قال أحمد مصيلحى، المستشار القانونى للائتلاف المصرى لحقوق الطفل، إن وزارة الداخلية تتحمل المسئولية كاملة عن تدهور الأوضاع داخل المؤسسة العقابية، بسبب تحكمها فى جميع تحركات وأنشطة الأطفال بداخلها، إضافة إلى تراجع دور وزارة الشئون الاجتماعية، مشيراً إلى أن هناك وقائع رسمية وقضايا منظورة أمام نيابة المرج بشأن حوادث اعتداء جنسى على الأطفال داخل المؤسسة العقابية بالمرج. وكشف «مصيلحى» فى حواره ل«الوطن» عن أن وجود ما يسمى ب«العنصر الإجرامى» من بين النزلاء مسئول عن عنبر الأطفال بتكليف من الإخصائيين الاجتماعيين، هو ما تترتب عليه انتهاكات جسدية واعتداءات ومشاجرات وصلت لحد وفاة أحد الأطفال، مؤكداً وجود انتهاكات داخل دور الرعاية الخاصة بالفتيات، سواء فيما ورد بشهادات المحتجزات حول تنامى ظاهرة الشذوذ الجنسى أو تهريب مواد مخدرة. ■ هناك تبادل اتهامات بين وزارتى الشئون الاجتماعية والداخلية حول المسئولية عن أوضاع المؤسسات العقابية.. أى طرف يتحمل سوء الأوضاع؟ - وفقاً لقانونى الطفل والعمل، وزارة الشئون الاجتماعية هى المسئولة عن دور الرعاية بما فيها المؤسسات العقابية، وتحديداً وظيفتان أساسيتان «تأهيل ودمج»، فمن المفترض أن يكون لدى الوزارة برنامج لمساعدة «الطفل الحدث» لنسيان الجُرم الذى تسبب فى دخوله للمؤسسة العقابية وأن تساعده على تخطى الماضى، أما رقابة وزارة الداخلية فهو أن تشرف على الأماكن المخصصة لاحتجاز الأطفال، ودورها يقتصر على تأمين المبانى، وهناك ضباط وأفراد يعملون فى وحدة المباحث داخل المؤسسة العقابية دورهم هو حفظ الأمن وتوفيره. ■ لكن وفقاً لشهادات الأطفال الذين قضوا فترات متفاوتة داخل المؤسسة العقابية، فالإخصائى الاجتماعى يحصل على أوامره من ضباط الداخلية؟ - الواقع مختلف تماماً عن نصوص القانون، فوزارة الداخلية تتحكم فى كل شىء داخل المؤسسة العقابية، وحينما نطالبها بأن تتحمل مسئوليتها وتسعى لمعالجة العيوب تتنصل وتقول «المسئول هو وزارة الشئون الاجتماعية».قضايا «اعتداء جنسى» على أطفال مؤسسة المرج منظورة قضائياً.. وتسكين عناصر إجرامية بالعنابر وراء التجاوزات ■ شهادة الأطفال فى التحقيقات قالت إن أطفالا توفوا بعد تعرضهم للاعتداء وألقيت جثثهم خارج المؤسسة وتم إبلاغ ذويهم أن أبناءهم ماتوا فى مشاجرة؟ - بالفعل هناك واقعة يعود لتاريخها لعام 2011، ولكن علينا أولاً فهم طبيعة العلاقة بين الإخصائى الاجتماعى المسئول عن العنبر وضابط المباحث وطرف ثالث مهم هو «العنصر الإجرامى» الذى يتم تعيينه مسئولا عن زملائه داخل العنبر، فذلك «العنصر» ربما يكون تخطى العمر الأقصى لوجوده داخل المؤسسة العقابية وهو 18 عاما، ولكن يظل موجوداً نظراً لحصوله على ثقة «الضباط»، وهناك واقعة مسجلة بأن ذلك العنصر فى إحدى المرات أجبر الأطفال النزلاء على الاستيقاظ من النوم فى الرابعة فجرا وأمرهم بخلع ملابسهم، وتنظيف العنبر، وتفاصيل الواقعة تعود إلى أن هناك طفلا رفض تنفيذ الأوامر من قائد العنبر، وتطورت المشادات إلى اشتباكات أدت لوفاة الطفل، وحكمت محكمة المرج باستمرار سجن الجانى وعدم خروجه. ■ وماذا عن حالة الطفل «م . ح» الذى يقضى حالياً عقوبة السجن للمرة الثالثة على التوالى وأثبتت التقارير الحقوقية أن سلوكياته تحولت بشكل كامل عقب قضاء فترة العقوبة؟ - تحديداً ذلك الطفل الذى كان وقتها يبلغ من العمر 14 عاماً حينما بدأت جلسات العلاج النفسى داخل المؤسسة عبر عن ذلك التحول ب«رسمة»، حيث رسم نفسه وهو مكبل بالقيود الحديدية ورأسه منكس، ما يشير لقسوة ما يحدث داخل المؤسسة العقابية، فمثلا المؤسسة لم تكتشف موهبته فى الرسم بالرغم من أن اللوائح العقابية تمنح النزلاء الفرصة للتدريب والتثقيف، كل ذلك جعل الطفل يتحول فى أقل من شهور وأن يدخل السجن فى مناسبة ثانية بتهمة «شروع فى قتل بالغ» وهو لم يتجاوز عمره 15 عاماً، بالرغم من أنه لم يقض داخل المؤسسة سوى شهر واحد. ■ وهل يتناسب عدد الإخصائيين الاجتماعيين مع عدد النزلاء فى المؤسسة العقابية؟ - بالتأكيد لا، فعدد الأطفال داخل المؤسسة يقترب من ألف طفل، فى حين أن عدد الإخصائيين يبلغ 24 فردا فقط، لأن من المفترض أن لكل طفل إخصائيا، ولكن فى الوقت ذاته هؤلاء الإخصائيون يعانون من أزمات مادية وأيضاً فيما يتعلق بالكادر الوظيفى. ■ هناك شكاوى واردة من دور الرعاية الخاصة بالفتيات بتعرضهن للتحرش من قبل بعض الإخصائيين؟ - هناك تجاوزات عديدة مثارة تحدث فى دور الرعاية الخاصة بالفتيات، سواء فيما يتعلق بقيام بعض المشرفات على العنابر بتسهيل دخول شباب للعنابر فجراً مقابل أموال، أو تهريب مخدرات داخل العنابر، وصولاً للشذوذ الجنسى بين الفتيات، ولكن من الطبيعى أن تكون هناك تجاوزات جنسية حينما يكون العنبر مغلقا من الساعة الثانية عشرة مساء إلى الثامنة صباحاً، فضلا عن أن هناك أزمة أخرى أنه لا يوجد ما يعرف بتقسيم الأطفال وفقاً للعمر. ■ وهل هناك قضايا رسمية بشأن وقائع الاعتداء الجنسى؟ - هناك قضيتان مسجلتان فى نيابة المرج بخصوص الاعتداء الجنسى، ولكن الواقعة التى أستطيع تأكيدها هى وجود ضرب للفتيات سواء من الإخصائيات أو من زميلاتهن بالعنابر، وبالنسبة لقضية الاعتداء الجنسى فى المؤسسة العقابية بالمرج صُنفت ب«هتك عرض» وتم إثباتها، ولكن الأزمة أننا خلال اللقاءات الميدانية مع الأطفال لا يتحدثون عن تلك الانتهاكات نظراً للخوف المسيطر عليهم. ■ وهل تتدخل وزارة الداخلية خلال الزيارات للمؤسسات الحقوقية فى مسألة منع اللقاء مع الأطفال المحبوسين؟ - مباحث المؤسسة العقابية تكون موجودة أثناء الزيارة فقط للأمور التأمينية ولضمان عدم نشوب أى اشتباكات بين الحقوقيين والنزلاء.