حَسم مانشستر يونايتد صفقة الموسم ونجح في إقناع قائد آرسنال ورمزه في السنوات الأخيرة "روبن فان بيرسي" في صفقة كلفت خزائن فيرجسون 24 مليون جنيه إسترليني، لكن تُرى من الرابح الأكبر من الصفقة...هل مانشستر يونايتد بجلبه أفضل مهاجم في الدوري الإنجليزي أم آرسنال الذي حصل من وراء بيع أسطورته مبلغ "ضخم" نظراً لأن عقده مع ناديه من المفترض أن ينتهي في يونيه المُقبل. لا شك أبداً أن فيرجسون أصاب الهدف بشراء عقد روبنهود القادر على تقديم إضافة كبيرة جداً لخط الهجوم رفقة الفتى الذهبي واين روني، وهذا الأمر في حد ذاته بعث الرعب والخوف في قلوب المنافسين وجعل الجميع يُرشح اليونايتد للفوز باللقب المُفضل لدى جماهيره..لكن السؤال المحير..هل فعلاً آرسنال خَسر فان بيرسي؟. شخصياً..أرى آرسنال هو الرابح الأكبر من عملية بيع روبنهود، وفي هذا التقرير سأعرض عليكم 10 أسباب تجعل فينجر غير نادم يتخلى عن فان بيرسي حتى لو كان لتوتنهام وليس لمانشستر يونايتد. من عجائب آرسنال في الآونة الأخيرة، إنه كلما رحل قائداً يأتي بعده من يَحمل القيادة على أكمل وجه، والدليل على ذلك أن الجميع اعتقد أن آرسنال لن تقوم له قائمة مرة أخرى بعد رحيل فابريجاس، لكن فان بيرسي كان في الموعد وفعل ما لم يفعله سيسك وهو في أفضل حالاته، غير أن بعد رحيل كل قائد تظهر في الأفق موهبة شابة كان خير معوض للجماهير التي اعتادت على فقدان النجوم. وقت رحيل هنري انتظر الجميع فان بيرسي حتى نضج وأصبح احد أساطير النادي، ونفس الأمر حدث مع سيسك الذي ترك في وسط الإيماريتس موهبة استثنائية –جاك ويلشير-، والآن رحل فان بيرسي وترك أليكس تشامبرلين الذي ربما يكون رجل إنجلترا الأول في السنوات القليلة القادمة. ما فعله فان بيرسي في أيامه الأخيرة مع آرسنال أعاد إلى الأذهان سيناريو تمرد توريس على ليفربول للضغط على الإدارة للسماح له بالانتقال لتشيلسي، فخلال الستة أشهر التي سبقت عملية انتقاله لغرب لندن، ظل يؤدي مهمته ك "الموظفين" ولم يظهر بنصف المستوى الذي كان عليه في السابق، ما أجبر الإدارة على بيعه في شتاء نفس الموسم برقم فلكي وصل ل50 مليون إسترليني. ونفس السيناريو تكرر هذا الصيف عندما أعلن روبنهود عن رغبته في الرحيل عن الإيماريتس، فالجميع لا يزال يتذكره رفض السفر إلى الجولة الآسيوية للدخول في معسكر إعداد الموسم الجديد، وذلك قبل أن يظهر بدور –الممثل- في التدريبات الجماعية الأخيرة التي خاضها الفريق في مدينة كولن الألمانية، الأمر الذي ترتب عليه هجوم حاد من الجماهير عليه في مباراة كولن التي شارك فيها كبديل وظهر بمستوى أقل بكثير من المتوسط. والعقل يقول أن اللاعب الجاهز أفضل بمراحل من النجم التعيس الذي يلعب وعقله في مكان آخر، لذا كان من الصواب تركه يرحل إرضاء لكل الأطراف. لا يَخفى على أحد أن فان بيرسي لاعب كثير الإصابات، وبسببها غاب عن الملاعب لفترات طويلة جدا، وباستثناء الموسم الماضي، ف فان بيرسي قضى "فعلياً" شهور وشهور يُصارع مع الإصابات كان آخرها عندما ضربه كيليني في المباراة الودية التي جمعت إيطاليا بهولندا نهاية عام 2009، تلك الإصابة التي أبعدته عن الملاعب لأكثر من أربعة أشهر وعلى إثرها كاد يفقد مكانه في قائمة منتخب بلاده المشارك آنذاك في مونديال 2010، والآن هو دخل عامه ال30 وربما يكون أكثر عرضه للانتكاسات بحكم التقدم في السن..أليس كذلك؟؟ سمعنا في مباراة كولن ضد آرسنال الجماهير الإنجليزية وهي تهاجم فان بيرسي وهو يُشارك كبديل مكان بودولسكي، فوفتها هتفت الجماهير "بيرسي اذهب للجحيم"، وهذا خلف نوعاً من أنواع الحساسية المبالغ فيها بين اللاعب وبين الجماهير التي كانت تتغنى باسمه قبل أسابيع قليلة، لذا كان من الصواب أن ينسحب الكوبرا في هدوء قبل أن تزداد صيحات الاستهجان والشتائم عندما يظهر في الإيماريتس. ذهاب فان بيرسي إلى مانشستر يونايتد من شأنه أن يُلطف الأجواء العدائية بين جماهير كلا الناديين، فالسير أليكس فيرجسون كان السباق في منح آرسنال مدافعه ميكائيل سيلفستر في وقت كان دفاع فينجر يُعاني من نقص حاد في اللاعبين، الأمر الذي عاد بالإيجاب على توترات كلا الجماهير، واليوم وبعد ذهاب بيرسي إلى مانشستر يونايتد قد يكون بداية حقيقة نحو عصر جديد فيه تبادل صفقات بين الفريقين على أساس أن العلاقة ستكون طيبة بينهما في المستقبل. جماهير آرسنال تعرف جيداً أن شهر مارس هو شهر سقوط لاعبيها في دوامة الإصابات، وبيرسي بالذات من أكثر اللاعبين الذين تضرروا من لعنة الإصابات في هذا الشهر بالذات، فقد ظل الفريق يُعاني لبضع سنوات من ويل الإصابات التي أبعدت أبرز مواهب الجيل -الذي لم يَحصل على بطولة على مدار سبع سنوات- عن الملاعب في أوقات صعبة، والدليل على ذلك أن فينجر نفسه عادة ما يتحدث عن أضرار الفريق من لعنة الإصابات، لهذا يرى بعض عشاق النادي أنه برحيل بيرسي ومن قبله نصري وسيسك وأديبايور وآخرون، قد أنهى حقبة جيل اكتفى بتقديم كرة ممتعة دون الوصول لمنصات التتويجات التي باتت كالحلم لدى الجماهير. ربما لم يتوقع أشد المحبين لآرسنال أن يُصبح فان بيرسي من أساطير النادي بالنظر إلى مستواه في الوقت الحالي ومستواه وهو في أوائل العشرينات، لذا قد يَخرج إلى النور من هو يفوق روبنهود في المرحلة القادمة، ربما يكون قد أتى دور ثيو والكوت ليكون نجم المرحلة القادمة ليعيد سيناريو تتابع نجوم المدفعجية في آخر عقد، وربما يسبقه تشامبرلين ويحصل على لقب هنري الجديد لو قُدر له وتألق رفقة الثلاثي الجديد بودولسكي، كاثورلا وجيرو. عندما صدم الجماهير باعترافه الصريح بأنه لم يعد لديه ما يُقدمه لآرسنال في قادم المواعيد، عرف الجميع بأن العلاقة بين اللاعب والنادي قد انتهت، ما أدى لفقدان الثقة بين اللاعب وزملائه في الفريق، كونه على أعتاب مغادرة النادي في أي وقت، وهذا الأمر من شأنه أن يَضرب استقرار الفريق كما حدث عندما رحل سيسك فابريجاس ونصري بعد بدء الموسم. رحيل فان بيرسي كان سيحدث سواء بموافقة فينجر أو غير ذلك، فهو تعامل بشكل احترافي للغاية وأعلن عن نيته بعد انتهاء اليورو مباشرة، ما يعني أنه أعطى مدربه الفرصة الكافية لتحضير البديل، كما أن رفض آرسنال على بيعه كان سيفوت على الإدارة جلب مبلغ مالي كبير من وراء بيعه لأنه لو أُسدل الستار على ميركاتو الصيف لأصبح من حق اللاعب التوقيع لأي نادٍ في يناير المُقبل على أن يُكمل الانتقال في يونيه نفس العام. لكن آرسنال حصل على مبلغ كبير قيمته 24 مليون جنيه إسترليني، وهو مبلغ يُعتبر جيد جداً بالنظر إلى عمر فان بيرسي الذي وصل لعامه ال30، وأيضاً قبل انتهاء عقده بموسم واحد فقط، ومن هنا نجد أن آرسنال قد استفاد بشكل مربح من الناحية المادية. عقد اللاعب مع مانشستر يونايتد مدته 4 سنوات، وهذا يعني أن اللاعب قد يخطفه الحنين إلى بيته القديم ويعود حتى على سبيل الإعارة قبل أن يختتم مسيرته الكروية كما فعل تيري هنري في النصف الثاني من الموسم الماضي، ف أخلاق اللاعب التي يعرفها عدوه قبل مناصره ستجنبه الدخول في صراع مع الجماهير حتى بعد أن أحرقت قميصه أمام مقر تدريب النادي، فما حدث من الجماهير ما هو إلا رد فعل غاضب على خبر انتقاله لليونايتد، ومع مرور الأيام ستتذكر الجماهير ما فعله اللاعب من أجل آرسنال، وربما لا يتعرض للهجوم وينال احترام داخل الإيماريتس في مباراته الأولى ضد فريقه القديم. وفي نهاية التقرير نؤكد لكم أننا لا نقصد التقليل من شأن فان بيرسي ولا من قيمته الكبيرة التي بات رمزاً للبريميرليج، لكن الهدف من هذا التقرير هو إلقاء الضوء بصورة واقعية على حال آرسنال بعد ارتداء روبنهود لقميص مانشستر يونايتد، ولأن الفرق الكبيرة لا تتوقف على النجوم والأساطير..سأٌقول (آرسنال لن يموت بعد فان بيرسي، ولن يموت أيضاً بعد النجم الذي سيخلف فان بيرسي).