جامعة الإسكندرية تبحث مقترحًا لتدريس الذكاء الاصطناعي للدراسات العليا -صور    رئيس جامعة أسيوط يتفقد اختبارات القدرات بكلية علوم الرياضة – صور    الرئيس السيسي: نواصل المسيرة المشرفة لتعزيز مكانة مصر إقليمياً ودولياً    الكنيسة الأرثوذكسية: ثورة 23 يوليو مَكَّنَتْ المصريين من أن يحكموا أنفسهَم بأنفسهِم    قفزة في سعر الذهب اليوم في مصر بمنتصف تعاملات الأربعاء    سيارات "جينيسيس" تنطلق لأول مرة في شمال أفريقيا من بوابة السوق المصري    تباين أداء مؤشرات البورصة في منتصف تعاملات اليوم    الاستعانة بمركز بحثي متخصص لإعداد دراسة فنية لتطوير كورنيش طنطا في الغربية    ارتفاع حصيلة الشهداء الصحفيين بغزة إلى 231    الكرملين: محادثات صعبة مع كييف في إسطنبول اليوم.. ومذكرات التفاهم "متناقضة"    فريق أوباما ينتقد اتهامات ترامب الغريبة بشأن انتخابات 2016    شوبير يكشف تطورات الحالة الصحية ل حسن شحاتة    فوت 24: معلول يوقع على انتقاله للصفاقسي    جلسة مرتقبة ولاعبين.. هل يتعاقد الزمالك مع مدافع زد؟    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    محافظ أسيوط يتفقد موقع حريق محل تجاري بالقيسارية – صور    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    تعليم قنا تنظم ندوة تعريفية عن نظام «البكالوريا الجديدة»    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    ضبط 9 طن دقيق مدعم خلال 24 ساعة في حملة بالقاهرة    التفاصيل الكاملة ليوم الأربعاء 23 يوليو 1952    6 أساتذة يفوزون بجوائز الدولة للرواد والتشجيعية والمرأة من جامعة القاهرة    على شاطئ البحر.. أحدث ظهور للفنانة بشرى والجمهور يعلق    تكتفي بالمراقبة أكثر من الكلام.. 5 أبراج يفضلون الصمت    افتتاح المتحف المصري الكبير قريبًا بعد استكمال الترتيبات العالمية    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    الرعاية الصحية: عمليات دقيقة بمشاركة خبراء دوليين في 3 محافظات تحت مظلة التأمين    بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025.. 8 نصائح لطلاب الدور الثاني للتغلب على التوتر وزيادة التركيز    المصري وحش كاسر، توفيق عكاشة يوجه رسالة تحذير للمتطاولين على المصريين    بالفيديو.. أستاذ تاريخ حديث: طرد الاحتلال البريطاني أعظم إنجاز لثورة يوليو    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    على طريقة عربي.. مصطفى غريب يوجه رسالة طريفة لطلاب الثانوية العامة    في الذكرى ال73 لثورة يوليو 1952.. تفاصيل انتفاضة الضباط الأحرار لاستعادة الاستقلال الوطني وإنهاء حكم الملكية    طريقة عمل المكرونة بالبشاميل، بطريقة المحلات وطعم مميز    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    البث العبرية: واشنطن تهدد حماس بسحب الضمانات بشأن اتفاق غزة    استشهاد 14 فلسطينيًا خلال غارات للاحتلال على قطاع غزة منذ فجر اليوم    بزشكيان: إنهاء البرنامج النووي الإيراني وهم.. ومستعدون لضرب عمق الأراضي المحتلة من جديد    السيسي: مصر أبت أن يعيش مواطنوها في العشوائيات والأماكن الخطرة    توافد المواطنين على ضريح الزعيم جمال عبد الناصر لإحياء ذكرى ثورة 23 يوليو    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    وفاة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    أسعار الفراخ في البورصة اليوم الأربعاء 23 يوليو    أسعار البيض اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تميم البرغوثى يكتب : رسالة
نشر في أخبار النهاردة يوم 22 - 05 - 2012

لم يكن لمصر حاكم منتخب ذو سيادة قط، والسيادة هى التحكم فى السلاح الذى بالبلد لا غير، إن لم تحكم السلاح حكمك السلاح. إن سيطرة الرئيس المنتخب على السلاح هى الضمانة الوحيدة لكيلا يستخدم هذا السلاح ضده، إما بجعله دمية فى يد المسلحين، أو بانقلاب عسكرى عليه، أو بمعاقبة الشعب الذى انتخبه، فتهاجم الكنائس والمساجد ويقتل الناس فى الشوارع وتختلق الأزمات ليبدو الرئيس عاجزا عن حلها وتحترق ورقته فى أعين ناخبيه. ألم يكن هذا ما حصل لرئيس وزراء اختاره الميدان ثم لمجلس شعب اختاره الصندوق حين قرر كل منهما أن يتعقل وأن يلتزم بالقانون بدل الثورة، وأن يحصل لمصر على سلطة حكم ذاتى لا على استقلال حقيقى. أيها الرئيس القادم، السلاح السلاح، والحكيم من اعتبر بغيره.
كذلك فأنا أريد رئيسا يخرج مصر من حلفها الاستراتيجى مع الولايات المتحدة الأمريكية وينهى اتفاقية السلام مع إسرائيل، ويعلم أن إنهاء اتفاقية السلام لا يعنى الحرب، وأن الحرب لو وقعت فستخسرها إسرائيل، ويعلم أن القول بالانتظار حتى تبنى مصر نفسها باطل، فقد بُنى الجيش المصرى فى ست سنوات بين النكسة والعبور وهو يحارب، ثم مرت ثلاثون سنة من السلام، فهل بنت مصر نفسها فيها؟ وهل كانت الولايات المتحدة وإسرائيل ستسمحان لمصر أن تبنى نفسها خلال هذه المدة؟ فهل إذا مددنا فترة السلام سيسمح لنا ببناء قوتنا؟ فإن قررنا أن نبنى قوتنا على الرغم من أمريكا وإسرائيل، ألسنا إذن فى حال مواجهة لا يستقيم معها السلام بيننا؟ إن هذا السلام سلام من طرف واحد، إسرائيل تساعد جنوب السودان على الانفصال وتتعاقد لبناء السدود على النيل وتقتل من العرب من تقتل فتقتل معهم مكانة مصر فى الإقليم وقيمتها الاستراتيجية فى زمن السلام.
إذن أريد رئيسا يرتكب جنونين، جنون الخلاص من الحكم العسكرى والدولة العميقة وآلة الاستبداد، معتمدا على جموع الناس، وجنون انتزاع استقلال مصر من التبعية للولايات المتحدة والارتهان لإسرائيل.
لا يوجد بين المرشحين لرئاسة الجمهورية اليوم من يعد بذلك كله، ولكن بعضهم فقط هو الذى يقدر موضوعيا عليه، إن المرشحين الذين يقدرون على ذلك هم الذين يتنوع أنصارهم فلا يكونون من فئة واحدة، فيؤيدهم إسلاميون وقوميون وليبراليون وشيوعيون ومستقلون. إنك إذا انتخبت رئيسا لا يؤيده إلا الإسلاميون، فسيتكتل ضده كل العلمانيين، فيستعين العسكر بهم عليه، أو يستعين هو بالعسكر عليهم، فيكون العسكر حاكمين فى الحالتين، وإذا انتخبت رئيسا من العلمانيين فإن كل الإسلاميين سيتكتلون ضده، فيستعين العسكر بهم عليه، أو يستعين هو بالعسكر عليهم، فيبقى العسكر حاكمين فى الحالين. أما هذا الذى يُجمع عليه الناس فلن يستطيع العسكر أن يستعينوا عليه بجماعة دون أن تنشق على نفسها لأن له فيها أنصارا. أما هو فلا يعقل أن يستعين بالعسكر على جهة أو جماعة، لأن له أنصارا فى كل جهة وجماعة. هذا إذن حلف العزَّل الذى عملنا له ونادينا به منذ سنة ونصف، هذا حلف الكثرة العزلاء على القلة المسلحة، وكذلك بدأت الثورة وكذلك تكتمل.
●●●
يبقى إذن السؤال، هل يريد هذا المرشح أن يرتكب الجنونين؟ الحق أننى لا أعلم، ولا أضمن، ولا أقدر أن أعد الناس ولا نفسى أنه سيفعل. الظرف الموضوعى يتيح له أن يفعل، ولكن الظرف الموضوعى كان متاحا للإخوان المسلمين منذ الثورة وكان متاحا لمحمد البرادعى أيام أحداث محمد محمود، ولم يستغل الإخوان المسلمون ولا البرادعى ذلك الظرف، ولا تقدموا لإنقاذ البلاد والعباد، بل ترددوا فخسروا. لذلك أتمنى بحرقة ألا يقع الرئيس المنتخب فى أخطاء من سبقوه، ولا يكون عصام شرف آخر، ولا كتاتنيا آخر، ولا برادعيا آخر، يا رعاك الله فلتجن، فالجنون اليوم عين العقل، والعقل اليوم عين الجنون. ولا أملك إلا أن أكتب له ما يلى:
إعلم أعزك الله، أنك أصبحت مرشحا بدماء الناس وعيونهم، فأعطهم ما تساويه دماؤهم وعيونهم، ولا تبخسهم حقهم. كن نفسك، فقد عرفك الناس شجاعا، واعلم أن شعبك أكثر منك شجاعة وتهورا، فلا تطع فيهم من يقلل قدرهم بحجة الخوف عليهم، لا تطع من ينصحك بالرهبة والتعقل، واسأل نفسك حين تأتيك نصائح المخابرات وأجهزة الأمن والعاملين فى القصور، هل كنت ستنال فرصة للحكم لو أن الناس الذين نزلوا إلى الشوارع منذ عام تعقلوا؟ قد آليت على نفسى أن أمدح الفدائيين لا الحكام، فكن فدائيا تَسلم، فكثيرا ما كانت السلامة فى الإقدام والهلاك فى الإحجام.
لا تتنكر لنفسك، واعلم أن هويتك رصيد لك، لا عبء عليك، لك أنصار من كل مشرب، ولكن أنت ابن هذه الثقافة ووريثها، أنت وريث النقوش فى المساجد والبحة فى أصوات المؤذنين، أنت وريث هذه الأزقة المزدحمة بالناس والبخور والأدعية، أنت وريث الأزهر تتظاهر عمائمه ضد خوذ الجنود، أنت وريث المتصوفة والحرافيش يلقون الغزاة بعريهم وبالحجارة إذا انهزم المماليك، أنت وريث الدم فى مصر والشام والعراق. واعلم أنك حين تملك هذه الرقعة من بلاد المسلمين، ترتفع إليك عيونهم فى مشارق الأرض ومغاربها، واعلم أن أمة المسلمين لا تقتصر عليهم، كل من وضع يده فى يدهم ودمه مع دمائهم وحارب عدوهم فهو فى الصميم منهم، له دينه ولهم دينهم، بهذا قضت صحيفة المدينة وكل شريعة وقانون وعرف، فأمتك فيها المسلم المصرى والمسيحى المصرى والفلسطينى والعراقى والعربى والكردى والتركى والفارسى، وفيها كل مظلوم من تخوم الصين حتى المغرب الأقصى، لا تظنهم عبئا عليك، بل هم سند لك وقوة بين يديك، وهم أنس قلبك ونور عينيك.
لا تتنكر لنفسك، ولا تتردد فيما تعرفه من الحق، فما اخترناك لتردد، وما تعرفه من الحق هو أن من غزا بلاد المسلمين وقتل أولادهم عدو المسلمين جميعا لا عدو من غزا منهم فحسب، وأن حربه واجبة وسلامه حرام، وإن نصحوك بالتأجيل، فاذكر أن من سالمه من جيل لجيل لم يزد إلا ضعفا، وأن من حاربه من عربى وعجمى ازداد قوة واسترد أرضا وكرامة. وأعلم أنك ستشهد حربا لا محالة، إذ أننا منذ ستين سنة لم تنقض فى منطقتنا ثمانى سنوات بلا حرب، وهى حرب إن حايدت فيها خسرت، وإذا انحزت للحق فيها نصرت والله مولاك ولا مولى لعدوك.
وختاما، تخيَّر ناصحيك، فلا تستشر من يحتاجك، ومن لا عمل له إلا أن يكون مستشارك وصاحب خبرك، ومن يراهن عليك ليكسب من ورائك، ولا تعنيه فائدتك إلا بقدر ما يستفيد منك، لا تستشر من يريدك للمكانة، ويجعلك رهانه، يكون معك فى المكسب وعليك فى الخسران. إن أنصح الناس لك أغناهم عنك، وأرفقهم بك أشدهم عليك، وأكثرهم حبا لك أزهدهم فيك، من لا يحتمى بك وهو يحميك، ويجديك ولا يستجديك، ولا يطمع فيك ولا يخافك، ولا يدعوك لإنكار ذاتك ليبرز ذاته أو ذاتها، واعلم أن الجيش والمخابرات بل الدولة كلها أداتك فلا تكن أنت أداتها. وإياك أن يستخدمك من تستخدمه، ويعلم ما لا تعلمه، وتخونك يده إذا وفى لك فمه. ولا تصدق من يزعم أنه يؤيدك بلا شرط، فإن شرطه منفعته وإن سكت عنها، وصدق من يؤيدك بشروط يبديها، فهو أصدق له وأوفق لك، وقد علمتَ أن النبى لم يبايعه الناس إلا بشروط، وإن كانت اجتمعت لك الأحزاب بشروط كثيرة تخصهم فاعلم أن الأمة كلها تختارك بشرط واحد يعمها، سبق تفصيله وهذا إجماله: صدق قوتك لا ضعفك، ولا تصالح، وخذ حق الدم، ثم السلام عليك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.