كنت قد قررت عدم التعرض لأداء الرئيس الجديد، الدكتور محمد مرسى، لحين انتهاء فترة المائة يوم الأولى، وبدأ الرجل ولايته بتحركات إيجابية، حاول فيها استيعاب الجميع، لكن الرجل -فجأة- قطع طريق الصبر بقرار أقل ما يوصف به أنه يفتقد الحنكة القانونية والسياسية، كما أثبت الرجل «أى مرسى» التصاقه الفكرى والمعنوى والتنظيمى بجماعة الإخوان المسلمين، على غير ما وعد، بل إن إرضاء الجماعة، مع بعض مؤيديه أثناء الانتخابات، أهم عنده من برنامجه والشعب، بل وشعبيته.. فقد نسى الرئيس أنه نجح بنسبة 51٪ فقط، وكان أحوج ما يكون للمصالحة مع المجتمع وأن يهدأ البلد، حتى يستطيع استكمال برنامجه الانتخابى، فإذا به يسعى لتفجيره، وبقرار واحد استطاع توحيد كل معارضيه، بل بعض مؤيديه، ضده، وهو أمر يزيد المخاوف منه خلال السنوات المقبلة، فالرجل دخل مع أنصاره وأهله وعشيرته من الإخوان المسلمين فى معارك بعد نجاحه، تارة مع الإعلام، وثانية مع الأزهر، وثالثة مع القضاء.. وأخرى مع مَن وقفوا أمام القصر الجمهورى، حيث اتهموه مرة بالتآمر وأخرى بالتربح من هذا الأمر. «الإخوان»، الذين يقودون «مرسى»، دخلوا فى معركة غريبة مع القضاة، ونسوا أن القضاء المصرى أنصفهم كثيراً، وكانوا يقفون على باب المحاكم ولجان الفرز دائماً ويرددون ويهتفون: «فى مصر قضاة.. لا يخشون إلا الله»، كما نسى «الإخوان» أن نوابهم فى برلمان 2005 ذهبوا، على غير العادة، إلى نادى القضاة ليؤكدوا رفضهم قانون السلطة القضائية، وكان ذلك نوعاً من التودد للقضاة الذين انحازوا إلى الحق كثيراً، واستفاد «الإخوان» من ذلك بدليل أن «الإخوان» لم يذهبوا إلى أى نقابة أخرى بعد أن تضامنوا معهم ورفضوا القوانين الخاصة بهم. «الإخوان» يقيّمون الهيئات والمواقف والرجال بمعيار واحد فقط، هو مصلحة الجماعة، فالقضاة هم من أشرفوا على الانتخابات البرلمانية التى فاز بها الإخوان، والأمر نفسه تم فى الانتخابات الرئاسية، واعتمد «الإخوان» على القضاة فى تجميع الأرقام، وكان القضاء هو بطل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، لكن عندما أصدر حكماً لا يرقى لمستوى مصالحهم انقلبوا عليه وتطاولوا على رموزه فى أكثر من مناسبة خلال البرلمان، كما أنهم انتقدوا المستشار فاروق سلطان كثيراً قبل الانتخابات الرئاسية وبعد النتائج أشادوا به وكرّمه مرسى بمنحه وسام الجمهورية، ثم عادوا أمس ليتهموا المحكمة الدستورية أثناء رئاسة «سلطان» بالتزوير. أكثر ما يثير التخوف من قرار «مرسى» وصعود «الإخوان» سؤال واحد: هل يؤمن قيادات الجماعة بالديمقراطية، رغم أنهم لم يمارسوها سواء داخل التنظيم أو فى حزب الحرية والعدالة، أم أن سلم الديمقراطية سيستخدم مرة واحدة بحيث يصعد عليه «الإخوان» للسلطة لاقتناصها ثم يلقون به على الأرض؟!