دعوى قضائية أثارت جدلا واسعًا في الولاياتالمتحدة لينتقل صداها إلى العديد من الدول التي تترقب وتتخوف بالفعل من دور تقنيات الذكاء الاصطناعي في السنوات الاخيرة وتأثيرها على الصحة النفسية والسلوك البشري بالإضافة لتورطها في عدد من الجرائم مؤخرًا حيث تتوالى الاتهامات الموجهة نحو برامج الدردشة بالتأثير السلبي على مستخدميها وخاصة ممن يعانون من أوهام أو اضطرابات نفسية خطيرة. منذ ايام قليلة اقام ورثة سيدة امريكية، 83 عاما، في ولاية كونيتيكت دعوى قضائية ضد شركة OpenAI وبرنامجها ChatGPT وكذلك مؤسسة Microsoft، ووجهوا اتهامات لبرنامج الدردشة الشهير بالتسبب في تراجع الحالة النفسية لابن السيدة لينتهي الامر بارتكابه جريمة قتل للتخلص منها ثم انتحر، واعتبرت العائلة أن ChatGPT هو المسئول عن تلك المأساة، وذلك بدلا من توجيه المستخدم بتقديم الدعم النفسي والنصح والمساعدة له، وتعد القضية من اخطر الدعاوى القضائية التي تربط بين خطورة برامج الذكاء الاصطناعي والجريمة التي تقود المستخدمين نحو نتائج مأساوية. هواجس نفسية وقعت الجريمة منذ اشهر قليلة وتحديدا في أغسطس 2025، عثرت الشرطة على جثة الضحية سوزان إيبيرسون آدامز، 83 عاما، مقتولة داخل منزلها في جرينيتش بولاية كونيتيكت، وكذلك عثرت على جثة ابنها شتاين-إريك سولبيرج،56 عاما، مسئول تنفيذي سابق في ياهو، والذي أقدم على الانتحار بعد ارتكاب جريمة قتل والدته، وتشير التحقيقات إلى أن الابن القاتل سولبيرج، وهو مسئول تنفيذي سابق في قطاع التكنولوجيا، كان يعاني هواجس ومعتقدات نفسية خطيرة قبل وقوع الحادث. أقام ورثة الضحية سوزان الدعوى في محكمة كاليفورنيا العليا، متهمين برنامج ChatGPT بأنه عزز أوهام الابن، وزاد من خطورتها بل وجعله يعتقد طوال الوقت أن الأشخاص المقربين منه يشكلون تهديدًا وخطرًا كبيرًا له، مما أسهم في دفعه لاتخاذ قراراته المأساوية، وتتهم الدعوى البرنامج بعدم التصدي للمحتوى النفسي أو توجيه المستخدم نحو دعم نفسي، بالإضافة إلى اتهام شركة OpenAI ورئيسها التنفيذي سام التمان بالتسرع في إطلاق تحديثات من برامج المحادثة الشهير بالتزامن مع توقيت وقوع الحادث دون التحقق من اختبارات السلامة، وتطرق الادعاء إلى مؤسسة مايكروسوفت ورئيسه التنفيذي بالإضافة إلى عدد من الموظفين والمستثمرين لاتهامهم بالموافقة على إصدار نسخة من ChatGPT في عام 2024 على الرغم من علمها بتقليص إجراءات السلامة الخاصة بالتحديث. مراقبة وعزلة تطرقت الدعوى إلى المزيد من التفاصيل؛ لتشير إلى أن البرنامج زاد من هواجس الابن سولبيرج ودفعه إلى الاعتقاد بكونه مراقب وأن والدته وأشخاص آخرين يشكلون تهديدًا له مما زاد من عزلة الابن واعتماده العاطفي على الذكاء الاصطناعي والتخطيط لجريمته. وصفت العائلة الام الضحية سوزان برمز استقرار عائلتها فهى معروفة بهدوئها ولطفها مع كل من يعرفها، قضت حياتها في دعم ابنها والعمل على تهدئته كلما مر بضغوط دون أن تعلم أن مخاوفه وقلقه منها يتزايد بشكل سري، وأن مصدر ثقته أصبح برنامجًا آليًا يقدم له إجابات، لم تستوعب الام حالته النفسية، كانت ترى بعض التغيرات، وفي نفس الوقت أكد ChatGPT هواجسه ومخاوفه بدلا من تهدئته لتتدهور حالته تدريجيا دون أن تتخيل الام حجم الصراع الداخلي الذي يعيش فيه ابنها لتنتهي حياتها على يده بشكل مأساوي داخل منزلها الذي تبلغ قيمته 2.7 مليون دولار. استشارات يومية جاء في الدعوى ايضا أن الابن مر بفترة من الاضطراب النفسي الحاد وكان يلجأ إلى ChatGPT ليفهم ويفسر ما يراه حوله، كان يشعر بقلق متزايد تجاه المواقف اليومية المعتادة فيلجأ لبرنامج الدردشة ليستشيره في أحداث يومية كان يفسرها بطريقة مضطربة ازدادت سوءًا في ظل غياب دعم نفسي متخصص، وأشارت الدعوى إلى ترسيخ البرنامج شعوره بالخطر ممن حوله والتسبب في تعميق العزلة التي عاشها قبل ارتكاب جريمته، ومن هنا بدأ سولبيرج في الاعتماد على البرنامج عاطفيًا بشكل كلي ودائم، وأصبح يمثل له الطرف الوحيد الذي يمكن الوثوق به، وفي الوقت نفسه، بدأ ينظر إلى والدته بنظرة ريبة وشك دمرت حياته. غضب الأسرة أشارت الدعوى إلى أن الأسرة طلبت من OpenAI السجل الكامل لمحادثات سولبيرج، لكن الشركة رفضت لأسباب تقنية وقانونية مما أثار غضب الورثة، وأضافت الدعوى: «شجع التطبيق اعتماده العاطفي، كان يصور من حوله كأعداء، أخبره أن والدته تراقبه، وأن أصدقاءه وسائقي التوصيل وموظفي المتاجر وضباط الشرطة، جميعهم يعملون ضده، وأن الأسماء المكتوبة على المشروبات الغازية تمثل تهديدات من دائرة خصومه»، وفي احدى المحادثات ادعى سولبيرج أن والدته وصديقتها حاولتا تسميمه بوضع مخدرات مهلوسة في فتحات تهوية سيارته، وجاءه الرد من البرنامج مجيبا: «إريك، أنت لست مجنون، وإذا فعلت والدتك وصديقتها ذلك، فهذا يزيد الأمر تعقيدًا وخيانة». دعاوى الآباء أصدرت شركة OpenAI المسئولة عن إصدار ChatGPT بيانًا رسميًا مؤكدة فيه الشعور بالحزن تجاه الحادث، وتعهدت بالعمل على تحسين قدرات برامج المحادثات الذكية وضرورة التعرف على حالات المرض النفسي وتوجيه المستخدمين إلى الدعم الواقعي من خلال الطرق المتاحة للصحة النفسية، كما أشارت إلى أن الشركة تعمل على تطوير آلياتها للحد من تعزيز المحتوى الضار ومعالجة المواضيع الحساسة بالمزيد من الاحترافية. تأتي الدعوى ضمن سلسلة من الدعاوى المرفوعة ضد OpenAI تتعلق بتأثير برنامج الدردشة الشهير على الصحة النفسية للمستخدمين، في اغسطس الماضي اقام زوجان من كاليفورنيا دعوى قضائية ضد شركة OpenAI بسبب وفاة ابنهما المراهق آدم رين، مؤكدين أن حسابه على برنامج ChatGPT شجعه على الانتحار. افكار انتحارية أقام الوالدان مات وماريا راين، والدا آدم رين، 16 عامًا، دعوى قضائية أمام المحكمة العليا في كاليفورنيا، تعد أول إجراء قانوني يتهم فيه OpenAI بالتسبب في وفاة جنائية، ولجأ الوالدان إلى سجلات المحادثات بين آدم، وصديقه الإلكتروني قبل وفاته في ابريل الماضي ، وعبر الضحية عن ملاحقته بأفكار انتحارية داخلية طوال الوقت وبدلا من تهدئته تسبب البرنامج بحصاره بأفكار أكثر ضررا وتدميرا لتقوده للانفجار بالفعل. جاء رد شركة OpenAI في بيان لها اشارت فيه بالقيام بمراجعة ملف الضحية بشكل كامل بعد تقديم التعازي لعائلة الضحية، وجاء في بيانها: « الحالات المؤلمة الأخيرة لأشخاص استخدموا تطبيق ChatGPT تُثقل كاهلنا، ويعد التطبيق مُدرب على توجيه الأشخاص لطلب المساعدة المتخصصة مثل خط المساعدة للانتحار والأزمات في دول عديدة. ايذاء نفسي بحسب الدعوى القضائية، بدأ آدم باستخدام تطبيق ChatGPT في سبتمبر 2024 كمورد لمساعدته في واجباته المدرسية، كما كان يستخدمه لاستكشاف اهتماماته، وللحصول على إرشادات حول ما يجب دراسته في الجامعة، ولكن في غضون بضعة أشهر، أصبح تطبيق ChatGPT أقرب صديق له، وبدأ في التعبير عن قلقه ومعاناته النفسية، وبحلول يناير 2025، قالت العائلة إنه بدأ يناقش أساليب الانتحار مع ChatGPTكما قام بتحميل صور لنفسه تظهر علامات إيذاء النفس، وادرك البرنامج بالفعل وجود حالة طبية ونفسية طارئة، لكنه استمر في التعامل معها بطريقته المعتادة. يشير الخبراء النفسيون إلى أن تلك البرامج تجد انجذابًا من نوعية المستخدم الضعيف نفسيًا، حيث يلجأ بعض الأفراد في لحظات ضعفهم إلى أدوات رقمية للحديث عن مخاوفهم، وقد يعتبر البعض أن برامج الذكاء الاصطناعي بمثابة صديق يمكن الوثوق به، وتسبب تلك العلاقة في تزايد مخاوفهم دون ان تقودهم نحو التهدئة أو توجيههم نحو مختصين في الصحة العقلية. اقرأ أيضا: كيف يحاكم الذكاء الاصطناعي على جرائم القتل؟.. تفاصيل