رأى المحلل الإسرائيلي "مردخاي كيدار" في مقاله المنشور بموقع "نيوز وان" الإسرائيلي أن مصر تبدو اليوم كعربة متهالكة تجرها عدة خيول قوية ومرعبة وتجذبها في مختلف الاتجاهات المتنافرة. وأكد "كيدار" أن الخيول تنقسم لنوعين، أولها داخلي ممثلاً في الإخوان المسلمين والسلفيين والعلمانيين وفلول مبارك والجيش والشرطة والمخابرات العامة والرئيس والشارع، أما النوع الخارجي فيمثله الأمريكيون والأوروبيون والهيئات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي. وتساءل "كيدار": "هل بمقدور عربة كهذه الصمود أمام الضغوط والخروج سالمة أم أنها ستتحطم لأشلاء وكل منطقة في مصر ستحل مشاكلها لنفسها؟ هل ستنجح العربة المصرية في الخروج سالمة من بين المطرقة والسندان؟ هل هذا ربيع عربي؟ ثم أردف قائلاً إن الجواب ليس واضحًا إطلاقًا". وأضاف "كيدار" أن أحدث مؤامرة منتشرة في مصر خرجت مؤخراً من مدرسة عدة أئمة سلفيين يزعمون أن مصدر مشاكل بلدهم هم بقايا الثقافة الفرعونية الكافرة التي مازالت موجودة في الفضاء العام لأرض الإسلام، وعلى رأسها أبو الهول والأهرامات. وتابع "كيدار" أن الشعور بالضياع السياسي والجوع يدفع المصريين مرة أخرى لميدان التحرير ولكن كلما زادت الآمال كلما زاد الإحباط وخيبة الأمل، فمنذ الإطاحة بمبارك في فبراير 2011 غرقت مصر في مشاعر بزوغ فجر جديد وكلمات عظيمة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية ودولة المؤسسات وغيرها من المصطلحات التى أصبحت في صدارة الحوار العام. واستطرد الكاتب: "لكن بعد عامين منذ بداية أحداث الربيع العربي ومصر تنزلق فى منزلق أملس وخطير إلى مستنقع المشاكل السياسية والمدنية والدستورية والإدارية، فالرئيس محمد مرسي ممثل حركة الإخوان المسلمين المخضرمة والواسعة بعد أن حظى في بداية مشواره بموافقة جماهيرية واسعة بات ينظر إليه حالياً كديكتاتور جديد بسبب الإعلان الدستوري الذي أكسبه صلاحيات واسعة تجعله فوق أي جهة أخرى بالدولة ولاسيما منظومة القضاء". وأضاف "كيدار" أن الكثيرين في مصر ممن أيدوا في البداية الرئيس محمد مرسي يشعرون بأنهم خلعوا ديكتاتورا علمانيا واستبدلوه بديكتاتور ديني، مشيراً إلى أنه بعيداً عن اللغط السياسي هناك قضية محبطة أخرى وهي تراجع البورصة المصرية بنسبة 10 بالمائة في الأسبوع الماضي، أي أن كثيرا من مواطني مصر فقدوا نسبة كبيرة من مدخراتهم، ناهيك عن تراجع الاستثمارات والأعمال بسبب الخوف من تبعات تراجع البورصة. وأكد الكاتب الإسرائيلى أن الاقتصاد المصري الذي يعاني بشدة من اختفاء الاستثمارات الأجنبية والسياحة يعتمد حالياً على مصدر شبه وحيد وهو إيرادات قناة السويس، والتي قد تتراجع هي الأخرى بسبب الاحتقان والتوتر الأمني، الذي سيؤدي بدوره إلى زيادة تعريفة التأمين البحري للسفن المارة عبر القناة، وسيؤدي أيضاً إلى قلة جدوى استخدامها. ورأى "كيدار" أن الشعور بالضياع السياسي ينضم إلى الشعور بالجوع ويدفعان الجماهير المصرية الغفيرة مرة أخرى إلى ميدان التحرير على أمل أن يأتي الخلاص، لكن التوجهات المختلفة الحالية ستحول المظاهرات إلى مواجهات عنيفة ستؤدي إلى سقوط الكثير من الشهداء على مذبح غير واضح. وتساءل "كيدار": "هل هذه هي الحرية التي صلى المصريون من أجلها؟ هل هذه هي الديمقراطية التي حلموا بها؟ هل هذه دولة المؤسسات التي تمنوها؟ مؤكداً أن خيبة الأمل الكبرى كانت من نصيب الشباب الليبرالي العلماني من خريجي الجامعات الذين خلعوا مبارك بأجسادهم، والذين يشعرون بأن "الثورة سرقت منهم" وأنهم حصلوا بدلاً من مبارك على حكم "الإخوان المسلمين" الذي يدار من "مكتب المرشد العام" للحركة التي تحرك الرئيس كالدمية - على حد وصف الكاتب. ورأى "كيدار" أن الإعلان الدستوري الجديد للرئيس "مرسي" يعيد مصر إلى عصور الاستبداد المظلمة، وإلى أيام الديكتاتورية العسكرية منذ العام 1952 التي استند فيها القمع إلى المراسيم الحكومية والإعلانات الدستورية.