مع قرب انقضاء مهلة المائة يوم التي حددها الرئيس محمد مرسي لدى توليه السلطة لإيجاد حلول فورية لأبرز مشاكل المواطنين، يواجه أول رئيس مدني لمصر امتحان تقييم المواطنين لأدائه، وهو تقييم تراوح بين مؤيد لما حققه حتى الآن، ولا سيما إزاحته العسكر من الحكم، وبين ناقم على استمرار سوء الحال. ومرسي، الذي تسلم السلطة في 30 يونيو، وعد أثناء حملته الانتخابية بأن يعمد خلال المائة يوم الأولى من حكمه إلى إيجاد حلول لخمس مشاكل رئيسية تواجه المصريين، وهي بترتيب ورودها في برنامجه الانتخابي: المرور والأمن والنظافة والخبز والوقود، ووضع خطة تفصيلة من 64 بندا للتعامل مع هذه المشكلات الخمس. واليوم، مع قرب انتهاء هذه المهلة، لا يخفي كثير من المصريين ضيقهم من عدم تغير أوضاعهم المعيشية ومشكلاتهم اليومية، لكن آخرين قالوا إن الرئيس فعل ما لم يكونوا يتوقعونه بإزاحته المجلس العسكري من السلطة، وهو برأيهم إنجاز كاف. وأكد استطلاع لمركز معلومات مجلس الوزراء، نشرت نتائجه صحيفة الأهرام الحكومية الثلاثاء، أن 37.2% من المصريين لم يسمعوا عن برنامج ال100 يوم الذي طرحه مرسي، في حين توقع 18.2% من المستطلعين أن يحقق الرئيس النتائج المأمولة منه، بينما اعتبر 46.2% من المستطلعين أنه سيحقق نتائج جزئية. وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، ياسر علي، أن مرسي سيعلن كل ما تم تحقيقه خلال المائة يوم الأولى من رئاسته بكل شفافية ووضوح خلال الأيام المقبلة. وفي الشارع المصري، كانت الآراء متباينة. حيث قال كريم محمد (24 سنة)، موظف ببنك استثماري، إن "شيئا ملموسا لم يتغير بالبلاد خلال المائة يوم الأولى لمرسي"، مضيفا بينما كانت سيارته تتحرك ببطء شديد وسط مئات السيارات في شارع رئيسي مزدحم بوسط القاهرة، إن "أزمة المرور تحسنت في أماكن بينما بقيت في أماكن أخرى بلا أي تغيير". وتابع محمد، الذي صوَّت لمرسي في جولة الإعادة ولا يزال يقطع الطريق من بيته لعمله في ساعة ونصف يوميا، إن "أزمة المرور لم تحل، لأنها تحتاج وقتا أكبر بكثير من المائة يوم. مرسي أخطأ عندما وعد بحل كافة مشكلاتنا اليومية في 100 يوم فقط". وأطلق مرسي بُعيد انتخابه حملة قومية لتنظيف الشوارع من أكوام القمامة المتراكمة، غير أن هذه الحملة جرى تفعيلها ليوم واحد فقط قبل أن تتوقف المبادرة وتعود القمامة لتملأ الشوارع. وفي هذا قالت راجية طارق (22 سنة)، الموظفة في شركة ألبان، إن "البلد كان يمكن أن تدار بطريقة أفضل مما يفعله مرسي أو حتى دون وجوده". وأكدت الشابة التي تسكن بحي إمبابة (غرب القاهرة) أنها لا تزال تمر بجوار أكوام القمامة في طريقها لعملها يوميا، مشددة على أن "شيئا لا يتغير تقريبا، باستثناء تحسن الوضع الأمني. الأمور لا تزال سيئة". وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، أي منذ تولي مرسي مهام منصبه، تكرر انقطاع الكهرباء لساعات طويلة عن جُلِّ المدن المصرية. كذلك فإن مصر تشهد أزمة وقود خانقة تعاني منها خصوصا سيارات النقل والأجرة التي تستخدم السولار، والتي تتكدس في طوابير طويلة أمام محطات الوقود، كما تضاعفت أسعار الغاز المنزلي. وأكدت إلهام مصطفى (40 سنة)، ربة منزل، وأعطت صوتها لرئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق منافس مرسي في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية، أن سبل المعيشة تزداد ضيقا على أسرتها. وقالت: "اشتري أنبوبة الغاز ب50 جنيها في السوق السوداء (بدلا من 5 جنيهات وهو سعرها الرسمي)، وأشتري الخبز السياحي الذي يبلغ ثمنه خمسة أضعاف الخبز المدعوم (من الحكومة) الذي وعد مرسي بتطويره، ولكنه لا يزال غير صالح للاستهلاك الآدمي". وأضافت مصطفى: "لا أرى أي تحسن في أي قطاع من القطاعات التي وعد (الرئيس) بإصلاحها"، لكنها تابعت: "الحقيقة أن مشاكل 30 سنة لا يمكن حلها في 100 يوم". وفيما كانت سيارته البرتقالية الصغيرة تصطف في طابور طويل للتزود بالسولار، قال فادي جرجس، مندوب مبيعات بشركة حكومية: "أقضي ساعتين في كل مرة أذهب فيها لمحطة الوقود. لم تتحسن الأوضاع عما كانت عليه قبل الثورة" التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير 2011. لكن جرجس، الذي شارك في الثورة، قال: "رغم كل ذلك فقد أزاح مرسي عنا حكم العسكر.. وهو الشيء الوحيد الذي يحسب له". وكان مرسي أحال إلى التقاعد، في 12 أغسطس الماضي، قادة المجلس العسكري الذين تولوا حكم البلاد بعد إسقاط مبارك، في خطوة وصفت ب"ضربة معلم"، وأنهى فيها الرئيس كل علاقة للعسكر بالسلطة، بعد أن انتزع منهم سلطة التشريع التي كانوا منحوها لأنفسهم عقب حل مجلس الشعب في منتصف يونيو الماضي. وقال عصام عبدالحميد (48 سنة)، صاحب محل لبيع أجهزة هواتف محمولة: "يكفي مرسي أنه خلصنا من المجلس العسكري. هذا لم يكن متوقعا على الإطلاق". وتابع عبدالحميد، وهو ملتح لكنه يؤكد أنه لا ينتمي إلى أي حزب سياسي، إن "التخلص من المجلس العسكري مكَّن مرسي من القبض على كثير من البلطجية في مختلف المدن، والإسراع في وتيرة الكشف عن الفساد مؤخرا"، مضيفا أن "بقية الأزمات تحتاج تكاتفا مجتمعيا حقيقيا لحلها". أما محمد سعيد (65 سنة)، يمتلك متجرا صغيرا لبيع المواد الغذائية، فقال إن "كل ما نبحث عنه أن تتحسن معيشتنا"، ثم أردف بإحباط: "لكن شيئا لم يتغير".