يؤكد أنه غير نادم على إعطاء صوته للفريق أحمد شفيق فى الانتخابات الرئاسية، وأن الرئيس مرسى يتجه بمصر نحو الدولة الدينية، مشيراً إلى أن مصر تشهد صناعة دستور شبه مدنى لن يعبر عن طموح المصريين، وأنه سيكون «قصير العمر» نحتاج إلى تغييره خلال سنوات، إنه الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق خلال المرحلة الانتقالية، الذى يقول فى حواره ل«الوطن» إن الدين فى مصر لم يعد لله بل لجماعات متشددة تفرض آراءها المتطرفة على خلق الله، كما أن الوطن لم يعد يتسع للجميع، واصفا الإصرار على تطبيق الشريعة ب«الوهم»، والحديث عن دولة الخلافة بأنه «تجاوزه التاريخ». ■ فى البداية، كيف استقبلت قرارات الرئيس مرسى وهذا الإعلان الدستورى الذى صدر بتحصين قراراته وإعطائه الحق فى إحكام قبضته على البلاد؟ - قرارات الرئيس مرسى هى إعلان عن دكتاتورية لا يمكن إلا أن تؤدى إلى الحرب بين أطياف الأمة وهى إعلان لا يتمتع بالدستورية وإن كان يصف نفسه بالدستورية؛ لكنه ليس من الدستورية فى شىء لأنه لا يمكن فى دستور أى أمة من الأمم أن يحصن رئيس الجمهورية قراراته بما يوقف عمل الرقابة من أى نوع على قراراته، فهو إعلان لا يتمتع بالدستورية على الإطلاق وهو عبارة عن بداية عهد من الدكتاتورية. ■ وكيف يكون رد فعل القوى المدنية على مثل هذه القرارات؟ - الرئيس قال فى بداية حكمه: حاسبونى إن أخطأت ولابد أن نحاسبه جميعاً ونقف ضد هذا القرارات التى ليست فى صالحه شخصياً وليست فى صالح الوطن وهو ما ينذر بأوخم العواقب التى كنا نرجو ألا تمر بها مصر وهو ما يدخل مصر فى نفق مظلم، وبصفتى مواطناً، أنصح الرئيس بأن يبحث عن صيغة للخروج من المأزق الخطير الذى وضع نفسه ومؤسسة الرئاسة فيه. ■ هل تعتقد أن الرئيس مرسى رئيس لكل المصريين؟ - لا، ليس رئيسا لكل المصريين، ولا أشعر بذلك وإنما لا يزال يتصرف على أنه الرئيس السابق لحزب الحرية والعدالة، بدليل أن هناك خبرا نشر مؤخرا حول مذكرة مقدمة للرئيس تطلب منه تعيين عدد من الأسماء الإخوانية الموجودة فى جماعة الإخوان، ومنها اسم الدكتور حسن البرنس، علما بأن كثيرين اعترضوا على تعيينه نائبا لمحافظ الإسكندرية، هذا إن دل على شىء فإنما يدل على أن هناك انتماء عضويا بين الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين. ■ تعنى أن حزب الحرية والعدالة يعيد إنتاج الحزب الوطنى ويسير على نهجه وسياساته؟ - هذا يظهر فى كل شىء؛ فى توزيع اللجان فى مجلس الشعب الذى تم حله، وفى اختيار عدد كبير من الوزراء، وفى اختيار المستشارين، والأقلية النادرة الآن ليست من الإخوان. «الحرية والعدالة» يسير على درب «الوطنى» المنحل. ■ ما تفسيرك لما بدر من جماعة الإخوان فى جمعة الحساب بالاعتداء على المتظاهرين؟ - الجماعة تعيد إنتاج القمع الذى وقع عليها فى عهد النظام السابق، والمظاهرة التى دعا إليها عدد من الأحزاب المدنية معلن عنها منذ أسبوعين، ومع ذلك فوجئ الجميع يوم المظاهرة باقتحام شباب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان الميدان، حيث حطموا المنصات واعتدوا على المتظاهرين من الشباب الثورى الذى قام فعلا بثورة 25 يناير، كما أن خطابات عدد من جماعة الإخوان بها معانٍ وألفاظ وإشارات وإيحاءات تدل على الرغبة فى القمع. تطبيق الشريعة «وهم».. وأحلام المصريين تحولت إلى كوابيس.. وثورة الجياع قادمة ■ لماذا قلت إن ثقافة الرئيس ضحلة وتظهر فى خطاباته؟ - أنا رجل أعمل بالنقد الأدبى وأهتم بتحليل الخطاب، ولهذا تجدنى مهتما بسماع خطب الرئيس لأتأمل فيها، خاصة الخطابات التى تطرح خارج مصر، كل رئيس فى أى بلد حديث لا بد أن يكتب خطبه مجموعة من المختصين الكبار، وهذه قاعدة دولية، وعندما استمعت إلى خطاب الرئيس عقب توليه الرئاسة وخطابه فى الأممالمتحدة وفى مؤتمر عدم الانحياز فى إيران، وجدتها كلها خطبا تليق بإمام جامع وليس رئيس جمهورية، كما أن الارتجال يكون فى لقاء داخل مسجد أو لقاء بسيط لا بأس به، ولكن عندما تكون لقاءات رسمية ذات أهمية ينبغى أن يعد لها بأكبر قدر من العناية، ومن الواضح أن الرئيس ذهب إلى الولاياتالمتحدة وأغلق على نفسه ولم يفعل سوى أنه أعد أطروحة دكتوراه دون أن يفتح ذهنه للحياة الحضارية الواسعة الموجودة حوله، بدليل أن ثقافته بسيطة جداً جداً إلى درجة الضحالة. ■ ما الذى يجب أن يتضمنه خطاب رئيس الجمهورية من وجهة نظرك؟ - عندما تكون ابن هذا البلد بثقافته القائمة على عمارة رائعة وتظهر حتى فى المساجد، عندنا أعظم عمارة إسلامية فى تاريخ العالم وأعظم عمارة فرعونية فى تاريخ الفن القديم، أى تراث حضارى نتباهى به بل هو مصدر القوة المعنوية للرئيس عندما يقف فى أى مكان فى العالم، وعندما يرمى الرئيس كل ذلك وراء ظهره ويقف ليتكلم كلاما أشبه بكلام خطباء المساجد، وكلاما عاما، إن دل على شىء فإنما يدل على أن المستوى الثقافى لك يا سيادة الرئيس أو الذين كتبوا خطابك لا يجعل منهم مؤهلين حقيقيين لأن يضعوك فى مثل هذه المواضع، وينم عن جهل وثقافة سطحية. ■ تطالب الرئيس بأن يستعين بكتّاب ومفكرين لكى يكتبوا له خطبه؟ - مشفق على الرئيس مرسى وأقول له: استعن بأحد المختصين ليكتب لك خطابك، خصوصا الخطابات المهمة التى تعبر عن مصر، لأنه عيب أن تذهب إلى الأممالمتحدة وترتجل أشياء مرتبطة بالدين الإسلامى وحده وأمامك الكثير من الحاضرين من ديانات أخرى وأنت تمثل مصر وتعبر عنها بتاريخها وحضارتها. كما أن البلاغة تعنى مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وكل ما أطالب به حتى لا تُظهر الخطابات التى يقولها الرئيس مرسى أننا إزاء رئيس ضحل الثقافة، أن يكون هناك مجموعة من كبار المفكرين هى التى تكتب الخطابات، وأذكره بأن الأستاذ محمد حسنين هيكل كان يكتب خطابات عبدالناصر، وخطابات مبارك كان من أشهر وأفضل كتابها الدكتور أحمد كمال أبوالمجد. ■ تقول إن ثورة 25 يناير سُرقت، من سرقها من وجهة نظرك؟ - سرقت فى يوم الجمعة التى جاء فيها القرضاوى ليؤم الناس فى ميدان التحرير، ويستولى شباب وأعضاء الجماعات الإسلامية وعلى رأسهم الإخوان على المنصات ويسرقوا الثورة ويمنعوا وائل غنيم من أن يلقى كلمة فى ذاك اليوم، المسألة وضحت واستطاعت جماعة الإخوان أن تستولى على عقول أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو يعقدوا تحالفا معهم، لا نعرف تفاصيله إلى الآن، وإلا كيف تبرر لى إصرار الإخوان على أن الدستور ليس ضروريا وإنما ينبغى البدء بالانتخابات؟ ■ ماذا تقصد بسيطرة الإخوان المسلمين على عقول أعضاء المجلس العسكرى؟ - أى إن الإخوان بدأوا يوجهون أعضاء المجلس، وهناك نقاط لا تزال مجهولة فى العلاقة ما بين ثلاثة لعبوا دورا كبيرا فى تحولات 25 يناير: الإخوان المسلمين والمجلس الأعلى للقوات المسلحة ثم الولاياتالمتحدة، وحدث بينهم تحالف بشكل ما، والاتصالات بين الإخوان المسلمين والأمريكان «مفتوحة من زمان»، وعندما جاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة كان واضحا جدا فى أنه يستجيب فورا لطلبات الولاياتالمتحدة، وكان واضحا فى نفس الوقت، بنفس الدرجة من الوضوح، أنه يستجيب للإخوان؛ بالموافقة على البدء بالانتخابات وليس الدستور، لأن الإخوان أصحاب المصلحة، والقوة السياسية المنظمة فى الساحة المصرية التى استطاعت أن تحصد الأغلبية. ■ لكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أكد مرارا أنه «حمى الثورة» ، بدليل أنه التزم بتسليم السلطة؟ - أنت يا مجلس يا عسكرى تدعى أنك حامى الثورة، لماذا لم ترعَ الجماعات الثورية الناشئة وتعطيها من الوقت ما يمكنها من أن تتصل بجماهير الشعب التى قامت بالثورة من أجله، إنما أعطيت ميزان القوى للإخوان وحدهم؟ ■ الدكتور ممدوح حمزة وصف تسليم «العسكرى» البلاد لفصيل بعينه دون وجود دستور «خيانة عظمى»، ما تعليقك؟ - أنا أعتبرها «خيبة عظمى»، ربما بسبب السذاجة السياسية أو الجهل. إيحاءات الجماعة تدل على الرغبة فى القمع وخطب مرسى تليق ب«إمام جامع».. تسليم المجلس العسكرى البلد للإخوان «خيبة عظمى».. ومصر على شفا كارثة اقتصادية ■ ألم يكن لديك أى تفاصيل بما يحدث، خاصة أنك كنت وزيرا للثقافة آنذاك؟ - لم أكن موجودا فى وقت حكم المجلس العسكرى للبلاد، وظللت فى وزارة الثقافة فى عهد حكومة شفيق 7 أيام، وقدمت استقالتى فى أول اجتماع لمجلس الوزراء، قبل أن يتنازل مبارك عن الحكم، لأنى عندما دخلت الوزارة أدركت أن النظام القديم باقٍ كما هو ولم يتغير، وأنه لا فائدة، وكان المذهل أن واحدا من كل الجالسين فى مجلس الوزراء من الوزراء القدامى لم يتخيل أن الثورة ستحدث، وكان هذا شيئا غريبا، وظللت أتحدث فى هذا الاجتماع وأقول إننا نريد أن نبدأ فى تكوين حكومات ائتلاف تشمل كل القوى الوطنية، فإذا بى أواجه بعداء غريب جداً من عدد كبير من الوزراء، كاد يصل إلى حد التشاجر بالأيدى مع أنس الفقى، وكملنا الخناقة شفويا بعد أن خرجنا من اجتماع المجلس، وكانت هناك بلاهة حين قال إن «هذه حكومة الحزب الوطنى الذى يرأسه الزعيم الرئيس محمد حسنى مبارك»! ولم يكن هناك اعتبار أو حس أو تخمين واقعى بما يحدث فى خارج القاعة. ■ بعد مرور عامين على الثورة، ما الذى تحقق من وجهة نظرك؟ - كل الكلام الذى قاله السيد محمد مرسى أثناء حملته الانتخابية «اتبلع واتمسح»، بل إن الواقع مسحه لأنه كان عبارة عن كلام يقرب الجماهير، وعندما جئنا إلى وقت التنفيذ لم نجد شيئا. ولا توجد سخرية أو مسخرة أكثر من أن تقول جماعة الإخوان إن مشروع النهضة هو مجرد أفكار عامة، وإن «إحنا بنهزر»، فى حين أن الأستاذ «الشاطر» عندما كان يتكلم عن نفسه كمرشح لمنصب الرئيس قبل خروجه من السباق، كان يقول إنهم بيعملوا على إعداد مشروع النهضة لسنوات مضت وإنهم استعانوا بكل التخصصات والخبراء، أين كل هذا؟ للأسف «إحنا انضحك علينا»، ووُعدنا وعودا كاذبة. ■ وما النتائج التى قد تحدث جراء عدم تحقيق احتياجات المواطن البسيط الذى يطمح للعدالة الاجتماعية؟ - نحن على شفا كارثة اقتصادية وسياسية وأخلاقية، ولا توجد سيطرة على الشارع المصرى، ونسبة التحرش بالنساء فى الشارع وصلت إلى 80%، وهذا لم تعرفه مصر من قبل، ولم أسمع عن التحرش إلا مرتين أو ثلاث فى زمن السادات، وكانت بتبقى فضيحة، مثل فتاة العتبة، الآن يوجد فى مصر مليون فتاة عتبة تم التحرش بها، وهذا يعنى انتهاك لكرامتنا ولعِرض مصر كله، ودليلا على أن المجتمع غوغائى وسمعة مصر فى خطر، ووصل بنا الانهيار الأخلاقى إلى أن اثنين من أعضاء الجماعات التى تتكلم باسم الله وتكفرنا، تورطا فى فضائح أخلاقية. وعلى المستوى الاقتصادى لا توجد حلول لأزمة الخبز، وهناك أزمة فى المواد البترولية. ■ بصفتك مثقفاً وناقداً أدبياً، كيف ترى الصراع على الدستور من قبل القوى السياسية؟ - لست مندهشا مما يجرى، لأن الصوت الأقوى واليد الطولى تفرض نفسها فى الغالب، والرئيس مرسى يدعى أنه يحكم باسم كل المصريين وهذا غير صحيح، بالعكس هو يحكم متحالفا مع القوى الإسلامية الأخرى، ولم نسمع عن صدام بين السلفيين والإخوان المسلمين، وهناك قانون ضد التمييز بكل أنواعه، وكل يوم لدينا أشكال من التمييز الدينى، ولم نرَ النيابة العامة أو الشرطة تدخلت للقبض على أى أحد يمارس التمييز، لا لم يحدث. ■ إلامَ سينتهى الصراع على الدستور برأيك؟ - فى نهاية الأمر، الدستور سوف يخرج ليعبر عن القوى الغالبة، وذراً للرماد فى العيون وخوف الإسلاميين من الولاياتالمتحدة والغرب، سيحاولون أن يخففوا هنا أو هناك لكن سيظل الجوهر، فيما يتصل بسلطات الرئيس على وجه التحديد، أو المواطنة، وأظن أنه فيما يتعلق بالحريات العامة لن تطرح بالقدر المباشر الذى كانت مطروحة به فى دستور 23، لأن دستور 23 كتبته الليبرالية المصرية، والآن لدينا دستور يكتبه 70% من أبناء القوى الإسلامية السياسية، سيكون شبه مدنى، ومن المؤكد أننا سنحتاج إلى تعديله بعد سنوات، فلن يكون دستورا طويل العمر. ولدينا مجموعة مدنية تعمل داخل الجمعية التأسيسية جاهدة للدفاع حتى النفَس الأخير، وجهدها عظيم لكن فى النهاية هى مسألة تصويت، وعندها سيكررون غزوة الصناديق، فمن يقول «نعم» سيدخل الجنة ومن يقول «لا» سيدخل النار، ما يعنى أننا ننتظر غزوة صناديق ثانية للاستفتاء على الدستور، ولن يكون دستورا ليبراليا نحلم به أنا وأنت. ■ إلى أى حد يقف هذا الدستور شبه المدنى أمام حرية التعبير والإبداع والبحث العلمى؟ - حرية البحث العلمى والإبداع لا تحكمها نصوص دساتير، ونصوص الدساتير المكتوبة ليست هى القضية بكاملها بل الذى يحكم تلك الحرية التقاليد العلمية الجامعية الحقيقية، ولأن الجامعة المصرية فى أسوأ حالاتها، ومن يسيطر عليها إما الظلاميون أو الفاسدون أو الجهلاء، ما يعنى أننا «رايحين إلى سكة الندامة»، إلا إذا تداركناها بحاجة واحدة؛ أن تتوحد القوى المدنية أو ما أسميه القوى الوطنية وتتفق. وأذكر فى انتخابات الرئاسة مجموع الأصوات التى حصل عليها عمرو موسى وحمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح أعلى من مرسى وشفيق، مما يعنى أن النسبة العددية لا تزال مع القوى المدنية. ■ ما تقييمك للأداء السياسى للدكتور محمد البرادعى الذى يطرح نفسه كمعارض وربما أب للثورة؟ - نفسى البرادعى يحكى لنا حكايته مع الإخوان، فيبدو أنهم وعدوه بمساعدة ثم تخلوا عنه، خاصة أنه ذهب مرة لمقابلة المرشد العام، ورغم ذلك سيقول التاريخ بالتأكيد إن البرادعى هو الذى حرك الشرارة الأولى للثورة، ويجب ألا يترك البلد، ويظل يرعى الشعلة المقدسة الخاصة بالثورة. ■ أليس الدين لله والوطن للجميع حالياً؟ - لا، الدين ليس لله ولا الوطن للجميع، بل الدين هو لمجموعات كل مجموعة ترى الله وترى الدين من زاويتها الخاصة والضيقة، والوطن لمن يستطيع أن يسيطر عليه، ولأنه هو هو تحت سيطرة الإخوان المسلمين بمباركة الولاياتالمتحدةالأمريكية وبالاتفاق مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ■ وبماذا تدلل على الاتفاق بين الإخوان والمجلس الأعلى للقوات المسلحة؟ - ما يؤكد حقيقة الاتفاق بين المجلس العسكرى والإخوان هو أنه عندما أشارت جريدة الجمهورية إلى احتمال محاكمة طنطاوى وعنان، «طار الراجل رئيس التحرير» الذى أرادوا أن يجعلوا منه عبرة لغيره، معناه أن هناك اتفاقا تم بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة وبين الإخوان المسلمين، وكان الطرف الثالث فى هذا الاتفاق ومن يباركه هو الولاياتالمتحدةالأمريكية التى كانت قد قررت أواخر أيام مبارك أنها تجرب حكم الإسلاميين وتعمل جبهة سنية تواجه الجبهة الشيعية. ■ هل يعنى ذلك أنه لن يستطيع أحد الاقتراب من عنان وطنطاوى ومحاكمتهما؟ - لا أتخيل أن المشير أو عنان سوف يحاكمان فى عهد الرئيس مرسى، ولن يستطيع أن يمسهما أحدٌ. ■ وهل يعنى هذا أن الرئيس متواطئ فى اتفاق ما؟ - نعم هذا يعنى أن الرئيس مرسى متواطئ، وعليه أن يقول لنا من الذى قتل الشهداء فى شارع محمد محمود، ومن قتلهم أمام مجلس الشعب وأمام ماسبيرو وكان منهم عناصر من القوات المسلحة، ورأينا السيارة المجنزرة التى داست على 15، وقيل إن السائق ارتبك فيما كانت عناصر من الشرطة العسكرية تمارس الكشف على عذرية البنات، وهذه جريمة دولية ولم يحاسب عليها أحد حتى الآن، وتقول إن قواعد القوات المسلحة تمنع المحاكمة العلنية، ما هذا؟! وفى شرع من؟! والمشير وعنان خرجا خروجاً آمناً وهما فى حالة وعد الأمان، ولو فتشت فى أوراق كليهما ستجد أوراقا خطيرة جدا. ■ تؤكد أن قضية كشف العذرية قد وقعت بالفعل؟ - هناك أكثر من فتاة مصرية امتُهنت كرامتها الإنسانية إلى أبعد حد، الضباط «جالسين ويأتى عسكرى ويجردوهن من ملابسهن علشان يشوفوا هى عذراء أم ليست عذراء»، إنها جريمة بشعة فى نظر العالم كله ونحن للأسف لا نقدِّر بشاعتها. وما نطالب به هو تحقيق العدل الذى لا يغضب أحدا، وتحقيق العدل لا يهمنا فيه «لا مرسى ولا غير مرسى»، يهمنا الذين ارتكبوا الجرائم يُكشف عن شخصياتهم ونعرف كيف ستتم معاقبتهم، والرئيس دائما كان يتحدث عن القصاص لدماء الشهداء. ■ وهل هناك وقائع أخرى يجب أن تعرض حقيقتها الآن عقب مجىء رئيس منتخب؟ - أريد أن أعرف من الذى أخرج مرسى من السجن أيام الثورة، أسمع مثلك أنهم حماس، وما دور حماس فى فتح السجون المصرية؟ لا يوجد لدىّ قرائن، إنما هو كان مسجونا مع عدد غيره وخرجوا من السجون التى فتحت بالقوة أو بالتهديد أو بقتل الحراس، وليس لدىّ مانع أن أقول للرئيس: من الذى أخرجك من السجن أيام الثورة؟ شعارات الثورة سوف تتحقق مفيش، وعود المائة يوم مفيش»، كما أقول أيضاً إن أمريكا الأب الروحى للرئيس مرسى وحكومة الإخوان، ولولا أمريكا لم يكن الرئيس مرسى أو حكومته قد حكموا مصر، مستحيل. ■ إلى أى حد يعنى ذلك تشكيكاً فى الانتخابات الرئاسية؟ - لا، أنا لا أشكك فى نتيجة الانتخابات، ولكن أشكك فى أنها انتخابات نزيهة 100%، بل شابها عدد من الشوائب الخطيرة، ولو أن هناك قوى سياسية منظمة داخل المجتمع كانت أصرت على إلغائها، ولست مقتنعا لما انتهت إليه اللجنة المشرفة على الانتخابات فى قضية المطابع الأميرية وتسويد البطاقات لصالح مرسى بالملايين، وهناك ناس قالوا أسماء اتفقت و«دفعوا فلوس»، والتأثير على الأميين الذين يمثلون نصف المجتمع. ■ وأنت أعطيت صوتك لشفيق؟ - نعم، لأنه لا يمكن أن أعطى صوتى الانتخابى لمحمد مرسى أو لدولة دينية، بل أعطى صوتى لشفيق، على الأقل أنه مع الدولة المدنية، وبعد ذلك أناقشه فى تطبيق الدولة المدنية. ولكن مرسى كل يوم يؤكد أنه يقربنا من الدولة الدينية، بل إن الرئيس مرسى يخيب آمال ناس كثر، وأخشى من سيطرة الإخوان على وزارتى التعليم والإعلام، وأخونة الدولة تسير على قدم وساق. ■ كيف ترى الإصرار على تطبيق الشريعة والنص على ذلك صراحة فى الدستور الجديد؟ - الإصرار على تطبيق الشريعة إصرار على تطبيق «وهم»، لأن تطبيق الشريعة قد يختلف من شخص لشخص، وفى أهل السنة لدينا أربعة مذاهب فقط، ولدينا غيرها ما يصل إلى 80 مذهبا آخر، ويضاف إليهم السلفيون الوهابيون وما يتفرع عنهم من جهاديين وغيرهم، ستجد المسألة وصلت إلى 200 مذهب فرعى، «طيب إحنا نسمع مين من هؤلاء ال200 إن شاء الله؟ ومن سيقول إن هذا هو الإسلام وهذا ليس الإسلام؟»، ما يعنى أن تطبيق الشريعة «وهم» وأحلام المصريين التى رفعوها أيام الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية تحولت إلى كوابيس، وهو ما يعنى أن ثورة الجياع تلوح فى الأفق.