هدد كثير من أهالى الشهداء بتنفيذ حق القصاص بأيديهم ضد من قتلوا أبناءهم، احتجاجاً على بطء محاكمة مبارك ونظامه ودعم ذلك صدور أكثر من حكم ببراءة ضباط الشرطة المتهمين بقتل المتظاهرين بالسيدة زينب وعين شمس، وأثار ذلك جدلاً واسعاً وحذر خبراء من خطورة هذا الاتجاه الذى ينذر بدمار المجتمع إذا ما اتجه كل شخص لنيل حقه بيده، كما أكد الخبراء أن العدالة «البطيئة» خطر على المجتمع، لأنها تزيد من ثورة أهالى الشهداء الذين يشعرون بأن دماء أبنائهم ستضيع هدراً دون محاسبة المتظاهرين وتحميل المجلس العسكرى مسئولية قتل المتظاهرين بعد المخلوع بصفته الحاكم الفعلى للبلاد ومما ينفى مسئولية المخلوع ووزير داخليته عن قتل المتظاهرين. ردود أفعال من أسر وأهالى الشهداء جعلت كتائب للإعدام من الثوار وأهالى الشهداء تجوب شوارع السويس، وتنذر بنقلها لجميع شوارع ومدن الجمهورية بحثاً عن قتلة الشهداء.. كتائب يحركها سخط عام شعبى من طول المحاكمات لحسنى مبارك وحاشيته، وبراءة الضباط الذين قتلوا المتظاهرين وأحدثوا عاهات مستديمة للمصابين، وسخط وصل لذروته وينذر بانفجار ثورة ثانية تأكل فى طريقها الأخضر واليابس.. «الوفد» تدق ناقوس الخطر، قبل فوات الآوان من خلال التحقيق التالى: ولأن القاضى يحكم بأدلة ولا شأن له بالرأى العام.. ولأن الدولة دمرت وتاهت وفرقت وتم التلاعب بها لصالح المتهمين بقتل الثوار والمتظاهرين، فإن القصاص العادل الشافى أصبح أملاً بعيد المنال ومستحيلاً فى ظل ما نشاهده من محاكمات جنائية وليست سياسية، محاكمات وقاتلو الثوار طلقاء لايزالون يشغلون مناصبهم والسجناء منهم كأنهم فى منتجعات سوبر ستار يدفع الشعب فاتورة تلك الإقامة الفارهة المسماة خطأ بالسجون بالنسبة لهم.. بينما الثائر المقتول بأيدى هؤلاء تعويض أسرته ما بين ال15 و30 ألف جنيه والمصاب ب5 آلاف جنيه. تصرفات وإجراءات ومحاكمات تدفع باسم الشهداء بالبدء فى تنفيذ تهديداتهم بالقصاص العادل بإعدام مبارك وحاشيته أو القصاص بأيديهم.. وقد كان، حيث نظم المئات من أهالى الشهداء مسيرة القصاص بحثاً عن قتلة الشهداء صاحبهم فيها كتيبة الإعدام وانطلقت المسيرة من ميدان الأربعين لتتوقف أمام معرض إبراهيم فرج المتهم بقتل المتظاهرين بالسويس، واتجهت لمنزله مرددة «مش هانسيبك» ثم اتجهت المسيرة لتتوقف أمام منازل اثنين من الضباط المتهمين وإلى قسم شرطة السويس والأربعين، وعادت المسيرة لميدان الأربعين ليقضى الثائرون ليلتهم محتجين بالميدان مؤكدين أن يوم القصاص بات وشيكاً، وأعلنت كتيبة الإعدام أنها ستتجه إلى القاهرة لتكمل المسيرة مع باقى كتائب الإعدام التى تم تشكيلها بالتنسيق مع باقى المحافظات على مستوى الجمهورية، قاصدة المركز الطبى العالمى ثم سجن طرة لاستكمال القصاص الذى سيبدأ من السويس وعندئذ أعلنت أيضاً بعض الحركات الإسلامية بالسويس انضمامها لكتيبة الإعدام معلنين استعدادهم للتضحية فى سبيل الثأر للشهداء. وفى السويس أيضاً، كانت هناك مسيرة لأهالى الشهداء لاقتحام حفل زفاف شقيقة ضابطى شرطة ومرعوين من الضباط المتهمين بقتل الثوار وذلك للانتقام منهم لولا هروبهم من باب المطبخ الخلفى للفندق المقام به حفل الزفاف. وهتف بعض من أسر الشهداء أمام أكاديمية الشرطة، مقر محاكمة المخلوع وبعد تأديتهم لصلاة الغائب على أرواح الشهداء مؤكدين أنه إذا لم يتم إعدام مبارك ومحاكمته سيقومون بالقصاص منه ومن أبنائه بأيديهم. ونشرت ووزعت قائمة على كل وسائل الاتصال والإنترنت تحمل اسم «العسكر الثلاثة» مطلوبون ثورياً وهم: ملازم شرطة يقنص عيون الشباب ويطلق الأعيرة النارية على المتظاهرين فى شارع محمد محمود، أما ثانى المطلوبين فهو أحد جنود الشرطة العسكرية الذى تم تصويره وهو يمسك بإحدى الفتيات فى ميدان التحرير وأثناء أحداث مجلس الوزراء ويجذبها من شعرها ويسحلها على الأرض، لذلك قام الثوار بطبع صورته مكتوباً عليها مكافأة 10 آلاف جنيه لمن يتعرف على صاحب هذه الصورة، وثالث المطلوبين فهو الرائد حسام الدين محمد المتهم من الفتيات المحتجزات داخل مجلس الشعب أثناء أحداث مجلس الوزراء بقوله لهن: «إنه سيعمل عليهن حفلة النهاردة». وقام بضربهن وسحلهن مع عمل بعض الإيحاءات الجنسية لدرجة استفزت مشاعر الثوار والحركات السياسية التى تتبعت ملفه الخاص ونشرت صفحة ثورة الغضب الثانية على موقع الفيس بوك كلاماً عن أن ملفه فى الكلية وبعد التخرج ملىء بالانحرافات. وهكذا كانت قائمة المطلوبين لثوار ميدان التحرير وهم ملازم الشرطة ورائد الصاعقة والجندى المعتدى على المتظاهرين، فهل يتحرك أحد قبل الانتشار السريع لكتائب الإعدام. استخفاف عبدالله الأشعل، أستاذ القانون الدولى والمساعد السابق لوزير الخارجية، يصف ما يدور فى محاكمات المخلوع وحاشيته بالاستخفاف بدماء الشهداء، وعقول المصريين وينذر بدفع أهالى وأسر الشهداء لأخذ الثأر والقصاص بأيديهم، فقد سمعنا وشاهدنا كتائب للإعدام فى مدينة السويس تجوب شوارعها باحثين ومنددين ومنذرين لقتلة الشهداء ما ينذر أيضاً بفوضى عارمة تصبح معها العدالة شخصية، مما يستلزم إعادة تلك المحاكمات على أساس جديد وهو أن الشعب المصرى كله وقف يطالب بحناجره لإسقاط النظام فرد عليه النظام بأسلحته يريد الفتك بهذا الشعب، ومن ثم فهى مواجهة بين نظام كامل وشعب كامل بغض النظر عن أشخاص المجرمين أو أشخاص الضحايا مما يستلزم كما يقول عبدالله الأشعل وضع تشريع جديد يضع اليد على عدالة حقيقية أساسها هذا الإجرام من جانب النظام الذى قتل الشعب مرتين، مرة خلال حكم مبارك بينما كان الشعب يثق به ويطلب منه العون والمدد ويتجه إليه للإنقاذ ثم قتله والمرة الثانية عندما طالب هذا الشعب برحيل النظام المخادع والفاشل. ويضيف الأشعل أن أهداف الثورة لم تحقق بعد خاصة بعد أن تحالفت بعض القوى السياسية مع «العسكرى» للمحافظة على مكاسبها فى الانتخابات، ولذلك فتوسيع القضية سيدعو لثورة ثانية، لذلك فالقضاء العادل هو طوق النجاة وإن لم يكن محاكمة سياسية إلى جانبها مقاطعة اجتماعية شاملة للمتهمين والقتلة وعلى شباب الثوار رصد أسمائهم فى كتاب أسود حتى يعرف الناس من هو هذا المتهم القاتل الذى قد تخرجه الإجراءات والتشكيك فى الأدلة ببراءته ولكن السماء لن تبرئه، فالتشريع الذى يستند إليه القاضى تشريع قاصر وهو تشريع عادى، فلم يصل المشرع فى أسوأ أحواله بأن تصل درجة فجور وإجرام نظام إلى هذا المنوال، مما يستلزم تشريعاً خاصاً وجديداً لمحاكمة هؤلاء وهو ما لم يجرؤ عليه مجلس الشعب بأكثرية الإخوان والسلفيين، فلن يكون هناك أية محاكمة سياسية. الدكتور ربيع فتح الباب، أستاذ القانون بجامعة عين شمس، يؤكد أن المحاكمات الدائرة وفقاً للقوانين الحالية الجنائية والإجرائية ستؤدى إلى صعوبة إدانة هؤلاء، وأنه كان من اللازم وجود تشريع خاص أو مرسوم بقانون خاص يحاكم هؤلاء وفقاً لقواعد خاصة أمام محاكم خاصة من السلطة القضائية يتم اختيار القضاة فيها من الشعب نفسه وكان من الضرورى أن تكون الإجراءات خاصة فى المحاكمة، وفى قضايا كثيرة تورط فيها هؤلاء وعلى رأسها الخيانة والانحراف عن النظام الجمهورى والتعذيب والفساد. كمال أحمد، المحامى النائب السابق بمجلس الشعب، يرى وجود خلط لدى الشعب عامة وأسر الشهداء خاصة ما بين المحاكم الثورية والجنائية، وطالما ارتضينا بالمحاكم الإجرائية فى محاكمة المخلوع فيجب أن نرضى عن الحكم أياً كان إدانته أو براءة، فالقاضى لا يحكم سوى بدلائل وقرائن قوية لا يحتمل بها الشك والتشكيك وهذا ما لم يحدث للآن، ولذلك هل سيكون هناك احترام للقانون مهما كانت الأحكام أم لا، وخلاف ذلك فكان يجب أن تكون المحاكمات من الأساس ثورية سياسية. وأضاف كمال أحمد أن ما يثار بطول وقت المحاكمات والمماطلة المتعمدة غير سليم، فالجميع يتناسى أن للإجراءات ما يلزمهما من وقت لآخر، كما أن المحكمة قد طلب ردها وهذا ما زاد أيضاً من الوقت، ولذلك أعتقد أن بداية الصدام الحقيقى فى الشارع سيكون مع حكم لا يرغبه والقانون الحالى لا يوجد به ما يسمى جريمة الفساد، والتى ينبغى أن تكون أمام محاكم ثورية والبرلمان بتركيبته الحالية لن يصدر قرار بتلك المحاكمة الثورية لأنه قرار لا يتفق مع سياستهما للرأى العام العالمى، وعندها سنكون دولة أم لا.