ربما تتيح إعادة انتخاب باراك أوباما لفترة رئاسية ثانية فرصة جديدة للتفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي في الوقت الذي يتعرض فيه نظامها الحاكم لضغوط اقتصادية بفعل العقوبات. وبعد أن قاوم حتى الآن أولئك الذين يدفعون الأمور تجاه الحرب مع إيران سواء في الولاياتالمتحدة أو في إسرائيل وبعد أن تحرر من ضغوط الانتخابات يبدو أوباما أكثر حرية للسعي نحو تسوية دبلوماسية في الوقت الذي يواصل فيه التهديد بمزيد من العقوبات الأشد صرامة إذا لم تلتزم طهران. وقال جاري سيك الخبير بالشؤون الإيرانية والمسؤول الأمني الأمريكي الأسبق "مهد أوباما الساحة بعناية وهو يملك خيار محاولة التوصل إلى اتفاق على نحو ما بشأن المسألة النووية وهذا يعني الكثير بالنسبة له." وقال البيت الأبيض الشهر الماضي أن المحادثات الثنائية مع إيران -التي انقطعت علاقاتها الدبلوماسية مع واشنطن منذ ثلاثة عقود- هو خيار قيد الدراسة. وتتهم القوى الغربية وإسرائيل إيران بالإعداد سرا لصنع قنبلة نووية بينما تعكف على برنامج نووي تؤكد طهران انه مصمم بشكل كامل لأغراض سلمية. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في مقابلة تلفزيونية الأربعاء 7 نوفمبر أن إسرائيل لن تعارض محادثات بين الولاياتالمتحدةوإيران في إطار محددات صارمة. وأبلغ باراك القناة العاشرة بالتلفزيون الإسرائيلي "إذا قررت الولاياتالمتحدة التحدث مع إيران خلال فترة محدودة وقصيرة نسبيا فقط من أجل التأكد مما إذا كان من الممكن حملها على وقف برنامجها النووي فأننا لن نرى غضاضة في ذلك." "لكن إذا كانت هناك محاولة (من إيران) لإطالة أمد المحادثات لتستمر لأشهر كثيرة أو عام عندئذ فأنها قد تكون مضرة وقد تؤدي إلى شكل من التوتر." وكان رد فعل طهران الإنتقادي على إعادة انتخاب أوباما متوقعا وحذرت واشنطن من الاعتقاد بأن بوسعها إقامة علاقة مع إيران سريعا. وقال صادق لاريجاني رئيس السلطة القضائية "بعد كل هذه الضغوط والجرائم ضد الشعب الإيراني لا يمكن للعلاقات مع أمريكا أن تعود بين ليلة وضحاها ولا يمكن للأمريكيين الاعتقاد بأن بوسعهم اتخاذ بلادنا رهينة من خلال الحضور إلى طاولة المحادثات." لكن هناك مؤشرات إلى أن القيادة الإيرانية تعتبر استمرار أوباما أفضل من فوز منافسه الجمهوري ميت رومني في ظل الاعتقاد بأن رومني سيكون أكثر تعاونا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فيما يتعلق بضربة عسكرية محتملة لإيران. وقال سكوت لوكاس من موقع (اي.ايه) وورلد فيو الإخباري على الانترنت "قادة إيران يعرفون أن أوباما منع إسرائيل من شن هجوم عسكري عليها. إنهم لا يعرفون ما كان سيفعله رومني وكانوا خائفين إلى حد ما." وفي خطاب في طهران الأسبوع الماضي اثني السفير الإيراني السابق في باريس والأمم المتحدة صادق خرازي على أوباما لجهوده في "خفض التوتر بين الإسلام والغرب" ومحاولة "التقارب مع إيران". وبدأ أوباما رئاسته في 2009 بمحاولات دبلوماسية تجاه طهران لكن جولات متتالية من العقوبات التي فرضتها واشنطن والاتحاد الأوروبي عليها خفضت الصادرات الإيرانية من النفط بحده. وقال كريم ساجدبور الباحث في معهد كارنيجي لدراسات السلام الدولي في واشنطن "أوباما كان رئيس صارما بالنسبة للمتشددين الإيرانيين لأنه كشف إنهم هم المشكلة. وعززت محاولاته للتواصل مع إيران الانقسامات الداخلية فيها وخلقت وحدة دولية اكبر." ولدى إدارته الآن فرصة لمواصلة المحادثات مع إيران على الرغم من أن الحملة الانتخابية الرئاسية في إيران العام القادم قد توقف هذا المسعى خلال بضعة اشهر. وقال داني ايالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلي للتلفزيون الإسرائيلي "بالتأكيد سيكون أوباما أكثر فاعلية على المدى القصير لأن لديه سياسة جاهزة بالفعل. من الممكن أن تكون هناك محادثات مباشرة مع إيران." ومن المتوقع أن تستأنف المحادثات بين إيران ومجموعة الدول الست -وهي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ومعها ألمانيا- في نوفمبر أو ديسمبر بعد أن توقفت المحادثات في يونيو حزيران وهناك مؤشرات إلى أن الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي ربما يكون لديه الاستعداد للمضي قدما. وركزت المفاوضات على الشروط التي قد تقبل إيران بمقتضاها وقف تخصيب اليورانيوم. وقال دبلوماسي غربي في طهران "فرص استئناف المفاوضات أفضل كثيرا مع أوباما ومن المتوقع أن يمضي نحو ذلك. الوقت يمر وعلينا أن نحل هذه المسألة، إذا كان الإيرانيون يبحثون عن سبيل للتراجع فهذه فرصة جيدة." لكن الثقة منعدمة بين الجانبين. فواشنطن وحلفاؤها يتهمون المفاوضين الإيرانيين بمحاولة كسب الوقت لتنفيذ برنامجهم النووي وتعزيز موقفهم. وتتهم إيران الغرب بازدواجية المعايير بالتفاوض مع فرض عقوبات عليها في نفس الوقت. وقال محمد مرندي من جامعة طهران "في الماضي قطعت إيران خطوات نحو التقارب ورد الأمريكيون بزيادة العقوبات. هناك غضب ظاهر تجاه محاولات هدم الاقتصاد وقطع واردات السلع الغذائية والأدوية الأمر الذي يضر بالمواطنين العاديين."