دائماً ما كان يدور بذهنى سؤال: ماذا كان يحدث فى غرفة العمليات أثناء حرب أكتوبر 73 ؟ ووجدت الإجابة التى يبحث عنها الملايين من المصريين فى لقاء أجريته والمرحوم ياسر رزق مع اللواء أركان حرب حسن الجريدلى سكرتيرعام وزارة الحربية . بدأ اللواء حسن حواره معنا بقوله: كنت قد فرغت واللواء أحمد إسماعيل وزير الحربية من صلاة» الجمعة» يوم الخامس من أكتوبر وخرجنا بعربة جيب فى اتجاهنا إلى مركز العمليات وأثناء مرورنا بشارع الخليفة المأمون وكان الشارع ساكناً فى تلك الساعة وأعداد قليلة من السيارات تقطعه وبعض المارة يسيرون فى هدوء فأشار اللواء أحمد إسماعيل تجاههم وسألنى : ترى ماذا سيقول عنا هؤلاء الناس إذا قلنا لهم إن الحرب غداً؟ فرد عليه: طبعاً لن يصدقنا أحد.. وعند وصولهما إلى مركز العمليات كان يجرى تنفيذ المشروع الاستراتيجى السنوى الذى تشارك فيه قيادات قواتنا المسلحة الذين باتوا ليلتهم به. فى الواحدة والنصف من يوم السادس من أكتوبر1973 وصل الرئيس أنور السادات القائد الأعلى للقوات المسلحة مرتدياً زيه العسكرى ووزير الحربية إلى مركز العمليات.. وأخذ السادات مكانه وسط المنضدة الرئيسية بعد أن حيا الحاضرين وطلب كوباً من الشاى الأخضر وكيساً من التوباكو وبدأ يدخن البايب فى هدوء ويرتشف كوب الشاى .. وحاول إزالة الحرج عن الموجودين فقال : «انتم مبتشربوش حاجة ليه يا أولاد؟ الإفطار مباح فى رمضان.. وإحنا داخلين على أوقات صعبة» وتحدث بكلمات بسيطة هادئة ليزيل التوترالذى كان يسود بين ضباط مركز العمليات الرئيسى. أخذت عقارب الساعة تقترب من الثانية وأنظار الكل معلقة بعقارب الساعة ويسود سكون شامل.. وعندما دقت الساعة الثانية اتجهت العين الى لوحة القوات الجوية والتى تسجل انطلاق أسراب المقاتلات والقاذفات من قواعدها فى طريقها نحو الشرق إلى سيناء وقناة السويس .. وبعد 5 دقائق كانت كل النقاط على خط واحد تعبر القناة لتبدأ أعظم ملحمة جوية عرفها المجتمع العسكرى والذى تضمن 220 طائرة تنطلق نحو أهدافها المُحددة لتقصفها وتدمرها وتنفذ الضربة الجوية الأولى .. ومع عودة الطائرات إلى الغرب سالمة واقترابها من قواعدها جاء صوت اللواء طيار حسنى مبارك قائد القوات الجوية تليفونياً ويقول للواء حسن الجريدلى: نجحنا والحمد لله وخسائرنا طفيفة جداً .. وانتقل تمام نجاح الضربة الأولى إلى وزير الحربية ثم إلى السادات الذى قال: «مبروك يا أولاد ربنا هينصرنا إن شاء الله».. وللحديث بقية.