لما بتلعبى ببازل. بتقعدى تجربى هنا وهناك لغاية ما بعد عناء بتلاقى حاجة مظبوطة، بتكملى جزء، وبعدين جزء، وهكذا لغاية ما تعملى اللوحة. العلم بيفسر الأمور حوالينا بنفس الطريقة. جزء، ورا جزء ورا جزء لغاية ما توصلى إنك تكملى طبقة. الدور الأول مثلا. بعدها على طول تبتدى تفكرى فى الدور التانى. وهكذا. المبنى العلمى مالوش نهاية. يعنى ما تقدرش البلدية تقول لك بس لغاية كده يا هانم، ممنوع الطلوع أكتر من كده. لأ طول ما انت قادرة ووفرت مواد خام -معلومات جديدة- ابنى وابنى. اطلعى القمر، وبعدين اطلعى المريخ، وخلِّى عينك على الشمس وما وراءها. لا حدود. معناه إيه الكلام ده؟ معناه نفهم موقع التفاصيل من العلم. هادِّيك مثالا متكررا عن نظرية التطور. نظرية التطور مش هى دارون. دارون -وغيره الحقيقة- كان صاحب الفكرة. لكن البناء نفسه مستمر. قطع البازل نفسها لسه بتتجمع. عايزة تعتبرى إننا لسه فى دور الأساسات اعتبرى. عايزة تعتبرى إننا فى الدور الأول اعتبرى. لكن المهم أن فيه ناس شغالة بتجمع معلومات -وهنا خلى بالك- مش غرضهم من جمع المعلومات دى إثبات نظرية دارون. حاشا وكلا. إنما غرضهم الوصول إلى الحقيقة حتى لو ضربت نظرية دارون من الأساس. ودول جمعوا مجموعة من المعطيات. ووصلوا لمجموعة من القناعات المرضية للعلماء المتخصصين. واختلفوا على مجموعة تانية. يعنى البازل كمل فى حتة ولسه ماكملش فى حتت كتيرة. مش وقت تفصيلها دلوقتى، لأن دى هتكون موضوع السلسلة الجاية. بناء عالم الإنسان. أمّال إيه موضوعنا دلوقتى؟ موضوعنا دلوقتى إن الطرف اللى بيقف ضد نظرية التطور بيكتفى بجملتين تلاتة يعارض بيهم النظرية. وبعدين يخبط على كرشه خبطتين وينده، الشاى يا أم سماح خلينا نهضم قبل تعسيلة الضهر. مبيهونش عليه يقوم يدور هو كمان ويقول لنا تاريخ الإنسان عامل إزاى. يعنى يقول لنا مثلا: 1- كم عمر البشرية على الأرض؟ يحاول. 2- هل الإنسان كان دايما شكله كده؟ ولا كان شكله مختلف؟ 3- هل مرت على الإنسان فترات مكانش فيها بيتكلم؟ طيب كيف تطورت لغته؟ 4- الإنسان كان فين؟ ورحلته خدته من هناك على فين؟ إزاى وصل للعالم الجديد وأستراليا؟ 5- الإنسان كان بياكل إيه؟ وكان عايش مع أنهى حيوانات؟ 6- هل الحيوانات اللى كان عايش معاها فيه منها انقرض؟ طب ليه؟ وإمتى؟ فيه مئات الأسئلة زى دى لازم يوجهها الناس دول لأنفسهم. وإنت وأنا طبعا مش هنتوقع منهم إجابة كاملة. لكننا عايزين منهم مجهود. عايزين رحلة بحث. مش فتى من فوق الكنب. رحلة البحث دى، وعرض المعطيات اللى بيوصلولها فى كل مرحلة، هى اللى بيسموها العلم. أخدت بالك من الجملة اللى فاتت؟ رحلة البحث، وعرض ما يتم التوصل إليه من معلومات، هى دى العلم. فى كل مرحلة من رحلة البحث بتتجمع مجموعة من المعطيات وبتنشأ عنها فرضية. لو الفرضية ثبتت أمام الأسئلة بتتحول لنظرية. لسه بعيد على ما تتحول حقيقة علمية متكاملة أو مسلمة. خلال الأسبوع الجاى هاعرض عليك رحلة الإنسان فى بحثه عن تاريخه على الأرض. عن تفاصيل تاريخه. عن تطوره: تشريحيا وإدراكيا. عن الاحتمالات الأرجح علميا حتى الآن. ممكن تقبليها وممكن متقبليهاش. بس المهم هو أسبابك فى قبولها أو رفضها. دا هو اللى يعنى أصحاب العقول العلمية. العلم لا يخضع لتصويت العوام. العلم يخضع لمنطق الرأى وحجته وقدرته على الإجابة عن الأسئلة. أما الأهم فهو إنك تقدمى لنا نظريتك اللى إنت «مقتنعة» بيها، وتورينا إزاى بتجاوب عن كل الأسئلة اللى فوق دى. متخليش همك التدوير على «حتة قد كده» العلماء مختلفون عليها وتبقى عايزة توحى إن دا معناه إن كل اللى العلم عمله لغاية دلوقتى كلام فاضى. ويا ريت تخلى همك تقرى لعلماء عندهم بديل «علمى» وتفيدينا. قدمت للسلسلة قبلها بشوية، لأن بكرة وبعده، بمناسبة حرب أكتوبر، هتكلم عن الإعلام فى الصراعات العسكرية. وإزاى إننا بنكرر أخطاء دفعْنا تمنها غاليا.