«إنت واجع قلبك ليه؟».. سألنى صديقى محمد الميكانيكى. «مش عارف، أنا بتكلم وبكتب تنفيسة ويمكن حد يسمع ويجد فى ما أقول مقدمة حاجة مفيدة تنفع فى يوم من الأيام». «بصراحة أنا لو منك أغير الصنعة». قال صديقى، ثم استطرد: «أنا فاكر فى 20 فبراير 2011 لما كتبت فى صحيفة الشروق دعوة للدكتور البرادعى والدكتور زويل والسيد عمرو موسى أن يقعدوا مع بعض ويحاولوا أن يملأوا الفراغ قبل ما غيرهم يملوه. والله تلاقيك نسيت من الرغى اللى عمال ترغيه طول النهار!» قال صديقى الميكانيكى. «أبدا أنا فاكر المقال ده تحديدا وكأن الواحد كان بيكلم نفسه لأن كل اللى الإنسان حذر منه حصل». قلت لمحمد. قال لى: «إزاى؟» قلت له: «كتبت آنذاك أن هناك ست قوى سياسية أساسية تتحرك فى الساحة المصرية الآن: القوات المسلحة، أنصار النظام السابق، الإخوان المسلمون، المعارضة الحزبية التقليدية، الزعامات الشعبية، الشباب الثائر الذى أثبت يوم الجمعة (واحدة من المليونيات) مرة أخرى أن ثورته لن تهدأ حتى يصل إلى ما يريد. وبالنظر إلى المستقبل يتخوف الإنسان من سيناريوهات ثلاثة، السيناريو المخيف الأول هو أن ينجح فلول النظام السابق فى إعادة إنتاج أنفسهم فى حزب جديد أو من خلال أدواتهم الإعلامية والخدمية والاقتصادية والقمعية التى لم يزالوا يسيطرون على الكثير منها. السيناريو المخيف الثانى هو أن تستغل جماعة الإخوان (رغما عن اطمئنانى لكلمة الشرف التى أعلنوها بصدد عدم سعيها للرئاسة أو الأغلبية البرلمانية) حالة الفراغ السياسى وتدفع بثقلها فى اتجاه محاولة السيطرة على الحياة السياسية قبل أن تشكل حزبا مدنيا خالصا وقبل أن تستقر قواعد العمل الديمقراطى فى البلاد. والسيناريو المخيف الثالث هو أن تجد القوات المسلحة أن القوى السياسية المدنية (سواء الحزبية أو القيادات الشعبية) شديدة التشرذم بما يملى عليهم أن يختاروا الاستقرار والأمن على حساب الديمقراطية والحرية (ونتذكر أن هذا كان خيار الضباط الأحرار فى عام 1953). من الثابت تاريخيا أن التحول الديمقراطى الثورى الناجح يتطلب إما مؤسسة قوية تعبر عن مطالب الثوار الديمقراطية وتتفاوض بالنيابة عنهم (مثل حركة تضامن فى بولندا أو تحالف الطلبة فى كوريا الجنوبية) وإما زعامة شعبية (نيلسون مانديلا أو سعد زغلول). ولهذا السبب، أعلن وأكرر ما سبق أن طلبته صراحة فى مكالمات هاتفية وفى تعليقات إذاعية عن أهمية أن يجتمع الثلاثة الكبار الممثلون للقيادات المطروحة شعبيا لمنصب الرئاسة (السادة أحمد زويل، عمرو موسى، محمد البرادعى، بالتعاون مع غيرهم) كمواطنين مصريين للإعلان صراحة عن دعمهم التام لمطالب الثوار (مع تحديدها بدقة؛ لأن كلا منهم يكررها ولكن بلغة مختلفة عن الآخر)، وأنهم مستعدون للعمل معا ومع جميع القوى الأخرى، بما فيها القوات المسلحة لضمان انتقال سلمى وديمقراطى للسلطة. وهنا يجد الشباب الثائر والقوات المسلحة أن المرحلة الانتقالية ستكون انتقالية فعليا، وسيكون خلفها أفق أوسع لحكم مدنى ديمقراطى مؤسسى حقيقى. نحن لسنا فى وقت نملك فيه رفاهية العمل الفردى، وإلا تصبح ثورة 25 يناير مجرد حالة تمرد مؤقت انتهت بالإخفاق لفشل المصريين فى أن يتحولوا من ثائرين عظام إلى رجال دولة محترفين. دمتم ودامت مصر بخير. «يا ساتر، آه لو كانوا سمعوا كلامك. والله العظيم انت صعبان علىّ، أنا جالى اكتئاب!» قال صديقى، قلت له: «لا يا راجل أنا اتعودت خلاص، أنا بكتبت علشان أسلى نفسى، وعلشان ربنا لا يحاسبنى أننى كتمت العلم». «المهم، هتفطر فين أول يوم رمضان؟ أو مش مهم، ما دام مش عندنا فى البيت. رمضان كريم». قال صديقى. التصنيفات | التتبع