من المرتابين فى 25 يناير، أو المحبطين من تحويلها إلى «ثورة إسلامية» بعد ركوب الإخوان، مَن يؤيدون فى الحقيقة مبادئها. بل إنهم ما انقلبوا عليها إلا لأنها ضيَّعت هذه المبادئ بالانحياز إلى نظام إسلامجى سيفوق نظام مبارك استبدادا وظلما ونخبوية واحتكارية. أليس لهم بعض الحق فى ذلك؟! أليس أنصار 25 يناير المنحازون إلى الإخوان سببا رئيسيا فى هذا؟ بلى. هذه إجابتى الصريحة عن السؤالين. المشكلة أن القوى الثورية التى ارتمت فى أحضان الإخوان -رغم كل ماسبق - أعطت مبررا موضوعيا لهؤلاء، للأسف، لكى يرتموا فى أحضان دعاية النظام السابق ضد الثورة. الدعاية التى تستلهم نفس الخدعة الإسلامجية بعد سقوط الخلافة العثمانية الإسلامية الإجرامية الفاشلة. توجيه الغضب إلى 25 يناير، وتسميتها «سايكس-بيكو 2». وبالتالى تحويل مبارك فى اللا وعى إلى ضحية مؤامرة. ونسيان التوريث، والاحتكارية، وبرلمان ال100٪، والفساد، وانهيار التعليم. ثم إنهم يُوحُون بأنه كان ينوى تحويل البلد ديمقراطيا «بط هوين». وهنا، من فوائد كبر السن اتساع مجال النظر. مواليد السبعينيات مثلى يعرفون أن انتخابات 1987 كانت أفضل بما لا يقاس من انتخابات 2010. أى أننا كنا نبتعد عن الديمقراطية مع كل يوم إضافى من عمر مبارك ونظامه. هذه واحدة اعترفت فيها بخطأ قُوى الثورة. لكن، على الجانب الآخر، فإن فشل الديمقراطيين المنقلبين على 25 يناير المرتابين فيها فى النأْى بأنفسهم عن النظام السابق أدى إلى ارتماء بعض القوى الثورية فى حضن الإخوان. لقد انتظرت سنتين لكى يتهم أحدهم الفريق أحمد شفيق بالفساد رسميا. ولم يحدث. لذلك قررت منذ فترة أن أتوجه إليه بوصفه لاعبا أساسيا على قدم المساواة مع الآخرين. بل وأهم من كثير منهم لأنه وقف بشجاعة، وبوضوح، وبلا انهزامية، أمام الإخوان. صفات لم نجدها للأسف فى أناس أوليناهم ثقتنا كقادة للدفاع عن مبادئ 25 يناير. فإذا بعضهم ينحاز إلى الإخوان، وإذا بعضهم ينهزم أمامهم ويعطيهم طوق نجاة كلما ضاق عليهم الخناق. فعلت ذلك لأن ضميرى ارتاح إلى هذا. ضميرى أهم من «البريستيج الثورى». الفريق أحمد شفيق فشل هو الآخر فى طمأنة شباب الثورة إلى التزامه بالديمقراطية وبوطن منعتق من الفساد القديم. فشل بطريقتين. أولا لأنه أحاط نفسه بأناس معروفين بعدائهم المطلق ل25 يناير. وثانيا لأنه اقتصر فى خطابه الموجه إلى الشباب على «طمأنتهم» إلى أن مكروها لن يصيبهم. وهذا مضحك. هل تعتقد أن هؤلاء الذين خاطروا بحياتهم صار منتهى أمانيهم السلامة؟! ما علينا. أما الفشل الأكبر الخارج عن إرادته لكنه مسؤول عن نتيجته، أن قواعده نشرت فى الشارع أن عودة أحمد شفيق إيذان بانتهاء «المؤامرة» المسماة 25 يناير. من يفعل هذا لا يلومنّ إلا نفسه. لقد خسرت أصواتا كان يمكن أن تجذبها إلى جانبك. أصوات المقاطعين. معارضى الإخوان. غير المخدوعين بحديثهم «الثورى» رغم حبهم ل25 يناير واعتزازهم بها. الإخوان، الذين أعلم أنهم يكرهون شباب 25 يناير أكثر منك كثيرا، كذبوا لاستمالتهم. بينما لم تحاول أنت أن تبذل مجهودا لكى تصل إلى خطاب يُنصف المخلصين الذين خرجوا لا لشىء، ولا لمؤامرة، ولا خلافه. إنما خرجوا لكى ينادوا بالديمقراطية. لقد شعر هؤلاء أنهم صاروا أيتام الثورة، على مائدة لئام الثورة (الإخوان)، ولئام النظام السابق (الاستبداديين الفاسدين). المهم. دَعُونا نتعلم من دروس الماضى. قبل الانتخابات القادمة دَعُونا مرة واحدة نفكر بعقولنا، لا بالرغبة فى «مش قلت لكم». دَعُونا نقل إننا جميعا أخطأنا بدرجات متفاوتة، أخطأنا فى النظر إلى الحياة بمنطق الأبيض والأسود. سواء الذين اعتقدوا أن 25 يناير كعبة مقدسة لا بد من الطواف بها، أو من اعتقدوا أنها شيطان لا بد من رجمه. بينما هى فعل إنسانى فيها من كل شىء. دعونا نقل إن كل أخطائنا صبّت فى مصلحة الاستبداديين المنافقين الكذابين المتاجرين باسم الدين، والمدعين أنهم رافعو قواعد «الكعبة». وإن استمرار هذا الحال يعنى وقوع مصر فى خراب مستعر. سندفع جميعا ثمنه. دعونا نصل معا إلى نقطة التقاء، تضمن الحقوق، وتبشر بالمستقبل. إن فشلنا فنحن فقط الملومون. انسوا الآخرين مرة واحدة. الناجحة لديها خطط. والفاشلة لديها مبررات.