بيلك المدير الفنى التشيكى حاول جاهدا، بكل ما أُوتى من قدرات أن يؤجل إعلان فوز البرتغال إلى أطول وقت ممكن، لم يكن يعلم أن هناك لاعبا قيمته المالية تحدد كل شىء فى وقت صعب وحساس على الجماهير، وعلى اللاعبين الذين بذلوا أقصى جهد لاستنفاد أكثر وقت ممكن، حتى ينفد صبر البرتغاليين ويقل المخزون البدنى، خصوصا أن التشيك كانت له أيام راحة أكثر من البرتغاليين، وهذا فى عرف كرة القدم كافٍ لأسلوب وتكتيك مدرب يلعب على إنهاء اللقاء بالأسلوب الذى يتناسب مع قدرات لاعبيه.. المباراة معظم ال90 دقيقة كانت لصالح البرتغاليين، الشكل التكتيكى لم يختلف (4-3-3)، ولكن الأسلوب فى الملعب اختلف تماما بفضل كفاءة نجم تم الاعتماد على قوته ومهارته وسرعته واهتمامه بفك حصار تشيكى كان أقرب إلى سور الصين العظيم.. التشيك لعب بنفس الشكل فى كل مبارياته مع تغيير عنصر واحد، وهو صانع اللعب تحت رأس الحربة، ما بين روزيسكى وكولار ودريدا، وأعتقد أن الأخير ظلم كثيرا وأثر أيضا على انسجام كل لاعبى الوسط فى النواحى الهجومية. الفكرة عند المدرب كانت لقصر قامة اللاعب وسرعته وتحركه بين القلبين، فى البرتغال الحلقة الأضعف فى كل الخطوط من ناحية البطء فى الرقابة، مما كان يعمل على إعطاء سرعة مناسبة فى الهجمة المرتدة، وهو نفس سلاح البرتغاليين، ولكن أثر وبشكل غير عادى على قوة ياورسيك فى التوغل، سواء على الأطراف أو فى العمق، وأيضا كثيرا على انطلاقات أخطر لاعب فى الفريق الذى أُجبر على القيام بالنواحى الدفاعية، والسبب كان فى تغيير بسيط فعله مدرب، ولم يكن جيدا على الإطلاق.. التشيك بدأ (4-2-3-1)، بمدافعين ليس لهم أى واجب هجومى بتعليمات من مدربهم وتحديدا الجبهة اليمنى التى افتقدها مع أفضل مدافع أيمن فى البطولة هو جبرائيل سيلاسى، خوفا من رونالدو وفابيو كونتراو، لذلك فقد التشيك أخطر الجبهات فى البطولة، ثانيا اللعب بثلاثى ارتكاز لإيقاف الهجمة المرتدة للبرتغال، وكأن بيلك لم يرَ سوى الهجمة المرتدة فقط، ولذلك فقد عنصرا مهما جدا اسمه ياروسيك فى النواحى الهجومية، ثالثا شلل تام للجبهة اليسرى من الأمام لبيلار الخطير من جانب جواو بيريرا، وأيضا موتينيو الذى بذل مجهودا دفاعيا وهجوميا، رابعا التشيك يلعب من أول البطولة وهو ناقص لاعب اسمه ميلان باروش، ومع ذلك أصر على وجوده فى الخط الأمامى مع أن نزول ريريك كان أكثر تحركا، خامسا الإبقاء على كولار أثر كثيرا على القوة الدفاعية والهجومية للتشيك. بيلك لعب على تكتيك معين، هو الوصول إلى الوقت الإضافى أو ضربات الترجيح، اعتمادا على قدرات بيتر تشيك الذى كان فى أفضل حالاته، وعلى ملء الوسط وغلق الأطراف على نانى ورونالدو، وهى طريقة توقعها الصغير باولو بينتو، كما قلت، لعب بنفس التكتيك من أول البطولة، أصبح الانسجام أعلى، والانصهار أفضل، والتجانس فى كل الخطوط أشبه بالتدرج، كما السلالم الموسيقية، الأخطاء أصبحت قليلة، الفاعلية أكثر فى كل خطوط الوسط، يؤدى بشكل أكثر انسيابية، الهجوم يلعب بالنظر وبالتفاهم دون الأنانية التى قلّت نسبيا، عدا نانى فقط لا غير.. بينتو يعلم جيدا أن بيلك سيلعب على التقفيل والتقليل من المساحات، وأيضا الوقت، لإرهاق الفريق ذهنيا، ولذلك عدل فى طريقة الأداء إلى العمق الدفاعى أكثر من 14 كرة على المرمى من جواو بيريرا المدافع الأيمن ونانى ورونالدو وموتينيو، وأيضا الجرىء جدا وصاحب الخبرة ميراليش، حاول بيلك إنزال لاعب إلى قلب الدفاع من لاعبى الوسط وهو هوبشمان، ثانيا بينتو اعتمد على أن التشيك يلعب على الدفاع، ولم يتبقَ له سوى ميلان باروش فى الخلف، فزود من لاعبى الوسط لاعبين أماميين، وترك فى الخلف بيبى وبرونو ألفش، خصوصا أننا لم نرَ الحارس البرتغالى إلا قليلا، كل هذه التعديلات كانت من المستحيل أن لا تترجم إلى هدف، والدليل نعود إلى جملة الهدف، نانى وجواو بيريرا، وفى العمق كونتراو ألميدا ورونالدو، هذه هى الكثرة العددية فى النواحى الهجومية للفريق البرتغالى الذى استغل كل أخطاء المدرب الآخر، ليصعد ويصل إلى الدور قبل النهائى عن جدارة واستحقاق، وأعتقد أن البرتغال من السهل أن يصل إلى النهائى بفضل القوة الدفاعية مؤخرا، وأيضا بفضل قوة وسط ملعبه، والثنائى الهجومى نانى ورونالدو، والأهم هو النضج الكبير والتخلى عن العصبية، وعدم التسرع، والقدرة على القيادة لنجم كبير اسمه كريستيانو رونالدو، ليرد على كل المشككين من المحللين على مستوى العالم. هدف تكتيكي خاص الهدف الذى أحرزه رونالدو له دلالة كبيرة على جمل فى اللقاء تترجم إلى عدة نقاط، أولا المهارة لنانى فى الانتظار فى عمل الباصات إلى زميل آخر، ثانيا التقدم الممتاز من المدافع الأيمن ولاعب الوسط فى الجبهة اليمنى التى شغلها نانى بمهارة عالية، ثالثا التقدم الرائع للاعبى الوسط لمساعدة رأس الحربة هوجو ألميدا، رابعا وهو الأهم والأخطر بعد تمريرة الكنتار إلى رونالدو والسرعة فى اتخاذ مكان بخطوة سريعة مابين سيلاتى وسى فوك، أعتقد أن أفضل ما فى الهدف هو الجملة والختام الرائع للاعب الرائع فى المكان والزمان، والسرعة فى ضرب المدافعين، لاعب فعلا يساوى 100 مليون يورو.