في واقعة هزت أروقة قصر الإليزيه، مقر الرئاسة الفرنسية، فجرت محاولة بيع أدوات مائدة رسمية على مواقع مزادات إلكترونية واحدة من أكثر قضايا السرقة حساسية داخل مؤسسات الدولة الفرنسية. لم تتوقف القضية، التي كشفت عنها صحيفة «الجارديان» البريطانية، عند حدود فقدان مقتنيات ثمينة، حيث فتحت الباب أمام تساؤلات خطيرة حول أمن التراث الوطني، بعد اتهام موظف رسمي داخل قصر الإليزيه باستغلال منصبه لسرقة مقتنيات تاريخية ومحاولة تهريبها إلى السوق الرقمية، وسط تصاعد لافت في جرائم استهداف المؤسسات الثقافية الفرنسية. اقرأ أيضًا| فيديو| بزي «بابا نويل».. عملية سرقة غير مألوفة في كندا تفضح أزمة غلاء الأسعار اتهام موظف رسمي داخل الإليزيه كشفت التحقيقات الفرنسية عن توجيه اتهامات إلى موظف يعمل ك«أمين للأواني الفضية» في قصر الإليزيه، بسرقة أدوات مائدة فضية وخزفية تُقدَّر قيمتها بنحو 40 ألف يورو. وأفادت السلطات الفرنسية بأن الموظف يُعد واحدًا من ثلاثة أشخاص ألقت الشرطة القبض عليهم، للاشتباه في تورطهم في سرقات من داخل مقر الإقامة الرئاسية في باريس. القبض على المتهمين ومحاولة البيع عبر الإنترنت وأفادت الشرطة الفرنسية بأنها ألقت القبض، الأسبوع الماضي، على الموظف وشريكين مشتبه بهما، بعد رصد محاولات لبيع مقتنيات تعود للقصر الرئاسي عبر مواقع مزادات إلكترونية، من بينها منصة Vinted، ووفقًا للتحقيقات، فإن المتهمين حاولوا تمرير القطع المسروقة على أنها مقتنيات خاصة، في محاولة للتحايل على مصدرها الرسمي. وأبلغ كبير أمناء قصر الإليزيه السلطات الفرنسية باختفاء عدد من القطع، بعضها يُصنّف ضمن التراث الوطني الفرنسي، وقدّرت الجهات المختصة القيمة الإجمالية للمفقودات بما يصل إلى 40 ألف يورو (نحو 35 ألف جنيه إسترليني)، ما استدعى فتح تحقيق موسّع داخل القصر. خيوط القضية تقود إلى مصنع «سيفر» وأوضحت التحقيقات أن معظم القطع المسروقة تعود إلى مصنع «سيفر» الشهير في باريس، وهو مصنع خزف تاريخي تملكه الدولة الفرنسية منذ عام 1759، وبدأ الاشتباه في السرقة بعد أن تعرّف موظفون في المصنع على بعض القطع المعروضة للبيع على مواقع المزادات، ما دفع السلطات إلى استجواب عدد من العاملين في قصر الإليزيه. وتأتي هذه الواقعة في وقت حساس، إذ أعادت إلى الواجهة المخاوف بشأن ضعف الإجراءات الأمنية في المؤسسات الثقافية الفرنسية، بعد سلسلة من عمليات السرقة التي استهدفت متحف اللوفر ومتاحف كبرى أخرى خلال الأشهر الأخيرة، وأثارت قلقًا واسعًا بشأن حماية التراث الوطني. دور أمين الأواني.. و«منصب استُغل» وتشمل مهام أمين الأواني الفضية حفظ أدوات المائدة الرسمية المستخدمة خلال الزيارات الرئاسية والملكية، والعناية بها وتسجيلها بدقة، إلا أن المدعين أشاروا إلى أن سجلات الجرد التي أعدها الموظف الموقوف كشفت عن مؤشرات على تخطيطه لعمليات سرقة مستقبلية، وليس مجرد تجاوز فردي. وبحسب المحققين، عُثر في حساب المتهم على منصة Vinted على معروضات غير متاحة للعامة، من بينها لوحة مختومة بعبارة «القوات الجوية الفرنسية»، ومنافض سجائر تحمل علامة مصنع «سيفر». وأسفرت عمليات التفتيش عن استعادة نحو 100 قطعة من منزله وسيارته وخزانته الشخصية، شملت خزف «سيفر»، وتمثالًا للفنان رينيه لاليك، وكؤوس شمبانيا من «باكارات»، وأواني طهي نحاسية. إجراءات قضائية ومحاكمة مرتقبة ومثل المتهم وشريكاه أمام المحكمة في 18 ديسمبر/كانون الأول، على أن تُعقد جلسة محاكمتهم في 26 فبراير/شباط المقبل. وذكرت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية، أن المحكمة فرضت عليهم إشرافًا قضائيًا صارمًا، ومنعتهم من التواصل مع بعضهم، أو التواجد في أماكن المزادات، أو ممارسة أنشطتهم المهنية خلال فترة التحقيق. وأُعيدت جميع القطع المستردة إلى قصر الإليزيه، في نتيجة اعتُبرت أفضل مقارنةً بقضايا أخرى لا تزال مفتوحة، مثل سرقة مجوهرات تاج تعود للقرن التاسع عشر من متحف اللوفر، تُقدّر قيمتها بنحو 88 مليون يورو، بعد عملية سطو جريئة في أكتوبر/تشرين الأول، رغم القبض على أربعة مشتبه بهم. ولم تكن هذه الواقعة معزولة، إذ تعرض كل من متحف التاريخ الطبيعي في باريس ومتحف الخزف في ليموج لعمليات سطو خلال سبتمبر الماضي، أسفرت عن سرقة ست قطع من الذهب الخالص بقيمة 1.5 مليون يورو، إلى جانب خزف صيني تُقدّر قيمته بنحو 6.55 مليون يورو. وفي أكتوبر، سُرقت قرابة 2000 قطعة نقدية من الذهب والفضة، بقيمة تقارب 90 ألف يورو، من متحف «ميزون دي لوميير» في لانجر، المخصص للفيلسوف الفرنسي دينيس ديدرو. اقرأ أيضًا| فرنسا.. «30 ثانية» كانت كافية لإيقاف سرقة متحف اللوفر