لم يكن أحد يعرف هشام قنديل الذى أصبح رئيسًا للوزراء الآن فى أهم فترة بعد التخلص من إدارة جنرالات معاشات المجلس العسكرى الذين حاولوا الحفاظ -بقدر الإمكان- على بقاء دولة مبارك وإجهاض الثورة.. لم يكن يعرف هشام قنديل إلا القليل فى وزارة الرى، حيث كان مديرًا لمكتب الوزير.. ثم سعيًا وراء الرزق ذهب إلى تونس للعمل فى منظمة دولية، ولأنه لم يكن معروفًا اختلط الأمر عليه بين انتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين ومشاركته فى مشروعات كان مقررًا أن يقوم بها خيرت الشاطر تحت إشراف الدكتور محمود عزت.. وبين عضوية أو سعى إلى الحزب الوطنى المنحل والانتماء إليه، كما كان يفعل الموظفون سعيًا إلى وظيفة أكبر بالاقتراب من السلطة وصنّاع القرار. ولم يظهر هشام قنديل فى الثورة، ولم يعرفه أحد.. اللهم إلا اختياره وزيرًا فى حكومة عصام شرف باعتباره موظفًا شبه كبير فى وزارة الرى، وفجأة ظهر على الساحة باختيار الدكتور محمد مرسى له رئيسًا للحكومة التى اختلطت فيها اختياراته بين من ينتمون إلى الحزب الوطنى «المنحل»، وبين من ينتمون إلى جماعة الإخوان ومن معهم من حلفائهم السلفيين.. وهكذا كُتب على المصريين أن يكون هشام قنديل هو رئيس الحكومة الذى يدير الفترة الانتقالية فى مرحلة تحوُّل ديمقراطى «إذا كان هناك أمل فى تحوُّل ديمقراطى».. وهكذا كُتب على المصريين أن يكون هشام قنديل هو أداة الإخوان للسيطرة على مؤسسات الدولة، فى ظل عدم وجود برلمان ودستور لم يتم الانتهاء منه «ويعلم الله إلى أى مصير سيكون هذا الدستور».. وتباين أداء هشام قنديل فى إدارته الجديدة.. وجاء قرض صندوق النقد الدولى ليكشفه.. وبدأ فى استعادة طريقة النظام القديم فى التعامل مع وسائل الإعلام الأجنبية وتصريحاته لها بطريقة ومعلومات مختلفة عما يدلى به فى مؤتمراته وبياناته الصحفية للإعلام المصرى.. ولم يخيب الرجل ظن من أتوا به لإدارة البلاد فى الفترة الحالية ليسير على نهجهم.. واستمر الرجل على نهجهم حتى جاءت الأحداث المسيئة أمام السفارة الأمريكية فى الهجمة التى دعت إليها وصرخت لها قوى الإسلام السياسى، بما فيها الإخوان والسلفيون وحلفاؤهم فى الجماعات الإسلامية ورافعو صور وأعلام بن لادن.. ولم يذكر الرجل شيئًا فى بيانه عن ذلك الهجوم اقتداءً برئيسه الذى هاجم الفيلم المسىء دون إشارة إلى الأحداث المسيئة أيضًا أمام السفارة.. وفجأة انقلب الرجل بعد 48 ساعة من الأحداث وتحرك من مكتبه فى شارع قصر العينى، مهملا المعلمين المعتصمين فى الشارع إلى محيط السفارة الأمريكية ليقدم الشكر لقوات الأمن التى عادت إلى ممارسة العنف بالغاز المسيل والخرطوش ضد المتظاهرين.. ولم يكتفِ قنديل بذلك، وإنما كال الاتهامات للمتظاهرين واعتبرهم معتدين وصبية مأجورين، وكانت هذه التصريحات بمثابة أوامر بالقبض على المتظاهرين وضربهم.. وقبل أن تبدأ التحقيقات معهم أصدر هشام قنديل أحكامه بأن هؤلاء المقبوض عليهم 400 -وفقا لتصريحاته- رغم أن «الداخلية» فى بياناتها قالت إنهم يزيدون على 200 بقليل.. هذا هو رئيس وزراء مصر الذى يدير المرحلة الانتقالية الثانية للتحول الديمقراطى.. ■ إلى النائب العام: ما زال التعذيب فى أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز مستمرًا رغم الثورة التى خرج فيها الشعب ضد القهر وتسلط الشرطة وتعذيبها المواطنين، وما زالت النيابة لا تفعل شيئًا، بل إنها تأتى فى صف الشرطة وتدّعى على المواطنين، رغم أن الشرطة هى التى أحرجت النيابة فى كل القضايا التى قدمتها إلى المحاكم فى قتل ضباط الشرطة للثوار والمتظاهرين، ليحصلوا فى النهاية على البراءة.. ما جرى من تعذيب فى قسم شرطة مركز المنصورة على يد ضابط صغير يؤكد ذلك.. ومع هذا لم يفعل وكيل النيابة شيئًا رغم علمه بأن المحضر تم تستيفه لصالح الضابط المعتدِى، ولم يطلب إحالة الضحية إلى الطب الشرعى لبيان تأثير الضرب والتعذيب.. فإلى متى ستصمت النيابة على تعذيب الشرطة للمواطنين فى الأقسام وأماكن الاحتجاز التى يجب أن تنتقل إليها النيابة