لا تبحثوا عن شماعات، القميص اتحرق. كتبت هذا عندما بدأت تتسرب التفسيرات الجاهزة بأن أمن الدولة هو من حرك فتنة القميص وأن الكنيسة تخفى المجرم إلى آخر هذه التصريحات المحفوظة على رف الوحدة الوطنية العتيد. المرسى لم يطلق تصريحاته إلا بعد خراب دهشور. تصريحات لم يتْبعها طبعا فعل سياسى أو أمنى أكثر من المعتاد أيام مبارك. لماذا لم يخرج المرسى من قصره ويذهب إلى المظلومين المهجَّرين من بيوتهم وذهب إلى صلاة الجمعة فى قنا؟ ما دامت مؤسسته نائمة لماذا لا يستيقظ الرئيس الذى تلبسته روح أمير المؤمنين وسافر ليعيد بنفسه العائلات المطرودة من بيوتها؟ إنها واقعة تثبت أن المرسى والروح التى تتلبسه فاشلة ولا تصلح لهذا الزمان وأنها مجرد أوهام افتراضية، يسكن بها جمهوره ويخدعهم فى أوهام مراهقة ليبرر عدم قدرته أو غياب رؤيته فى إعادة بناء المؤسسات. لا نحتاج إلى أمير مؤمنين ولا نريد عمر بن الخطاب أو عمر بن عبد العزيز، لأنهما لن يوجدا مرة أخرى، والكلام عنهما الآن خارج التاريخ، لأن الدولة تغيرت. لماذا تَعِد بالعدل على طريقة عمر، وأنت تعلم أنه لن يتحقق؟ ألا يوجد عدل آخر؟ ألا تستطيع قيم العدل أن توجد فى الظرف الراهن وبمعايير هذا الزمن وعبر مؤسسات دولة لا بوعود رئيس يريد أن يسير الجمهور خلفه فى عالم افتراضى؟ وهناك فرق بين التعلم أو الاستفادة من شخصية ملهمة مثل عمر بن الخطاب أو تتلبّسك روحه فى زمن غير زمنه فإما أنك تريد أن تتحول إلى أضحوكة أو سيكون هذا أداة من أدوات تحول الاستهبال إلى وسيلة من وسائل الحكم. نحتاج إلى رئيس يغيِّر عقل السلطة لا يسير على خطاها القديمة، لكنه بملابس جديدة.. لا يعنى أين يصلى الرئيس؟ ولا ماذا قال فى خطبته ما دام يعيد إنتاج كلام مبارك مع تغيير وعدد المواقع التى توضع فيها الآيات والأحاديث. ما الفرق بين ما قاله المرسى فى جريمة دهشور وما كان يقوله مبارك؟ وما الفرق بين تبرير المرسى أزمات الكهرباء وما كان يفعله بمبارك عندما يتهمنا بأننا شعب مستهلك؟ إنها نفس عقلية إدانة الفرد، لكى تبدو السلطة مظلومة بحكمها لهذا الشعب. إنها تربية المواطن المذنب، هو الذى اضطر الدولة بمؤسساتها إلى تهجير المسيحيين من بيوتهم بسبب مشاجرة عادية حول قميص محروق، وليس الفشل فى إدارة الأزمات واستسهال الركون إلى عناصر القوة والجلسات العرفية فى دولة حديثة ولا يؤدى الاحتكام فيها إلى قوة «العرف» إلا إلى كوارث. ورغم تكرار الكوارث من مبارك إلى المرسى فإن السلطة لا تفكر فى طريقتها، ولكنها تريد الخروج بريئة ومظلومة بالضبط كما يحدث فى أزمات الكهرباء، الحل الجاهز هو إدانة الفرد ومطالبته بإغلاق الكهرباء ساعتين كل يوم. تفعل الدولة هذا، بينما تحصِّل فواتير كهرباء خرافية وتدفِّع الفرد نفسه فاتورة استخدامه، لكنها تريد تحصيل الفاتورة، ولا تتنازل عن حقها فى لوم دافع الفاتورة وصاحب الحق فى الخدمة. يحدث هنا فقط وفى دولة يتوارث الاستبداد فيها تصنيع مواطن يعيش ويموت وعلى رأسه الشعور بالذنب، يحدث أن توجه الدولة إليك اللوم قبل أن تطلعك على الحقوق.. وربما لا تطلعك، وفكر كم مرة وقّعت على تعهد فى مستشفى بدفع المصاريف قبل أن يطلعك المستشفى نفسه على قائمة حقوقك، وهذا على فكرة يحدث فى دول لا يتلبس فيها الرئيس روح أمير المؤمنين.