كشفت الناشطة السياسية، منى سيف، منسقة مجموعة «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين»، الأربعاء، عن رسالة خاصة بشقيقها علاء عبدالفتاح، المحبوس على ذمة اتهامه ب«التظاهر دون ترخيص»، مشيرة إلى أنه كتب الخطاب في محبسه بتاريخ 24 ديسمبر الماضي، ملخصًا حاله بقوله: «الدنيا ماشية بس قهرة النفس وحشة». وذكرت «سيف»، في مدونتها «تناتيف ماعت»، أنه تم الدخول في مفاوضات لمدة أسبوع مع إدارة السجن «عشان يسمحولنا نستلمه، (الخطاب)»، مضيفة: «لما سألنا ليه ما يينفعش ناخد الجواب؟، جالنا الرد: (عشان كاتب فيه عن السجن)»، وعلقت بقولها: «فيوز من عقلي ضرب». وأضافت: «حابسينه في زنزانة انفرادي، وبيقضي 20 ساعة في اليوم على الأقل تمامًا لوحده، وأيام الإجازات بيمنعوا عنه التريض، فممكن توصل لأنه محبوس انفرادي 48 ساعة أو حتى 72 ساعة، متوقعين إنه أما يكتب جواب هيكتبه عن إيه؟ دريم بارك؟». وأشارت إلى ترددها قبل نشر الخطاب «عشان الكلام مستخبي جواه كم غضب ووجع وإحباط، وبعدين قررت أنشره»، مضيفة: «دي حقيقة اللحظة اللي إحنا عايشينها، ليه أنكرها أو أحاول أجملها؟». وقالت: «كل زيارة بنروح وجوانا هوجة مشاعر، غضب، وجع، قلق من اللي لسه جاي، إحباط، وحشة، راحة لوجود العائلة، وحب.. دايمًا دايمًا في وسط كل الوجع في طاقة حب فايضة». وافتتح «عبدالفتاح» خطابه بمخاطبة شقيقتيه منى وسناء يعبر خلاله عن اشتياقه لمقابلتهما، وقال: «واحشني جدًا»، وتحدث عن أصعب ما يقابله في حبسه، موضحًا: «إن حد يبقى متحكم في وقتك بالشكل ده، لدرجة إنك تتحرم حتى من القلق، لأن مش هعرف إن خالد (ابنه) خد دور برد غير بعد ما يكون خف». وتحدث عن العاصفة الثلجية، التي ضربت أنحاء مصر، في ديسمبر الماضي، قائلًا: «أنا بلبس كل هدومي فوق بعض وبرص بطاطين فوق بعض فكرت إن فيه ناس في عشش أو في الشارع معاها هدوم أقل وبطاطين أقل، بس بعد أبرد ليلة لما قررت أن لازم أسد شبابيك الزنزانة، وثاني يوم أدركت إن حتى المشردين يقدروا يقوموا في أي وقت يختاروه يدوروا على حل للبرد، ويمكن يلاقوا ويمكن لأ». وتابع: «لكن إحساس يقهر إن سلطة ما هي اللي بتقرر ببيروقراطية عشوائية، إمتى هيتفتح علي، وإمتى هلاقي كرتونة أسد بيها الشباك، وإمتى النبطشي هياخد إذن يجيب سلم ويطلع يسد الشباك». واعتبر أن حبسه يجعل إرادته «مسلوبة تمامًا»، وقال: «المشكلة أنه متحكم في روحي، بيحددلي أشوف منال (زوجته) وخالد إمتى وأبوسهم وأحضنهم قد إيه؟». وتابع: «المرعب أكتر إحساس أنه ممكن يقلل، لو اتحكم علي، الزيارة هتبقى كل أسبوعين مش كل أسبوع، والجرايد بتتكلم عن تطبيق نظام الزيارة بكابينة زجاجية وتليفون، يعني لو أطبق علي مش هعرف ألمسكم، هتواصل مع خالد إزاي أنا كده؟». وانتقد الأمر بقوله: «اللي يقهر إن ناس كانت عاقلة أول إمبارح تكتب في الجرايد تحرض على منع زيارات زوجات وأبناء المعتقلين عشان الإخوان ميطلعوش تكليفات وأوامر، كأن المسجون ده مش بشر أصلًا». وأضاف: «لا اللي لسة عاملين فيها عاقلين وقاعدين يكتبوا عن إزاي الحكم على ماهر ودومة وعادل نتيجة للاختيارات السياسية الخاطئة، و6 إبريل وفقدانهم شعبيتهم، كأن أحمد ماهر ده فكرة مجردة أو كأن المحبوس ده شخصية اعتبارية اسمها 6 إبريل مش بني آدم عنده بنت عندها 5 سنين، ومحتاس هو دلوقتي في أنه يشرحلها هو فين وبعيد عنها ليه وهيرجع إمتى». ويرى «عبدالفتاح» في خطابه المطول أن «قراءة الجرائد عمومًا بقت مستفزة جدًا بعكس الحبسات اللي فاتت بس أهي بتضيع وقت». ورفض أن تتم قراءة رسالته بنظرة تشاؤمية، موضحًا: «ماتتخضوش من كلامي، ظروفنا كويسة، ومقارنة بحبسات سابقة إحنا في وضع مريح جدًا، وفي التريض بنبقي مع بعض، ونص اليوم بندردش بالزعيق من بين الزنازين، والوقت بيعدي في القراءة، وبالمفاوضات الأمور بتتحسن، وقعدنا أسبوع نتفاوض على الجرائد والراديو، أدينا أهه بنتفاوض على الجوابات، ووعدونا إن الرسالة دي هاتوصلكم، وبقالنا أسابيع بنتفاوض على حق نشر مقالات وعلى دخول تليفزيونات، ويمكن في يوم من الأيام يسيبوكم تدخلوا جوابات من الأصدقاء وتوصلنا تلغرافات، والواحد حاسس إنه صائب عريقات، والحياة تفاوض، والدنيا ماشية بس قهرة النفس وحشة». واستعاد «عبدالفتاح» مشهد القبض عليه في شقته، في خطابه، ورأى أن «الحبسة دي ملهاش أي قيمة، لا ده نضال ولا فيه ثورة، والعالم اللي مقضياها تفاوض رغم أنهم مش محبوسين دول ما يستاهلوش إني اتحرم من ساعة واخد فيها خالد في حضني». وقال: «الحبسات اللي فاتت كان فيه معنى لأني أتحبس وأتماسك، كنت حاسس إني داخل السجن بمزاجي وطالع منه كسبان، دلوقتي حاسس إني مش طايق الناس والبلد، وإن مفيش أي معنى لحبسي غير بس أنه يحررني من الإحساس بالذنب لعجزي قدام كم الفُجر في الظلم والفُجر في تبريره». وواصل: «صحيح أنا لسه عاجز، بس أهو بقيت مظلوم من ضمن المظاليم ومرفوع عني الحرج والذنب، وبصراحة ساعة مع خالد أفيد كتير». وأضاف: «قدامي جنايتين وواضح أنهم قرروا إن لازم ناخد أحكام، وواضح إن حال الثورة بائس لدرجة إن ينفع ناخد أحكام، يعني الزمن يمكن يفضل واقف عندي، وبيتحرك عندكم لسنين، يعني خالد هيكبر من غيري، يعني قدامه أدوار برد كثير هينام من غير حضني أو يمكن لأ، يمكن هخرج بعد شهر أو شهرين، أو يمكن هخرج بعد ما يخلصوا خارطة الطريق الملعونة بتاعتهم، والمسألة بمزاجهم والزمن والوقت تحت تحكمهم». واعتذر عما سماه «الغم» في خطابه، مؤكدًا كرهه لعبارات «أخي أنت حر وراء السدود، وقد إيه السجن عظيم ومش هيقدر يكسرنا»، مضيفًا: «في كل مرة بتحبس حتة بتتكسر زي ما في كل مرة حد غيرنا بيتحبس ظلم كلنا بينكسر فينا حاجة، زي كل شهيد بيموت الكل بينزف، صحيح أهله وأحبابه بينزفوا أكثر بكثير بس كله بينزف وكله بيدفع الثمن». وتابع: «أنا كويس.. قهرة الروح دي أنتم عارفين إني كنت عايش معاها بره زي ما أنتم عايشينها، وكل يوم فيه خبر يعصر القلب، وفيه تخاذل بيكتم النفس، أنا بس هنا عندي وقت كثير مش عارف أعمل بيه إيه فمركز مع القهر بزيادة». واختتم: «أنا بس زهقت، لكن هتعدي زي ما اللي قبلها عدت، وهرجع أشوفكم أقل وترجعوا توحشوني أقل عشان منى هتبقى مشغولة بخناقتها وشطحاتها الرومانسية وبالتوفيق ما بين أدوارها الكثير اللي بتتنازعها، وسناء هتبقى مشغولة بمشاريعها الكثير الغامضة ومغامراتها الكثير العجيبة من غير ما تاخد بالها أصلًا، وأنا هبقى مشغول بمنال وخالد وبأسباب جديدة للغضب والمقاوحة.. بحبكم.. علاء.. سجن ليمان طرة». كانت الأجهزة الأمنية ألقت القبض على «عبدالفتاح» داخل شقته بالعمرانية، على خلفية القرار الصادر من نيابة قصر النيل بضبطه وإحضاره هو وأحمد ماهر، مؤسس حركة شباب 6 إبريل، لاتهامهما بالتحريض على التظاهر أمام مجلس الشورى، في 26 نوفمبر الماضي، دون استصدار تصريح للتظاهرة أو إخطار أجهزة الأمن طبقًا لقانون التظاهر الجديد