أحكم ما قيل على وجه هذه الأرض ليس خفيا فى الكتب، بل معروف وشائع. إنما بعض «الناس» لا يتفكرون فيه، ولا يأتى على بالهم. لو تفكر الدب فى قصة الدب الذى قتل صاحبته، لأنه أراد أن يقتل ذبابة على وجهها، لما أمسك بالحجر الكبير مرة أخرى وهشم جمجمتها، ثم بكى نادما معتذرا: إن أردت إلا الإصلاح. ولو تفكر الراعى، كما تفكر كثير من الأطفال فى سنه، فى قصة الراعى الذى كان يصرخ «ذئب، ذئب»، ثم يكتشف المهرولون إلى إنقاذه أنه كان يكذب، لما فعل ذلك، لأن الناس ستتوقف عن تصديقه، والذئب لن يتوقف عن غنمه. الدببة التى تقتل أصحابها مرة بعد أخرى، والرعاة الذين يكذبون مرة بعد أخرى، خريجو تعليم تلقينى، لم يعلمهم أن قيمة المعلومة فى فهمها، وفهم تطبيقاتها فى حياتنا، لا فى حفظها واستعادتها وحكايتها. بعض الناس أساتذة فى سرد القصص. لكنك تعلمت أن لا تعلنى إعجابك قبل النهاية. لأنهم يقصون حكايات ولا أجمل، ويخرجون منها باستنتاجات ولا أجهل. «كتاب» كلام، و«مفكرون» حالهم مفكرين، وشيوخ شيوع، ضيعوا الدنيا. من هنا فإن التفكير، وليس حجم ما يمر بالعين أو الأذن أو اللسان، هو ما يصنع الفرق بين إنسانة وإنسانة، ومجتمع ومجتمع. اللت والعجن يدفن المفيد تحت المعدوم الفائدة، ويضيع الذهب فى أكوام القش. ومجتمعنا صار مجتمع كلام بلا معنى، وحكاوى، وحواديت. لكن تيجى تسألى عن نقاط معينة واضحة، تلاقى الإجابة ماتعلمتش حتى من القصص اللى كلنا نعرفها. 1- مر مئتا يوم على انتخاب ساكن جديد لقصر الاتحادية، ولا نزال حتى الآن لم نسمع منه رؤية. على حد تعبير قرأته على فيسبوك، «كلما سألت أحد المسؤولين عن شىء قام مسرعا، كبر، وصلى أربع ركعات». «رصيف نمرة خمسة والشارع زحام، وساكت كلامنا مش لاقى كلام».. الله يرحمك يا زكى رستم! 2- جربى أن تعترضى على هذا، ستقوم الدببة وتصرخ «ذبابة! ذبابة!» على وجه صاحبنا، وسيصرخ آخرون كذبا «ذئب! ذئب!». سيظنون أن كل الحجارة انهالت على الذباب، كما سيعتقدون أنهم ضمنوا تأييد المهرولين للمرة القادمة. 3- قولى لهم طيب إيه مواردنا السريعة؟ ما هو إحنا ماعندناش موارد سريعة إلا قناة السويس والسياحة. حضراتكم مطفشين السياحة! بمجرد أن تنطقى بكلمة سياحة سيصرخون: «ذبابة، ذئبة، على وجه الحكم». ويطلقون الحجارة وهم يصرخون الله أكبر. 4- طيب القانون والقضاء؟! «ذباب على وجه الحُكم وذئاب تهاجمه». حجارة. ويهرع «ثوار» إلى نجدة «رفاق الميدان».. هع! 5- طيب المساواة بين المواطنين؟! ذباب وذئاب! بل الرجال قوامون على النساء، والمسلم لا يتساوى مع غيره. 6- طيب الموقف القانونى لجماعة الإخوان المسلمين؟ لم نقل حلوها، قلنا قننوها، كأى كيان فى العالم. لن تستطيعوا أن تضبطوا أمر الجمعيات والمؤسسات فى البلد طالما على رأسكم بطحة. «ذباب. ذئاب». ثم مزيد من البطح. 7- طيب مؤيدوكم الذين يدعون إلى القتل علنا؟ ويحرضون على المسيحيين علنا؟ ويهددون السياحة علنا؟ كل ما سبق يجعلنى متشائما جدا بشأن تعديل المسار السياسى فى مصر. الإخوان ارتدوا دروع السلفيين الثقيلة، فلا سمحت لهم بسهولة الحركة ورشاقتها، ولا صاروا قادرين على خلعها. جزاء وفاقا، على تلونهم ولعبهم على كل الأحبال. لا نصدق الإخوان. هذه معروفة. لكن من الآن فصاعدا يجب أن لا نصدق من يصدق الإخوان، مهما استخدموا من قصص. سنفهم أنهم لا يفهمونها. لقد أدميتم وجه حكمكم يا أغبياء فى أشهر قليلة. ونعلم أنكم ستستمرون فى هذا، لأنه الشىء الوحيد الذى تجيدون فعله. الصراخ الكاذب. وإلقاء الطوب. ستدفعون ثمن أنكم لا تتفكرون فى القصص.