بمجرد اعتلاء د.مرسى كرسى الرئاسة وتأكيده أنه لن يجعل مصر إخوانية ولن يصبغها سياسيا بإرادة حزب الحرية والعدالة، مرددا أن الحقائب الوزارية سوف تثبت ذلك، كتبت أننى أنتظر تعيين ثلاثة وزراء حتى أحدد بالضبط ما توجه الرئيس؟ وهل يريدها إخوانية أم ليبرالية (الوزارات الثلاث الثقافة والإعلام والتعليم)؟ وها هى ذا حقيبة الثقافة فى طريقها لكى تذهب إلى محمد الصاوى رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة عن حزب الحرية والعدالة بمجلس الشعب المنحل. الصاوى يعود مجددا إلى وزارة الثقافة بعد أن غادرها بإرادة قطاع وافر من العاملين بها والمثقفين خارجها الذين رأوا أنه يعيدنا بتوجهاته الفكرية للخلف دُر. سوف يعتلى الكرسى وهو محمل بثأر قديم لا أتصوره ببساطة من الممكن أن يتسامح وينسى، أرجو أن تستعيدوا مقالا للصاوى نشره على صفحات «المصرى اليوم» فى أعقاب خلعه من وزارة شفيق، أى فى بدايات شهر مارس 2011 لم يهنأ خلالها بالمنصب، وتوعد الصاوى كل من تظاهر ضده بالانتقام، بل وقال بالحرف الواحد إن لديه أوراقا يدين بها كل من تآمر لإقصائه، وإنه يعرف الكثير عنهم، مؤكدا أنه سيكشف أوراقهم جميعا لو لم يكفوا عن مهاجمته، وهكذا أوضح الرجل أنه خلال عشرة أيام فقط قضاها وزيرا كان مشغولا بتصوير مستندات ضد عدد من كبار موظفيه، وأيضا من المتعاملين مع الوزارة من الخارج، وأنه لن ينسى أبدا ثأره القديم ممن أدخلوه الموسوعة باعتباره أقل الوزراء عمرا فى تاريخ المحروسة. هذا المقال وحده الذى لا يمكن أن ينكره الصاوى كان يكفى لاستبعاده من الترشح، فهو لا يدرك مهام منصبه، لكنه بمجرد أن استشعر أن هناك من يتآمر لإقصائه، فقرر أن يحصن نفسه بوثائق يطلقها على من يهاجمه. أن لا يقع ذلك من الناحية القانونية فى إطار استغلال المنصب العام لتحقيق أهداف شخصية. هل يملك الوزير الشجاعة لكى يعلن مثلا أنه نادم على هذا المقال الذى كتبه فى لحظة غضب هل لدى الوزير بالفعل أوراق إدانة -إذا كان هذا صحيحا- فعليه أن ينشرها فورا، لأن دوره هو الكشف عن الحقائق لا التلويح بها، فكيف نثق فى مسؤول يشترى صمت الفاسدين بالتهديد والوعيد؟! كان الوزير يبدو وكأنه يتعامل مع المثقفين على طريقة «سيب وانا أسيب» لو لم تكفوا عن مهاجمتى سوف أفضحكم جميعا.. الأوراق التى بحوزته الآن سوف تزداد ضخامتها بمجرد عودته إلى الكرسى، ولهذا أطالبه قبل أن يذهب إلى مكتبه فى شارع شجرة الدر بالزمالك، مواصلا ممارسة هوايته الأثيرة بتصوير المستندات التى تدين معارضيه أن ينشر هذه الوثائق على الرأى العام، ومن حق الذين يعتقد أنه أمسك بأوراقهم السوداء أن يدافعوا عن أنفسهم. لا أرتاح فى الحقيقة إلى من يأتى إلى موقع وهو بداخله بركان غضب، كما أننى فى نفس الوقت أرى أن الصاوى بتجربته فى ساقية الصاوى، والتى كانت بالفعل تجربة موازية للدولة، وتحمل قدرا لا ينكر من الإضافة الفكرية، إلا أنها فى كثير من الممارسات كانت تكشف أيضا عن عقلية رقيب قابع فى أعماقه لا يكف عن مطالبته بالمنع. إذا كان منهج المصادرة وهو خارج المظلة الرسمية للدولة هو دستوره فما الذى تنتظرونه عندما يصبح هو المسؤول الرسمى عن الثقافة. أتذكر أن عددا ممن ينتمون إلى التيار الإسلامى كانوا دائما ما يعقدون مقارنة بين الأديبين الكبيرين نجيب محفوظ وعبد المنعم الصاوى -والد محمد الصاوى- ويضعون عبد المنعم الصاوى فى مكانة أعلى، لأنه -على حد قولهم- لم يكتب عن الراقصات والفاجرات مثل نجيب محفوظ.. لا أستبعد أن تلك هى أيضا قناعات محمد الصاوى التى رددها من بعده هذا التيار المتزمت. د.مرسى يلعب على المكشوف، ولا أتصوره يريد مصر إلا وقد أصبحت إخوانية، والدليل أن الوزارة التى تسهم فى تحرير العقول، وتضع قيمة الحرية فوق كل اعتبار، تذهب إلى وزير مؤمن بالمصادرة محمل بمشاعر انتقامية وعند الضرورة يهدد ويتوعد معارضيه. حقيبة الثقافة أثبتت أن د.مرسى عازم على أن نسير إلى طريق جمهورية مصر الإخوانية، وأظنه سوف يواصل ذلك النهج فى حقيبتى الإعلام والتعليم!