كلما نظرت حولى وجدت أن أغرب ما نعانى منه هو افتقاد الرؤية وقصر النظر أمام التحديات التى تواجهنا وذلك كله يرجع إلى ما نسميه «فقر الخيال» إذ إن الأفكار الكبرى والاختراعات المهمة والاكتشافات التى نقلت البشرية من مرحلة إلى أخرى بدأت كلها بخيال أصحابها، وحتى على المستوى الفردى فإن الإنسان ذاته هو مشروع مستقبلى يقوم على تخيل ما يريده ويتطلع إليه ويسعى نحوه، لذلك فإن عنصر «الإرادة» هو عنصر حاكم بجميع المعايير، فالنجاح قرار عقلى والفشل استسلام عقلى، والتفوق فى الحياة تعبير إرادى والتراجع فيها انتكاسة إرادية أيضًا عطلت القدرة على المضى إلى الأمام نتيجة سقوط الصورة المثلى لما يريده الإنسان عندما يغيب الخيال، ونحن لا نقول ذلك استغراقًا فى فلسفة ليس هذا مكانها ولكننا نريد أن نقول إن العرب فى مجملهم أمة «فقيرة الخيال» محدودة «الرؤية» ليس لديها فكر استراتيجى على المدى الطويل ولا تصور لمجتمع الأمل كما نحلم به. وإذا أخذنا المشهد المصرى الراهن على سبيل المثال فسوف نجد أننا محصورون فى إطار أحداثٍ يومية وإجراءات قانونية وسياساتٍ قصيرة المدى، أما الملفات الكبرى التى ترتبط بالحياة والموت مثل «ملف مياه النيل» و«ملف التعليم» و«ملف العشوائيات» فهى لا تنال حوارًا مجتمعيًا شاملا يقوم على رؤية بعيدة أو فكر استراتيجى مدروس أو خيال واسع كما أننا نسقط أحيانًا فى مستنقع التفاصيل فتختفى الحقائق الأساسية وتغيب البوصلة ونجد أنفسنا كما لو كنَّا فى «محلك سر».. إننى أطالب بثراء الخيال والرؤية البعيدة والقدرة على استشراف المستقبل. بواسطة: Mahmoud Aziz