■ كتبت: سمر صلاح الدين في قلب المشهد السياسي الإسرائيلي الملىء بالتعقيدات والاستقطابات لم تعد انتخابات الكنيست مجرد صراع بين يمين ويسار، بل تحوّلت إلى معركة وجودية تُرسَم فيها ملامح الهوية والمستقبل. فبينما تترقّب الأوساط السياسية نتائج المخاض العسير لتشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة، سواء جرت الانتخابات في موعدها المقرر في 27 أكتوبر 2026، أو تم تبكيرها مع تزايد احتمالات حلّ الكنيست قبل الموعد في ظل تصاعد الضغوط الأمنية والسياسية الداخلية، ويبدو أن مفاتيح «القلعة» باتت في يد الأحزاب العربية، ولكن أي أحزاب؟ تلك التى مزّقتها الخلافات الأيديولوجية، أم التي اختارت الواقعية السياسية مسارًا وحيدًا؟ ◄ السياسة ليست «صراخًا في الكنيست» بل قدرة على فرض المعادلة ◄ خطة نتنياهو.. منع وحدة العرب «بأي ثمن» لضمان بقاء اليمين ◄ هكذا يستخدم نتنياهو ورقة الإخوان ل«شل المعارضة» ◄ نعيش حالة طوارئ تستوجب سياسة القوة لا الصفقات التكتيكية ◄ عن «عناق الدب».. لماذا يخشى منصور عباس العودة إلى القائمة المشتركة؟ ◄ العنصرية في إسرائيل تحوّلت من «الخفاء» إلى «التشريع» من أزقة الجليل والمثلث والنقب، وبينما يخرج الصوت العربي مثقلًا بهموم الأرض والمسكن والجريمة وتصاعد اليمين المتطرف، تطل السياسة برأسها لتكشف عن فجوة تتّسع بين نخب حزبية غارقة فى صراعات التموضع، ليقف المواطن العربى الفلسطينى في الداخل أمام مفترق طرق تاريخى. فبين وحدة كانت تمنحه «ثِقَل الكتلة»، وتشرذم يفتحه على «لعبة الأرقام»، يبرز إصرار القائمة الموحدة بقيادة منصور عباس على خوض الانتخابات منفردة كحالة جدلية نضعها تحت مجهر النقد والتحليل، فهل هو اختراق براجماتى لجدار التهميش، أم مغامرة تكتيكية قد تطيح بالعمق الاستراتيجي للصوت العربي؟ وهل يمكن أن يتحوّل هذا الانقسام الداخلي من خلاف حزبى إلى ورقة رابحة فى يد معسكرات الحكم الإسرائيلية؟ أسئلة كثيرة وضعناها على طاولة النقاش مع المحامي والصحفي هاني طنوس من عرب الداخل، الذى يُعدّ من أبرز المحللين السياسيين للشأن السياسي الإسرائيلي الداخلي، وكان هذا الحوار.. ◄ تشهد الساحة السياسية العربية حالة من التوتر وعدم اليقين، كيف تصفون المشهد الحالي في ظل التباين بين رغبة الشارع الفلسطيني وتوجهات القيادات العربية؟ الساحة السياسية فى المجتمع العربى فى إسرائيل تشهد حالة من الغليان غير المسبوق، تعكس أزمة عميقة فى الرؤية والمسار. فبينما يصدح «الشارع العربى» بصوت واضح وموحّد، مدفوعًا بغريزة البقاء، مطالبًا برصّ الصفوف وإعادة تأسيس «القائمة المشتركة» كدرع واقٍ وجدار صدّ أخير، تعيش القيادة السياسية العربية فى عالم موازٍ من الانقسامات الحادة حول استراتيجية العمل المثلى. وفى قلب هذا الخلاف الجوهرى يقف رئيس القائمة الموحدة «راعم»، النائب د. منصور عباس، الذى يطرح عقيدة سياسية براجماتية تختلف جوهريًا عن عقيدة شركائه السابقين، مما يضع المجتمع العربى أمام مفترق طرق تاريخى. ◄ النائب منصور عباس يرفض فكرة إعادة توحيد الأحزاب تحت مظلة واحدة، ما المبررات التي يسوقها لهذا الرفض، أو ما تسمونه «عقيدة الهروب من العقم السياسي»؟ يستند رفض منصور عباس لفكرة إعادة توحيد الأحزاب العربية إلى قراءة نقدية لتجربة الماضى، وتحديدًا ما يسميه فشل نموذج «ال15 مقعدًا»، حيث يسوق عباس حجة تاريخية عملية مفادها أن القائمة المشتركة، حتى عندما بلغت ذروة قوتها الانتخابية وحصلت على 15 مقعدًا فى الكنيست، ظلت قوة معزولة فى المعارضة، عاجزة عن ترجمة هذا الثقل العددى إلى إنجازات سياسية ملموسة أو تغيير فى السياسات الحكومية، ولم تنجح حتى فى إزاحة بنيامين نتنياهو عن الحكم. ووفقًا لمنهج عباس، فإن تكرار التجربة نفسها سيؤدى حتمًا إلى النتيجة ذاتها: تشكيل كتلة برلمانية كبيرة ولكنها «عقيمة»، تفتقر إلى أدوات الضغط الحقيقية ولا تملك القدرة على التأثير فى مركز اتخاذ القرار. ويرى عباس أن السياسة ليست لعبة «من يصرخ بصوت أعلى» فى قاعة الكنيست، بل من يجلس إلى طاولة الحكومة ويشارك فى توزيع الموارد وصياغة القرارات. ◄ اقرأ أيضًا | الخارجية السعودية: نرفض الاعتراف المتبادل بين إسرائيل وإقليم أرض الصومال ◄ هل هناك أبعاد أخرى لهذا الانفصال تتعلق بصورة القائمة المشتركة ومكوناتها أمام الرأي العام الإسرائيلي؟ يسعى عباس للهروب مما يمكن تسميته «عناق الدب» للقائمة المشتركة. فهو يدرك جيدًا الوصمة الإشكالية، وغير المبررة أحيانًا، التى أُلصقت بالمشتركة فى الإعلام الإسرائيلى ولدى الرأى العام اليهودي، حيث يُنظر إليها، خاصة بوجود مكونات مثل التجمع الوطنى الديمقراطي، كجسم «راديكالى» لا يمكن أن يشكّل شريكًا ائتلافيًا شرعيًا لأى حكومة صهيونية. ويفهم عباس أن إعادة التحالف مع الجبهة والعربية للتغيير ستصبغه مجددًا بتلك الألوان، وستفرض عليه «السقف الزجاجى» ذاته الذى يمنعه من الدخول فى الائتلافات. لذلك يسعى إلى تمايز «الموحدة» كحزب «مدنى» و«براجماتى» مستعد للانشغال بقضايا المواطن العربى اليومية والخدماتية بمعزل عن القضايا القومية الكبرى، ليبقى بذلك «مقبولًا» بنظر الكتل السياسية الساعية لتشكيل الحكومة. ◄ يكثر الحديث عن استراتيجية «بيضة القبان»، ما المنطق السياسي الذي يعتمده عباس في إصراره على خوض الانتخابات منفردًا؟ إصرار عباس على خوض الانتخابات منفردًا ينبع من طموح استراتيجى بأن يبقى «اللاعب الحر» الوحيد فى الملعب السياسى، وهو منطق «رياضى سياسى» بحت. فالمرونة والمناورة، كجزء من قائمة مشتركة، ستجعله مقيّدًا بانضباط كتلوِى صارم وخطوط حمراء أيديولوجية تمنعه من عقد صفقات سياسية. أما منفردًا، فيمكنه المناورة بين المعسكرات، حيث يزعم عباس أن الطريقة الوحيدة لإسقاط حكومة اليمين هى خلق بديل عددى، فإن انضمّ لكتلة التغيير «الوسط اليسار» بعد الانتخابات، يمكنه أن يكون «صانع الملوك» الذى يتوّج رئيس الحكومة القادم. وهذه ورقة مساومة لن يمتلكها أبدًا إذا كان جزءًا من قائمة مشتركة يتم استبعادها تلقائيًا من قبل أحزاب «اليمين الناعم» فى المعارضة، مثل ليبرمان أو بينيت أو ساعر. ◄ رغم هذه المبررات، لماذا يرى قطاع واسع من النخب العربية أن تبريرات عباس «خطيئة وجودية» وليست مجرد اجتهاد سياسي؟ رغم وجاهة الحجج البراجماتية ظاهريًا، فإن تحليل الواقع يشير إلى أن موقف عباس يعكس قراءة خاطئة وخطيرة للمشهد، ويشكّل تضليلًا للجمهور. أولًا، الرياضيات الانتخابية لا ترحم. التاريخ الانتخابى فى إسرائيل أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن الوحدة هى الرافعة الأقوى لرفع نسب التصويت، بينما الانقسام يولّد الإحباط واليأس ويؤدى إلى عزوف الناخبين. تفتيت الصوت العربى يعنى بالضرورة ضياع عشرات الآلاف من الأصوات، إما عبر عدم تجاوز نسبة الحسم المقدرة ب3.25%، أو انخفاض المشاركة، ما يمنح هدية مجانية لكتلة اليمين ويعزّز قدرة اليمين المتطرف فى الكنيست. فقط كتلة عربية كبيرة موحّدة وغير قابلة للكسر يمكنها تغيير «قواعد اللعبة» ومنع قيام حكومات يمين ضيقة وخطيرة. ◄ هل الواقع الحالي للمجتمع العربي يسمح بمناورات تكتيكية وصفقات سياسية أم أنه يتطلب نهجًا مختلفًا؟ لا يعيش المجتمع العربى أيامًا سياسية عادية تسمح بالمناورات التكتيكية. نحن فى حالة طوارئ تستوجب أدوات مختلفة. نقف أمام خطر وجودى واضح وفورى، يبدأ من استفحال الجريمة المنظمة، مرورًا بالتشريعات العنصرية، وصولًا إلى الملاحقة السياسية. فى ظل «حريق» يلتهم البيت، لا يتم التفاوض على ترميمات أو ميزانيات، بل يجب الاتحاد لإخماد النار. نهج «الصفقات» والسياسة القديمة منفصل عن عمق الخطر الحالى، الذى يتطلب «جدارًا واقيًا» وسياسة قوة وصمود. ◄ بالانتقال إلى الجانب الآخر، كيف تقرأ التناقض فى استراتيجية نتنياهو الذى يلوّح بمشاريع قوانين لحظر أحزاب عربية أو إخراجها عن القانون، وفى الوقت ذاته يراهن على تفتيت الصوت العربى لضمان عدم وصول خصومه إلى 61 مقعدًا؟ هل يخشى نتنياهو وجود العرب فى الكنيست أم يخشى شرعيتهم ك«صانعى ملوك»؟ فى الجانب الآخر من المعادلة يقف بنيامين نتنياهو، اللاعب الأكثر دهاءً فى قراءة الأرقام. يدرك نتنياهو أن التهديد الاستراتيجى الأكبر، والوحيد تقريبًا، على استمرار حكمه هو «صحوة الصوت العربى». يشكّل العرب نحو 17% إلى 20% من أصحاب حق الاقتراع، وفى سيناريو ترتفع فيه نسب التصويت لتوازى المجتمع اليهودى، فإن هذه القوة تعادل 18 إلى 20 مقعدًا. كتلة بهذا الحجم، إذا كانت موحّدة، تمنع حسابيًا أى إمكانية لتشكيل حكومة يمين، وتفرض تغييرًا فوريًا فى النظام. لذلك، الهدف الاستراتيجى الأعلى لنتنياهو هو منع الوحدة بأى ثمن. ◄ ما التكتيكات التى يمارسها نتنياهو لتحقيق هدفه بمنع الوحدة وشلّ المعارضة؟ نتنياهو يمارس تكتيكًا مزدوجًا وماكرًا. يستخدم ورقة «الإخوان المسلمين» كسلاح يوم القيامة. يعلم أن عباس يطمح للتحالف مع المعارضة الصهيونية لإسقاطه، ولمنع ذلك يقوم نتنياهو وآلته الإعلامية ب«وصم» عباس والموحدة بتهمة دعم الإرهاب والارتباط بحركة الإخوان المسلمين العالمية. الهدف هو كى الوعى الإسرائيلى وترسيخ معادلة: «الموحدة = خطر أمنى»، وهو ما أسميه «فخ نزع الشرعية». كذلك يعمل على شلّ المعارضة الصهيونية، وتنجح هذه الاستراتيجية فى خلق شلل داخل معسكر خصوم نتنياهو. فبينما يدرك «المعسكر البراجماتى» (لبيد/العمل) حاجته للأصوات العربية، يقف «المعسكر اليمينى» فى المعارضة (ليبرمان/ساعر/بينيت) عاجزًا ومرتعبًا من التعاون مع عباس خوفًا من خسارة قاعدته اليمينية المتأثرة بدعاية نتنياهو. ◄ هناك مفارقة سياسية يصفها البعض ب«فخ العسل»، هل يسعى نتنياهو فعليًا لدفع عباس للعودة إلى القائمة المشتركة؟ ولماذا برأيك؟ هنا نصل إلى ذروة الدهاء السياسى. قد يبدو الأمر متناقضًا، لكن نتنياهو، الذى يحارب الوحدة، يمارس ضغوطًا تدفع عباس فعليًا للعودة إلى القائمة المشتركة، ولكن بشروطه هو. لماذا؟ لأن نتنياهو يدرك أنه مادام بقى عباس منفردًا، فإنه يظل يملك نظريًا إمكانية المناورة والتحالف مع لبيد وبينيت. لكن إذا نجح نتنياهو، عبر حملة الشيطنة ونزع الشرعية، فى جعل عباس «سامًا» ومنبوذًا إلى درجة لا يجرؤ معها أى حزب صهيونى على الاقتراب منه، فلن يتبقى لعباس خيار سوى العودة إلى القائمة المشتركة من أجل البقاء السياسى. وفى اللحظة التى يعود فيها عباس إلى المشتركة، يحقق نتنياهو هدفه المزدوج: تحييد «بيضة القبان» داخل المشتركة، وصبغ عباس بألوان الأحزاب القومية (التجمع والجبهة)، ليصبح تلقائيًا خارج اللعبة الائتلافية بالنسبة لليبرمان وساعر. فى رأيى، يفضّل نتنياهو مواجهة قائمة مشتركة كبيرة (15 مقعدًا) تجلس فى المعارضة وتصرخ دون تأثير، على مواجهة حزب عربى صغير (4 مقاعد) يجلس داخل الحكومة ويمسك بمفاتيح البقاء. القائمة المشتركة بالنسبة لنتنياهو هى «عدو مريح» يسهل التحريض ضده لتجنيد اليمين، ومن المستحيل أن يكون جزءًا من الحكومة. ◄ برأيك، هل نجحت «هندسة نتنياهو» فى تحويل التمثيل العربى من «كتلة مانعة» إلى شظايا سياسية تتصارع بين فكى «المطالب المعيشية» و«الثوابت القومية»؟ لقد نجح نتنياهو فى خلق معادلة «لا رابح فيها» للمجتمع العربى: إما أن يركض عباس منفردًا ويُسحق تحت حملة نزع الشرعية وفقدان الأصوات، أو يعود إلى المشتركة ويفقد القدرة على أن يكون جزءًا من الحكم والتأثير. المخرج الوحيد من هذا الفخ الاستراتيجى هو تبنّى الرؤية الوحدوية الشاملة. الحقائق تثبت أن وحدة عربية كاملة، تشكّل كتلة ضخمة تقترب من 15 إلى 20 مقعدًا، هى وحدها القادرة على الالتفاف على هذه الفخاخ. قائمة بهذا الحجم ستكون أكبر من أن يتم تجاهلها أو عزلها، وستجبر النظام السياسى الإسرائيلى برمّته على التعامل مع القوة العربية كحقيقة ناجزة وثابتة، لا كشريك تكتيكى يمكن استبعاده أو استخدامه ثم رميه حسب الحاجة. الوحدة هنا ليست شعارًا عاطفيًا، بل ضرورة بقاء واستراتيجية النصر الوحيدة المتاحة. ◄ كونك محاميًا، عندما يتحول التشريع من وسيلة لتنظيم العدالة إلى أداة تمس الحقوق التاريخية والمواطنة الأساسية للفلسطينيين، كيف يمكن منع القانون من أن يتحول إلى فخ يسلب الحقوق بصبغة شرعية؟ وهل معركتكم اليوم قانونية أم «اشتباك حقوقي»؟ يواجه المجتمع العربى فى إسرائيل منذ سنوات تمييزًا مؤسسيًا ممنهجًا، لكن منذ اندلاع الحرب نشهد تحولًا خطيرًا من التمييز الخفى إلى العنصرية المعلنة، التى باتت تترسخ فى تشريعات رئيسية ويتم الدفع بها علنًا على طاولة الكنيست. الإعلام الإسرائيلى، منذ السابع من أكتوبر، خلق مناخًا واضحًا من التحريض ونزع الشرعية عن المواطنين العرب، مما أتاح لأعضاء كنيست من الائتلاف والحكومة فرصة سياسية سانحة للترويج لقوانين عنصرية كأداة لجنى الأصوات. تحوّل أى مقترح قانون يمس الحقوق الأساسية للمجتمع العربى إلى بطاقة دخول لاستوديوهات التليفزيون، حيث يسوّق هؤلاء المنتخبون أنفسهم كوطنيين ومحبين للدولة، بينما يستخدمون الكراهية منصة للترقى الشخصى. لكن المفارقة المأساوية أن هؤلاء أنفسهم يوجّهون «للدولة» ضربة قاصمة، فالتشريعات العنصرية لا تتوقف عند حدود إسرائيل، بل يتردد صداها عالميًا، إذ يؤدى الدفع بقوانين تميّز ضد فئات سكانية على خلفية قومية إلى تراجع تصنيف إسرائيل فى المؤشرات الدولية للديمقراطية وسيادة القانون، ويمس بتصنيفها الائتمانى ومكانتها الاقتصادية والدبلوماسية. المجتمع القانونى والتجارى الدولى ينظر بقلق بالغ إلى هذه الإجراءات التى تقوّض الأسس الديمقراطية التى تدّعى إسرائيل الاستناد إليها. إزاء هذه الموجة العاتية من التشريعات الشعبوية، المحرّكة بمصالح سياسية ضيقة والمدعومة بإسناد إعلامى معادٍ، لا بد من وقفة قانونية صلبة ودفاع لا هوادة فيه عن حقوق الأقلية، ليس فقط من أجل المجتمع العربى، بل من أجل مستقبل الحيّز العام بأكمله. ◄ هل لا تزال إسرائيل تملك ترف المراهنة على «العدو المشترك» لضمان بقائها موحّدة، أم أن الصدع الداخلى وصل إلى نقطة اللاعودة؟ خلال السنوات الثلاث الأخيرة يشهد الواقع السياسى فى إسرائيل اضطرابًا مستمرًا وعدم استقرار مزمن. ولا شك أن حركة الاحتجاج المناهضة للحكومة، وخروج مئات الآلاف إلى الشوارع لفترات طويلة بعزيمة وإصرار، يشيران إلى قوة الجمهور المعارض. ورغم زخم الاحتجاجات، لا تزال الخريطة السياسية منشقة إلى معسكرين واضحين. ومع ذلك، تشير استطلاعات الرأى إلى اتجاه جلى: لا توجد أغلبية فى الجمهور الإسرائيلى تدعم أداء الحكومة الحالية. هذه المعطيات تعزّز التقديرات بأن الاحتجاج سينجح، فى نهاية المطاف، فى قيادة التغيير المنشود، ولو جزئيًا، وإعادة رسم موازين القوى فى الدولة.