في 27 يونيو الماضي، وقبل نتيجة الانتخابات الرئاسية بساعات، أصدر المجلس العسكري، وقتما كان متربعا على عرش الحكم في مصر، إعلانا دستوريا مكملا، كان الغليان قد وصل إلى أقصى درجاته ضد "العسكري"، وكانت الأنباء تتضارب حول إعلانا دستوريا يعكف على الانتهاء منه وتمريره بهدوء ليحافظ على بعض من سلطاته حيث سيعلن رئيس مصر خلال ساعات، وبالفعل ساعات قليلة وتأكدت الأنباء، وأصبحت مصر تسير وفق الإعلان الدستوري المكمل. احتوى "الدستوري المكمل" على ثلاث مواد، جاء فيها، إقرار بأداء الرئيس اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا، كما اختص الإعلان، المجلس العسكري بشؤون القوات المسلحة لحين إقرار دستور جديد، كما جاء فيه إعلان الرئيس الحرب بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إضافة إلى منح الرئيس إمكانية إصدار قرار بالاشتراك مع القوات المسلحة، لتأمين المنشآت الحيوية وحفظ الأمن وحالات استخدام القوة والقبض والاختصاص القضائي، كما أعطى حق التشريع وإقرار الموازنة للمجلس العسكري، وتفاصيل تشكيل جمعية تأسيسية جديدة للدستور، حال حدوث مانع يمنع الجمعية التي كانت تباشر عملها وقتها من مباشرته. أصدر العسكري إعلانه فثارت ثائرة القوى السياسية عليه، لا سيما التيارات الإسلامية، فيما اعتبرت الإخوان الإعلام انقلابا عسكريا، قالها وقتها أحمد أبو بركة القيادي الإخواني، كما نزلت الجماعة لميدان التحرير مطالبة بإغلائه. من جانبه رفض حازم صلاح أبو إسماعيل الإعلان المكمل، معتبرا إياه احتلالا لمصر، مطالبا أنصاره بالزحف نحو ميدان التحرير. ونظمت القوى السياسية بعد أيام من إصدار الإعلان الدستوري مليونية "الخلاص"، مطالبين خلالها بإسقاط الإعلان الدستوري المكمل، وكان من بينها" 6 أبريل" و"كفاية"، واتحاد شباب الثورة، والجبهة الحرة للتغيير السلمي، وائتلاف دعم المسلمين الجدد، وقوى ثورية أخرى. وبعد قرابة شهر، تحديدا في 12 أغسطس، أصدر مرسي قرارا جمهوريا ألغى فيه إعلان "العسكري"، وسلبه حقه في التشريع، حيث نص على أن الرئيس يباشر فور توليه مهام منصبه كامل الاختصاصات المنصوص عليها في المادة 56 من هذا الإعلان. كما أقصى واضعو الإعلان عن السلطة، حيث قرر مرسي تعيين المستشار محمود مكي نائبا لرئيس الجمهورية، وإحالة المشير حسين طنطاوى للتقاعد اعتبارا من اليوم ومنحه قلادة النيل وتعيينه مستشارا للرئيس، وإحالة الفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة للتقاعد ومنحه قلادة النيل، وتعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية، وإحالة كل من الفريق مهاب مميش والفريق عبد العزيز سيف الدين، والفريق رضا حافظ للتقاعد، وترقية عبد الفتاح السيسي قائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع. عقب قرارات مرسي في 12 أغسطس، انقسم الخبراء القانونيون، حيث أكد بعضهم أن القرار داخل نطاق صلاحياته، بينما ارتأى البعض الآخر، أن لا صلاحيات لمرسي تمكنه من ذلك، حيث قال شوقي السيد، الفقيه الدستوري، إن الرئيس محمد مرسي لايملك صلاحيات إلغاء الإعلان الدستوري المكمل، لأنه أدى القسم الجمهوري طبقا لهذا الإعلان أمام المحكمة الدستورية، مضيفا أن مرسى ليس من حقه أن يقيل أي رتبة في القوات المسلحة، أو يمنح رتبا لآخرين، مفسرا ما فعله الرئيس بأنه خطوة جديدة في محاولة السيطرة على كل أجهزة الدولة، فيما قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس ليس صحيحًا من الناحية القانونية، لأن رئيس الجمهورية لا يملك إصدار نصوص دستورية، بيمنا أكد المستشار محمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب المنحل ونائب رئيس محكمة النقض السابق، أن الرئيس محمد مرسي يملك إلغاء الاعلان الدستوري المكمل، باعتباره صدر من جهة أقل، في إشارة إلى المجلس العسكري، كما قال المستشار محمد فؤاد جاد الله، مستشار رئيس الجمهورية للشئون القانونية والدستورية، إن من حق الرئيس مرسي إلغاء الإعلان الدستوري المكمل دون الرجوع للمجلس العسكري أو الاستفتاء الشعبي، مشيرا إلي أن مؤسسة الرئاسة تحتاج السلطة التشريعية ولا يمكن أن تتركها في يد المجلس العسكري. أصدر مرسي منذ قليل إعلانا دستوريا جديدا من أهمها، تحصين قراراته من الطعن حتى انتخاب برلمان، وإعادة محاكمة قتلة الثوار، وعزل النائب العام وتعيين نائبا جديدا.