضافية لمستحقي الإعانة الشهرية غدًا الخميس    في أول أيام الشهر.. تعرف على أفضل الأعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة    الاتحاد الأوروبي: يجب عدم تسييس أو عسكرة المساعدات الإنسانية إلى غزة    حملة أمنية تضبط 400 قطعة سلاح وذخيرة خلال 24 ساعة    ألف جنيه انخفاضا في سعر الأرز للطن خلال أسبوع.. الشعبة توضح السبب    نائب وزير الصحة تشارك فى جلسة نقاشية حول "الاستثمار فى صحة المرأة"    تفاصيل الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من "حقوق السوربون" بجامعة القاهرة    وداعاً تيتة نوال.. انهيار وبكاء أثناء تشييع جنازة جدة وئام مجدى    روبوت ينظم المرور بشوارع العاصمة.. خبير مرورى يكشف تفاصيل التجربة الجديدة.. فيديو    لمواجهة الفكر المتشدد.. "أوقاف الفيوم" تنظم دروسًا منهجية للواعظات    إقبال كثيف على المراجعات النهائية المجانية لطلاب الثانوية العامة ببورسعيد    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية ويوجه بسرعة إعلان نتائج الامتحانات    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    نائب وزير الصحة: إنشاء معهد فنى صحى بنظام السنتين فى قنا    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    ألم في المعدة.. حظ برج الدلو اليوم 28 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد البرى يكتب : المرشد العام لعبدة العجل
نشر في أخبار النهاردة يوم 07 - 04 - 2012

لم أندم يوما على أنى كنت عضوا فى الجماعة الإسلامية. لماذا؟ كان لا بد لى أن أمر بهذه التجربة حتى لا يبتزنى أحد بما أجهل، وحتى أكون على ثقة بما أعلم. كما أن التشدد الدينى جزء أصيل من ثقافة شعبنا (عكس ما نشيع عن أنفسنا، لا سيما فى جيلى)، وينبغى أن يفهم الإنسان منشأه ومآله، ويفصص حججه ويفندها. بالنسبة إلىّ، فإن هذا التشدد يأتى مكملا ومتكاملا ومتسقا تماما مع الرياء والتعصب الدينيين. وهذا متوقع فى بلد دياناته تحتقر تاريخه، فلا يجد أبناؤه محلا للفخر بالوطن، وبأخلاقه الموروثة. ولا أدل على هذا من أن كل ما يمت إلى الحضارة الفرعونية الرائعة الباقية على الأرض، بأدلة ملموسة، ومعجزات محسوسة، يستخدم بمدلول سلبى: «قلنا عليه موسى طلع فرعون»، «يا فرعون إيه فرعنك؟ مالقتش حد يلمنى». وقبل أيام، وصف زعيم جماعة «الإخوان المسلمين» الإعلاميين بأنهم سحرة فرعون. وهو يريد من ذلك أن يذمهم، ويريد من باب خفى خبيث أن يمدح نفسه، بأنه من القوم المؤمنين.
طيب يا سيدى. سحرة فرعون، كما تقول الرواية الدينية، أنكروا الحق صباحا ثم آمنوا به ليلا. كانت لهم وجهة نظر لكنهم كانوا منفتحين على الآخر ومستعدين لتبديل آرائهم إن اقتنعوا بصوابه. ليس فى هذا عيب، لكن العيب كل العيب فى من ظهر لهم الحق، وبانت لهم الآيات، ورغم ذلك أبت نفوسهم الوضيعة إلا أن تصنع لنفسها عجلا تعبده. هل تعرف مَن هؤلاء؟
قبل أن تستخدم ميراثك التعصبى، هؤلاء هم كل من لم يستطع التخلص من عاداته القديمة. فحتى بعد أن خلصهم ربهم ممن تجبر عليهم، وحين شق لهم أبواب سجنهم، وحين أنزل عليهم من خيره العميم ورزقه الوافر، أبوا إلا أن يعودوا سيرتهم الأولى، فيعبدوا عجل السلطة الأدنى، التى خلصوا للتو منها.
هؤلاء الذين خانوا العهد، وتركوا الناس يعرضون حياتهم للخطر فى الميدان، بينما هم يساومون من خلف ظهورهم على مكاسب لهم. هؤلاء الذين سكتوا بانعدام أخلاق لا يحسدون عليه على جرائم قتل ترتكب أمام أعينهم، بل إنهم استخدموا آلتهم الدعائية لتحريض الناس على الضحية، هؤلاء من إذا قَتل فيهم أبو رتبة «حمَوه»، وإذا احتج فيهم الوطنى أغروا بقتله.
وليس التشابه بينكم وبين عبدة العجل يقتصر على ذلك، بل إن شعور الاضطهاد الذى تحملونه داخلكم شبه آخر. المضطهدون القدامى لم يشفع لهم تعرضهم للاضطهاد حين ظَلموا، فاستحقوا غضب ربهم، واستحقوا التيه. بالمثل، فإن تعرضكم للاضطهاد سابقا لا يبيح أبدا كل الجرائم التى تقترفونها إذ جاء النصر والفتح.
أعود على بدء. هل علمتم لماذا لم أندم أبدا على سنوات الجماعة الإسلامية؟ لأننى تعلمت القصص الذى تعلمتموه والذى تُعلمونه لأبنائكم وأتباعكم مقرونا بتفسيراتكم، لكننى إذ تفكرت فيه فهمت جوهره، ولم أكتف بحرفه. ولولا أننى عشته لظللت سجين المجهول. كما كثير من أبناء وطنى سجناء هذا المجهول. لقد خاطب المضطهِدين القدامى ربُهم فى سفر الخروج، فقال لهم، «لا تضطهد الغريب ولا تضايقه، لأنكم كنتم غرباء فى أرض مصر»، لم يقل لهم إن غربتكم واضطهادكم تبرر لكم ما تفعلون. أنتم معذورون والحرج مرفوع عنكم.
لم أتعلم من القصص إذن أن أعتبر نفسى دائما (ولو إيحاء) فى صف «الشعب المختار»، بينما من يخالفوننى فى صف «الكفار»، إنما تعلمت أن لا أحد يملك ختما ربانيا بالرضى مهما فعل، حتى الذين اصطفاهم ربهم بنفسه، وسماهم شعبه. إنما الرضى والغضب مرتبط -قبل الإيمان- بالعمل. وفى القرآن: «كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر»، هذا أولا، ثم «وتؤمنون بالله». وفى تفسير القرطبى، كنتم خير أمة أخرجت للناس (إذ) تأمرون بالمعروف... أى أن التفضيل مشروط، بحسن الخلق، وحسن الفعل، والابتعاد عن الباطل، والابتعاد عن الظلم والظالمين.
وبمناسبة حسن الخلق، استمع إلى ما يشهد به الميت على نفسه لكى ينال الحظوة فى الحياة الآخرة عند قوم فرعون: ... أنا لم أنقص القياس، ولم أغش فى الكيل ولم أطفف فى الميزان. أنا لم أطرد الماشية من مراعيها. أنا لم أتسبب فى بكاء أحد. أنا لم أحرم إنسانا من حق له...
كلها معاملات. وهل يهم الإنسان من الإنسان إلا المعاملة؟
أما جماعة تعجب الجُهَّالَ قيمُها ويأنفها ذوو العقول الرشيدة، أما جماعة من الطاعنين فى الظهر، والساكتين عن الحق، والمعينين على الباطل، فلا تستحق أبدا أن تقيم نفسها حكما على الناس. ومن الآن فصاعدا سنرد لكم الصاع صاعين، فقد زالت القداسات حين رأينا كذبكم وخيانتكم وغدركم.
يشرفنا أننا سحرة فرعون، يا إمام عبدة العجل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.