أظنه فعلا من قبيل التجنى والافتراء الشديدين وصف حكم الست «الجماعة» وفضيلة الدكتور «ذراعها» الرئاسية، بالفشل الذريع والخيبة القوية وأن لا إنجاز لكليهما معا إلا دفع البلاد ونقلها يوميا دولة ومجتمعا من كارثة إلى أخرى ومن سيئ إلى أسوأ فى كل المجالات وعلى كل الأصعدة. وبمناسبة «النقل»، ربما يستطيع المواطن الصالح (حتى لو كان الهم والجوع قد أعمياه) أن يرى بسهولة ووضوح إنجازا وطنيا لا ينكره إلا جاحد أو حاقد، تحقق واستفحل وتضخم أمام عيوننا الكحيلة على مدى أكثر قليلا من نصف عام مر علينا مثل «وابور زلط» بينما نحن نتمتع بحكم الست و«ذراعها»، ففى هذه المدة البسيطة الصغيرة تمكن المذكوران من تطوير وتعميق وتسريع وتيرة العمل بمنهج اخترعه نظام المخلوع أفندى وولده يقضى بتحويل وسائل النقل العام (خصوصا القطارات) من مجرد وسائط وأدوات تنقل المصريين من منطقة إلى أخرى على أرض الوطن إلى وسيلة فعالة لحل مشكلة التضخم السكانى عن طريق «نقل» ما تيسر من السكان الفقراء من الدنيا إلى الآخرة مجانا ومن دون تحميلهم أى أعباء إضافية غير قيمة تذكرة درجة ثالثة!! هل أذكّركم بأن ستة أشهر من حكم فضيلة الدكتور محمد مرسى شهدت خمس حوادث قتل وإبادة جماعية بالقطارات فقط، آخرها فجر الثلاثاء الماضى؟! طبعا لا داعى لتضييع الوقت فى الكلام عن إنجاز ثورى يعرفه القاصى والدانى وأى عيل صغير يعيش معنا فى هذا الوطن المنكوب، لكن عيالا وكبارا كثيرين لا يعرفون أو لا يتذكرون دائما أن «الدول» أنواع، وهى عادة على دين وشاكلة أنظمتها وحكامها، لهذا هناك دول فاشلة أو متخلفة ومتأخرة، وأخرى ناجحة وناهضة ومتطورة، وهناك دول بوليسية وديكتاتورية وفاشية، وهناك دول مزدهرة بالحرية والديمقراطية والعدل.. كلٌّ حسب نوع ومِلَّة وجنس حكامه. عند هذا الموضع أريد تذكير القراء الأعزاء بأننى كثيرا ما كتبت محذرا من خطأ وضع المستبدين والديكتاتوريين والإخوة الفاشيين جميعا فى سلة واحدة والنظر إليهم كلهم باعتبارهم متساوين ومتماثلين فى كل شىء، لأن الواقع أنهم وإن جمع بينهم السوء والبشاعة متفاوتون ومختلفون جدا أحيانا، ليس فقط فى مستوى الكفاءة والمهارة بل أيضا فى درجة التدمير والتخريب والإجرام الذى يحدثونه فى مجتمعات البلدان المبتلاة بشرورهم والرازحة تحت أوزارهم، وذلك تبعا لاختلافات وتفاوتات معقدة بعضها له علاقة بتباين ظروف هذه المجتمعات، وبعضها الآخر يتعلق بالسمات الشخصية والمؤهلات العقلية للديكتاتور نفسه (وجماعته أو عصابته) ومقدار حظه ونصيبه من التعليم والذكاء أو الجهل والغباء. هذه التباينات والاختلافات بين نوعية ديكتاتور وآخر تنعكس وتظهر بوضوح فى ملامح وسياسات وآليات عمل نظام الحكم الذى يقوده كل منهم، وتتجلى خصوصا فى حجم ومستوى ما يتوفر لهذه الأنظمة من مهارات فى إدارة دولاب الدولة قد ترتفع فى نظام ديكتاتورى معين إلى درجة أن يبدو على قسوته وقبحه له بعض الشمائل والإنجازات، ومتمتعا ب«صورة» فيها شىء من ملامح الرصانة والجدية.. غير أن القدرة والكفاءة قد تنحطّ وتنخفض فى نظام ديكتاتورى آخر إلى حد أن يصبح منظره هزليا وعبيطا ويصعب على الكافر، وربما أحيانا ينجح فى إثارة ضحك وشفقة جموع ضحاياه المقهورين. وبعد.. هل لهذا الكلام كله أى علاقة شريفة بما جاء فى أول فقرتين من هذا المقال؟! لو حضرتك فاضى من فضلك أعد القراءة مرة أخرى، فإذا لم تعرف الإجابة وحدك فاذهب إلى أقرب مركز شرطة وابحث هناك عن مخبر صديق تستعين به، أو.. بلِّغ عنى «جهاز مباحث أمن الجماعة» وريّح دماغك.